د. أحمد النايف: كلنا شركاء
تتشابك مشكلات منطقة الشرق الأوسط وتزداد تعقيداً ويتضح أكثر فأكثر أن الدور الإيراني أصبح محورياً وأن أي حل سياسي يصعب أن يقفز فوقه أو يتجاوز مصالحه. لم تكن إيران قط بعيدة عن مشكلات المنطقة وفتنتها التي تطل برأسها علينا، لكن حضورها يزداد وأوراقها تتعدد وتتنقل بيُسر بين المصلحة والمبدأ لتعود إلى المصلحة من باب المبدأ.
يستند هذا الدور الإيراني إلى بقايا روسيا وارثة الاتحاد السوفييتي ولأدوار وأوراق ضغط خارجية، وإلى التناقضات الغربية التي تحسن طهران اللعب عليها وبها، وإلى مخزون تاريخي من صراع أهل السنة والشيعة أصبحت إيران الفارسية تقود طرفه العربي للأسف الشديد.
نجحت طهران في الإمساك بعدد من النقاط الاستراتيجية على الأرض. فحزب الله في لبنان قوة ذات حضورين: سياسي وعسكري وهو لاعب إقليمي، ونظام بشار الأسد هو حليف يمسك بدور سورية الجغرافي والتاريخي ويضيف للنفوذ الإيراني موطئاً محتفظاً لنفسه بقدر من الاستقلالية لكنه سقط مع الحرب الأهلية التي تدور رُحاها بشراسة وتمدها طهران وأذرعها بكل أسباب الصمود.
لم يقتصر الحضور الإيراني على لبنان وسورية بل هو يتمركز في العراق ممسكاً بأوراق السلطة الدينية والسياسية والنفط وما خلفته مرحلة الاحتلال الأميركي واعدام الرئيس صدام حسين من دمار في البنى والعلاقات الوطنية.
إيران إذن لاعب إقليمي موجود على الأرض ويمسك أوراقاً ذات حضور. يواجه إيران مركزية القيادة عالم عربي ممزق خرجت فيه مصر من دورها التاريخي وأحلامها وانحازت فيه سورية لطهران ولم يبقَ بعد الربيع وخروج ليبيا ومعمر القذافي غير المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة. قطر حققت نصف انسحاب بتغيير الحكم والسلطة وتوريثها بهدوء مكتفية بجزيرتها النفطية وجزيرتها الإعلامية، وبقيت السعودية تواجه المشروع الإيراني بكل أبعاده وأدواته وحيدة لا تستطيع التخلي وتخشى الاستمرار.
واقع عظيم التمزق، نقاط قوته إيرانية، ونقاط صعفه وتوزيع مغانمه عربية، ويقتتل ما تبقى من سقط العرب على ما تبقى من عظام الثور. أما اللحم فقد تقاسمته المصالح والمذابح باسم الحرية والديمقراطية.
وتلك هي الأيام نداولها بين الناس.