أشهد أن علي ولي الله
يقول التيجاني ((سألت السيد الصدر عن الإمام علي، ولماذا يشهدون له في الأذان بأنّه ولي الله؟! أجاب قائلاً: أنّ امير المؤمنين علياً سلام الله عليه وهوعبد من عبيد الله الذين اصطفاهم الله وشرّفهم ليواصلوا حمل أعباء الرسالة بعد أنبيائه وهؤلاء هم أوصياء الأنبياء، فلكل نبي وصي وعلي بن أبي طالب وصيّ محمد، ونحن نفضّله على سائر الصحابة بما فضّله الله ورسوله ولنا في ذلك أدلّة عقلية ونقلية من القرآن والسنة وهذه الأدلّة لا يمكن أن يتطرّق إليها الشك لأنها متواترة وصحيحة من طرقنا وحتى من طرق أهل السنة والجماعة، وقد ألّف في ذلك علماؤنا العديد من الكتب، ولمّا كان الحكم الأموى يقوم على طمس هذه الحقيقة ومحاربة أمير المؤمنين علي وأبنائه وقتلهم، ووصل بهم الأمر إلى سبّه ولعنه على منابر المسلمين وحمل الناس على ذلك بالقهر والقوّة، فكان شيعته وأتباعه رضي الله عنه يشهدون أنّه ولي الله، ولا يمكن للمسلم أن يسّب ولي الله وذلك تحدّياً منهم للسلطة الغاشمة حتى تكون العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وحتى تكون حافزاً تاريخياً لكل المسلمين عبر الأجيال فيعرفون حقيقة علي وباطل أعدائه، ودأب فقهاؤنا على الشهادة لعلي بالولاية في الأذان والإقامة استحباباً، لا بنيّة أنها جزء من الأذان أوالإقامة فإذا نوى المؤذن أوالمقيم أنها جزء بطل أذانه وإقامته (!) والمستحبات في العبادات والمعاملات لا تحصى لكثرتها والمسلم يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها)) (1)، قلت:
__________
(1) ثم اهتديت ص (56، 57).
1ـ إدعاؤه أنّ الشهادة لعلي بالولاية في الأذان والاقامة أمراً مستحباً فباطل، لأن الاستحباب هو((الفعل المقتضى شرعاً من غير لوم على تركه)) (1)، أي ((ما ثبت طلبه شرعاً طلباً غير جازم)) (2)، وهذا ما يعترف به الاثنا عشرية فيقول جمال الدين الحلِي في كتابه (مبادئ الوصول إلى علم الأصول) وهويقسم الأحكام التكليفية ((فإن كان فعله راجحاً في الشرع: فهوالمستحب والمندوب والنفل والتطوع والسنة)) (3)، إذن لا بد أن يستحبه الشارع حتى يصبح مندوباً ومستحباً، فأين الدليل من الشرع على استحباب تخصيص عليّ بالولاية بالأذان والاقامة؟ الجواب لا دليل! فتصبح هذه الشهادة بدعة مستحدثة شرعاً لا يجوز العمل بها، أما قول السيد الصدر: أنه إذا نوى المؤذن أوالمقيم أنها جزء بطل أذانه واقامته فهوقول عجيب، لأن الإمام آية الله العظمي (!) السيد محمد الشيرازي ـ من علماء الإمامية ـ يقول في كتابه (المسائل الاسلامية) ((الظاهر أن (أشهد أن علياً ولي الله) جزء من الأذان والاقامة (!!) وقد أشير إلى ذلك في الروايات في الجملة)) (4)، فكيف يبطل الأذان والاقامة، مع أن الظاهر أنها جزء من الأذان، ويأتي السؤال الثاني، فأين الدليل على أنها جزء من الأذان؟!
__________
(1) البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين للجويني جـ1 ص (214).
(2) الحكم التكليفي في الشريعة الإسلامية لمحمد البيانوني ص (162).
(3) مباديء الوصول للحلي ص (84).
(4) المسائل الإسلامية للشيرازي ص (281) المسألة رقم (928).
2ـ وحتى أثبت لطالب الحق بطلان هذه الشهادة المستحبة أوالواجبة! وأبين أنّ أهل السنة هم أهل الاتباع الحقيقي للكتاب والسنة، أسوق رأي إمام المحدثين ـ عند الرافضة الاثني عشرية ـ ابن بابويه القمي في هذه المسألة، وذلك في واحد من أربعة كتب تمثل أصول الشيعة الاثني عشرية وفروعها ... فيقول في كتابه (من لايحضره الفقيه) ((وروى أبوبكر الحضرمي وكليب الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه حكى لهما الأذان فقال: الله اكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد ان محمداّ رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، حي على خير العمل، حي على خير العمل، الله اكبر الله اكبر، لا إله إلا الله، والإقامة كذلك ولا بأس ان يقال في صلاة الغداة على أثر حي على خير العمل الصلاة خير من النوم مرتين للتقية (1). وقال مصنف هذا الكتاب: هذا هوالأذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان محمد وآل محمد خير البرية مرتين، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن علياً ولي الله مرتين (!؟!)، ومنهم من روى بدل ذلك أشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً مرتين، ولا شك في أن علياً ولي الله وأنه أمير المؤمنين حقاً وأن محمداّ وآله صلوات الله عليهم خير البرية، ولكن ذلك في أصل الأذان، وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض المدلسون أنفسهم في جملتنا))!!؟ (2)، فأي حق أبلج وباطل لجلج أوضح من ذلك؟ ومزيداً من دلائل الهداية يا تيجاني.
__________
(1) تأمل ما هومعنى التقية عندهم؟!.
(2) من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي جـ1 ص (29) ـ باب ـ في الأذان والإقامة وثواب المؤذنين ط. دار الأضواء بيروت وراجع جـ1 ص (188) ط. طهران.