بعد أن كانت الحكومة تقدم عمليات قطع القناة الدافقة مجاناً، اضطرت الجمهورية الاسلامية الايرانية إلى عكس سياستها الإنجابية مدفوعة بالقلق من تقلص عدد السكان، وذلك لحماية القطاع الاقتصادي والعسكري من التراجع.
ان تتجه إيران إلى حظر عمليات قطع القناة الدافقة للرجال وغيرها من وسائل منع الحمل للجنسين، وذلك بهدف تشجيع الإنجاب وزيادة عدد السكان.
ويشعر المسؤولون بالقلق من تأثير تراجع معدل المواليد، فانكماش عدد السكان لا يؤدي فقط إلى التراجع الاقتصادي بل أيضاً العسكري!
أنجبوا أكثر لدعم القوة العسكرية
خلال الشهر الماضي، أطلق أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، وهو مسؤول ملف المفاوضات النووية لبلاده، حملة ملصقات تحمل شعار "انخفاض عدد السكان يساوي الانخفاض في القوة العسكرية".
وقبل أيام قليلة، قال أحد رجال الدين على شاشة التلفزيون إن الإيرانيين يجب أن يبدأوا بإنجاب الأطفال على الفور، على أن يكون عدد المواليد مرتبطًا بالأرقام المقدسة في الطائفة الشيعية مثل رقم 8 (الإمام الرضا) أو الرقم 12 (الأئمة) أو 14 (المعصومين). وقال آية الله محمد حسيني: "نحن لا نقبل بأقل من خمسة أطفال. لذلك، ابدأوا من الليلة العمل على إنجاب 5، 8، 12 أو 14 طفلاً.
وإن شاء الله هذا سيكون صفعة كبيرة في وجه ثقافة الطفل الواحد المقيتة".
الاقتصاد قبل الأولاد
هذه التصريحات لاقت نقاشاً حاداً سواء في البرلمان ووزارة الصحة وعيادات قطع القناة الدافقة الخاصة، وأيضاً في سيارات الأجرة حيث يطلق الناس النكات على السياسة الجديدة التي يعتبرها المسؤولون "حلاً سحرياً لمشاكل إيران".
الزعيم الايراني الأعلى آية الله علي خامنئي قال سابقاً ان ايران قادرة على مضاعفة عدد سكانها إلى 150 مليون نسمة، ووصف في العام 2012 الجهود السابقة للحد من عدد السكان بـ "الممارسة الخاطئة".
لكن العديد من الإيرانيين اليوم أقل استعداداً لإنجاب المزيد من الأطفال، لا سيما في ظل الموارد المالية والمعيشية المحدودة، فهم يكافحون بالفعل بسبب الاقتصاد المتضرر من جراء العقوبات وسوء الادارة المزمن.
في حديث لصحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"، قال طبيب ايراني أجرى 9000 عملية قناة دافقة في المرافق الحكومية ان معظم الناس لا يرغبون بإنجاب المزيد من الأطفال.
وأضاف: "في الأحياء الفقيرة والغنية على حد سواء، يقول الناس انهم لا يحبذون سياسات الأسرة الكبيرة لأنهم يخططون للمستقبل".
وأشار إلى أن وقف الدعم الحكومي لعمليات قطع القناة الدافقة جعل الكثير من الايرانيين عاجزين عن إجراء هذه العملية المكلفة، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع حالات الإجهاض غير المشروع لدى النساء.
"الناس لن يقبلوا بهذا. على الحكومة أن تعمل أولاً على بناء البنية التحتية والمنازل ودعم الاقتصاد ثم تقرر زيادة السكان. اذا استمر هذا الوضع، نحن ذاهبون الى أزمة أخرى".
انقطاع الدعم الحكومي عن وسائل تحديد النسل
في العامين الماضيين، تم قطع الكثير من الدعم الحكومي عن وسائل تحديد النسل كما تحولت صفوف تحديد النسل الإلزامية إلى صفوف "الزواج والأسرة" التي تشدد على ضرورة إنجاب المزيد من الأطفال.
جنباً إلى جنب مع حظر عمليات قطع القناة الدافقة وعمليات العقم الأخرى في المرافق الحكومية، تقول الايرانيات ان حبوب منع الحمل الأجنبية الصنع يكاد يكون من المستحيل العثور عليها، في حين أن الإنتاج المحلي أكثر تكلفة من ذي قبل.
ويقول الاطباء الذين يعملون في المرافق الحكومية ان قرار حظر عمليات قطع القناة الدافقة هو عبارة عن "خطوة تصحيحة" لأن الكثير من الرجال يتخذون القرار بدون تفكير، ثم يطالبون لاحقاً بعكس العملية. - وطن يغرد خارج السرب