آخر تحديث للموقع :

السبت 10 رمضان 1444هـ الموافق:1 أبريل 2023م 12:04:16 بتوقيت مكة

جديد الموقع

موقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة رضي الله عنهما من ولادة الحسين رضي الله عنه ..

عدد مرات القراءة:
2870
إرسال لصديق طباعة
الخميس 27 شعبان 1435هـ الموافق:26 يونيو 2014م 08:06:19 بتوقيت مكة
رافضي 
إن من السهل علينا في أمثال هذا المقام اللجوء إلى الأسلوب الوهابي في الفرار، فنقول مثلا إن هذه الروايات غير صحيحة سندا، وهي ساقطة إذ ذاك. لكننا نربأ بأنفسنا أن ننزل إلى هذا الأسلوب، حيث إنه وبغض النظر عن مناقشة مدى صحة السند ووثاقته؛ فإنه لا تنقصنا الأجوبة على أمثال هذه الشبهات، سيما وأننا كما أوضحنا مرارا نميل إلى الاعتبار بكل رواية قدر الإمكان ونلتمس لها المحامل دون فحص السند بالضرورة إلا في ما يترتّب عليه حكم تكليفي تعبّدي، وذلك تورّعا عن ردّ قول المعصوم عليه السلام.
إن اليهود والنصارى يقولون: إن قرآن المسلمين ورد فيه أن الله "ماكر"! فهل تصح عبادة إله ماكر؟! وهل يمكن أن يكون هذا دينا صحيحا؟!

ونحن المسلمون نقول في جوابهم: ما أجهلكم! إن ما ورد في كتاب الله سبحانه إنما هو من معاريض الكلام وينبغي على المدقق أن يفهم معناه دون أن يتوقّف عند اللفظ فقط، فالآية الشريفة هي: "وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الأنفال: 30) وهكذا نرى أن مكر الله جاء في قبال مكر الكافرين كمجازاة، فهو رد للعمل من جنسه، صيغ في تعبير مجازي القصد منه تبيان أن الكافرين مهما مكروا فلن يتغلبوا على الله تعالى، لأنه سيرجع مكرهم إليهم. وقد قال الله تعالى: "والله خير الماكرين" ولم يقل: "والله شر الماكرين"! ولهذا تروْن أن كهنتكم فهموا هذا المعنى ولم يجدوا فيه شناعة، فقد ورد في قاموس (المنجد) المعدّ من رجال دينكم في الكنيسة الكاثوليكية في لبنان ضمن مادة (مكر) أن معنى "مكر الله" هو: "يجازي على المكر". فكيف غاب عنكم ذلك؟ أو بالأحرى: لماذا غيّبتموه عمدا عن أذهانكم؟!

وهكذا ترى أقران اليهود والنصارى من النواصب يتبّعون الأسلوب ذاته، فيركزون على الألفاظ دون جواهرها، وعلى العبارات دون معانيها، وما ذلك إلا أملا منهم في في التشنيع على أئمتنا (صلوات الله عليهم) وشيعتهم الأبرار. وهذا هو دليل نصبهم.
عن الرواية الثالثة: إن إشكالهم يمتد أيضا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لو سلّمنا بفهمهم السقيم للرواية! لأنه رفض ذلك المولود الذي ستقتله أمته من بعده وقال: "لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي". فالإشكال إذن ليس منحصرا بالزهراء (صلوات الله عليها). ولو كان هؤلاء النواصب يعقلون لما أشكلوا بهذا الإشكال لأن الرواية نفسها تنفي ما ادّعوه، فقد عبّر النبي (صلى الله عليه وآله) عن رضاه بعدما أبلغه الله تعالى بما سيحبو به الحسين (عليه السلام) جزاءً لتضحيته، وكذلك فعلت الزهراء (صلوات الله عليها) إذ قال كلٌّ منهما: "قد رضيت". فأين ما يزعمون من أن الزهراء كانت كارهة بعدما أبدت رضاها؟! وهل يقول عاقل بأن ترتّب المعنى يكون على السابق دون اللاحق الذي ينسخه؟! على أن من عنده ذرة من عقل يفهم أن المعنى من هذه الرواية ليس الاعتراض على القضاء والقدر كما يزعمون، ولا كراهية ميلاد الحسين عليه السلام، كيف وقد فرح به على السواء رسول الله والزهراء وأمير المؤمنين صلوات الله عليهم، وإنما المعنى كراهية قتل الحسين (صلوات الله عليه) وتعرّضه وأهل بيته وانصاره إلى تلك الفجائع من الأمة التي تدّعي سيرها على هدي جدّه! والكراهية إنما هي شعور ذاتي، لا يستلزم بالضرورة اعتراضا على قضاء وقدر. أرأيت لو أصاب أحدا من الوهابيين مرض السرطان أو الإيدز، أكان بوسعه أن يقول أنه "يحب" هذا المرض بعينه لنفسه؟! لو قالها لأظهر أنه كالحمار يحمل أسفارا! إذ لا يقول بذلك عاقل، وإنما بوسعه أن يقول أنه يكره هذا المرض لنفسه ولغيره، لكنه يسلم بقضاء الله تعالى، فيرى هذا البلاء جميلا. وأما الآية الشريفة وتأويلها، فيتضح مما سبق، وهو أن القرآن قمة في البلاغة والتصوير الأدبي الفائق، لذا استلزم ذلك ذكر هذا التعبير المجازي. والأمر بمجمله أيضا هو نوع إرسال إشارات إلى الغير، فلا نسلّم بوقوع هذه المحاورات بين رسول الله وجبريل والزهراء (عليهم السلام) على وجه القصد الحقيقي، وإنما هي من باب: "إياك أعني واسمعي يا جارة".
 
اسمك :  
نص التعليق :