القول بأن أئمة السنة كإسحاق بن راهوية وأحمد بن حنبل والبخاري والنسائيوابن حجر قالوا أنه لم يصح في فضل معاوية حديث
وقال ص91 ((معاوية والشام... ))
ذكر عن أئمة السنة إسحاق بن راهوية وأحمد بن حنبل والبخاري والنسائي، ثم ابن حجر، ما حاصله أنه لم يصح في فضل معاوية حديث
أقول: هذا لا ينفي الأحاديث الصحيحة التي تشمله وغيره، ولا يقتضى أن يكون كل ما روي في فضله خاصة مجزوماً بوضعه. وبعد ففي القضية برهان دامغ لما يفتريه أعداء السنة على الصحابة وعلى معاوية وعلى الرواة الذين وثقهم أئمة الحديث، وعلى أئمة الحديث، وعلى قواعدهم في النقد
أما الصحابة رضي الله عنهم ففي هذه القضية برهان على أنه لا مجال لاتهام أحد منهم بالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن معاوية كان عشرين سنة أميراً على الشام وعشرين سنة خليفة، وكان في حزبه وفيمن يحتاج إليه جمع كثير من الصحابة منهم كثير ممن أسلم ويوم فتح مكة أوبعده وفيهم جماعة من الأعراب وكانت الدواعي إلى التعصب له والتزلف إليه متوفرة فلوكان ثم مساغ لأن يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم أحد لقيه وسمع منه مسلماً لأقدم بعضهم على الكذب في فضل معاوية وجهر بذلك أما أعيان التابعين فينقل ذلك جماعة ممن يوثقهم أئمة السنة فيصح عندهم ضرورة. فإذا لم يصح خبر واحد ثبت صحة القول بأن الصحابة كلهم عدول في الرواية وأنه لم يكن منهم أحد مهما خفت منزلته وقوي الباعث له محتملاً منه أن يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم
وأما معاوية فكذلك، فعلى فرض أنه كان يسمح بأن يقع كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ما دام في فضيلة له وأنه لم يطمع في أن يقع ذلك من أحد غيره ممن له صحبة، أوطمع ولكن لم يجده ترغيب ولا ترهيب في حمل أحد منهم على ذلك فقد كان في وسعه أن يحدث هوعن النبي صلى الله عليه وسلم فقد حدث عدد كبير من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بفضائل لأنفسهم وقبلها منهم الناس ورووها وصحتها أئمة السنة. ففي تلك القضية برهان على أن معاوية كان من الدين والأمانة بدرجة تمنعه من أن يفكر في أن الكذب أويحمل غيره على الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم مهما اشتدت حاجته إلى ذلك. ومن تدبر هذا علم أن عدم صحة حديث عند أهل الحديث في فضل معاوية أدل على فضله من أن تصح عندهم عدة أحاديث وأما الرواة الذين وثقهم أئمة الحديث فقد كان من حزب معاوية والموالين له عدد منهم كان في وسعهم أن يكذبوا على بعض الصحابة الذين لقوهم ورووا عنهم فيرووا عنه حديثاً أوأكثر في فضل معاوية / وينشروا ذلك فيمن يليهم من الثقات فيصححه أهل الحديث فعدم وقوع شيء من ذلك يدل على أن الرواة الذين يوثقهم أئمة الحديث ثقات في نفس الأمر
وأما أئمة الحديث فهم معروفون بحسن القول في الصحابة عامة وخصوصهم ينقمون عليهم ذلك كما تراه في فصل عدالة الصحابة من كتاب أبي رية، ويرمونهم بالنصب ومحبة أعداء أهل البيت والتعصب لهم. وتلك القضية براءة لهم فلوكانوا من أهل الهوى لأمكنهم أن يصححوا عدة أحاديث في فضل معاوية، أويسكتوا على الأقل عن التصريح بأن كل ماروي في ذلك غير صحيح
وأما قواعدهم في النقد فلا ريب أن نجاحها في هذا الأمر- وهومن أشد معتركات الأهواء- من أقوى الأدلة على وفائها بما وضعت له
وأما الشام فلا ريب أن الموضوعات في فضلها كثيرة ولكن ليس من الحق في شيء أن تعد دلالة الخبر على فضلها دليلاً على وضعه، فإن فضلها ثابت بالقرآن، وكذلك الحال في بيت المقدس قال الله تعالى (17: سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) وأخبر الله عزوجل عن الشام بقوله (الأرض التي باركنا فيها) اقرأ (136:7) و(71:21 و81) وبقوله (81:34 القرى التي باركنا فيها). وكذلك من الباطل أن تعد دلالة الخير على أمر بأنه سيقع دليلاً علىوضعه ما دمنا نؤمن بأن محمداً رسول الله يطلعه الله من غيبه على ما يشاء، فأما أن يكون مثل هذا مما يسترعى النظر ليبحث عن الخبر من جهة إسناده وما يتصل به ليحكم عليه بحسب ذلك فلا بأس، وحديث ((الخلافة بالمدينة والملك بالشام)) رواه هشيم (وهوثقة يدلس) عن العوام بن حوشب (وهوثقة) عن سلميان بن أبي سليمان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى لاله عليه وسلم أخرجه الحاكم في المستدرك 72:3 وقال ((صحيح على شرط مسلم)) تعقبه الذهبي فقال ((سليمان وأبوه مجهولان)) وهوفي فتح البخاري 3/ 2/ 17 ذكر الجملة الأولى فقط
وقال ص94 ((أصل فرية الأبدال))
أقول: سترى الكلام على تلك الأخبار في موضوعات الشوكاني وتعليقي عليه إن شاء الله
قال ((روى الواقدي أن معاوية لما عاد من الشام... ))
/ أقول: كرهت إثبات الخبر لفرط سماجته، وأبورية يتظاهر بالشكوى من الموضوعات ثم يحتج بهذا الموضوع الذي إن لم يكن كذباً فليس في الدنيا كذب. أما سنده فعزاه أبورية إلى شرح النهج لابن أبي الحديد، وابن أبي الحديد حاله معروفة، ولا ندري ما سنده إلى الواقدي بل أكاد أقطع أن الواقدي لم يقل هذا وأما الخبر نفسه فكذب مكشوف لا يخفى على من يعرف معاوية وعقل معاوية ودهاء معاوية وتحفظ معاوية ولومعرفة بسيطة، وقد تقدم ما علمت
وقال ص11 ((كيف استجازوا وضع الأحاديث...))
ثم قال ((أخرج الطحاوي في المشكل عن أبي هريرة...))
أقول لم أظفر به في مشكل الآثار للطحاوي المطبوع، وإنما عزي في كنز العمال 323:5 إلى الحكيم الترمذي، وقد ذكر أبورية هذا الخبر من مصدر آخر ص164 كما ذكر الخبرين الذين عقبه وسأنظر في ذلك هناك إن شاء الله تعالى ويتبين براءة أبي هريرة منها كلها
وقال ص12 ((الوضاع الصالحون....... وقالوا نحن نكذب لا عليه. وإنما الكذب على من تعمده
أقول قوله ((وإنما الكذب على من تعمده)) ليست من قولهم ولا تتعلق بهم وقال ص 14 الوضع بالإدراج إلى أن قال في حديث الكسوف وهوفي الصحيح إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته - فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة.. قال العراقي هذه الزيادة لم يصح نقلها فوجب تكذيبب قائلها))
أقول تحصل من كلامه أن ((فإذا رأيتم الخ)) طعن فيها العراقي وقال ما قال. وهذا من تخليط أبي رية إنما الكلام في زيادة أخرى وقعت عند ابن ماجه لفظها ((إن
الله إذا تجلى لشيء خشع له)) والطاعون فيهاهوالغزالي لا العراقي راجع توجيه النظر ص172 وفتح الباري 445:2 وبهذا وغيره يتبين أن أبا رية غير موثوق بنقله. ولم أتمكن من مراجعة جميع مصادره مع أنه كثيراً ما يهمل ذكر المصدر. وإنما ذكرت هذا لئلا يغتر بسكوتي عن بعض ما ينقله ثم قال ((هل يمكن معرفة الموضوع؟ ذكر المحققون أموراً كلية..... ))
/ أقول كان عليه أن ينص على من ذكر هذه الأمور ويبين مصدرها. ومن الأمور التي ذكرها مايحتاج إلىبيان وإيضاح ومخالفة ظاهر القرآن قد تقدم ما يتعلق بها ص14. والاشتمال على تواريخ الأيام المستقبلة علامة إجمالية تدعوإلى التثبت لكثرة ماوضع في هذا الباب، وإلا فقد أطلع الله تعالى رسوله علىكثير من الغيب وأخبره به، وتجارب العلم الثابتة، إنما يعتد بها إذا كانت قطعية وناقضت الخبر مناقضة محققة ولعله يأتي ما يتعلق بها
وقال ص15 ((وأخرج البيهقي بسنده.... ))
أقول لم يبين أبورية من كتاب أخذ هذا الأمر، وأحسب البيهقي نفسه قد بين سقوطه من جهة السند، أما المتن فسقوطه واضح، راجع ص14
وذكر ص15 ((هل يمكن معرفة الموضوع بضابط)) ثم ذكر ص16 ((للقلب السليم إشراف الخ))
أقول: ينبغي مراجعة الأصول التي نقل عنها
ابن راهويه شيخ محمد بن اسماعيل البخاري صاحب الصحيح يقول إنه لم يثبت في فضل معاوية حديث
الـجواب:
فلا يثبت عنه ، فقد أخرج الحاكم كما في السير للذهبي (3/132) والفوائد المجموعة للشوكاني ( ص 407) عن الأصم أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم حدثنا أبي ، سمعت ابن راهوية فذكره. و في الفوائد : سقطت ( حدثنا أبي ) ، و هي ثابتة فالأصم لم يسمع من ابن راهوية.
قلت : يعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابوري والد الأصم مجهول الحال ، فقد ترجمة الخطيب في تاريخه (14/286) فما زاد على قوله : قدم بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهوية ، روى عنه محمد بن مخلد.
ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وله ذكر في ترجمة ابنه من السير (15/453) ولم يذكر فيه الذهبي أيضاً جرحاً ولا تعديلاً ، وذكر في الرواة عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ولم أجده في الجرح والتعديل ، ولا في الثقات ابن حبان.
و بهذا فإن هذا القول ضعيف لم يثبت عن إسحاق بن راهوية رحمه الله.