ثم لتسألن يومئذ عن النعيم
وادعى في الهامش (24/ 65) وجود عدة طرق في ذلك من صحاحهم- زعم- ومن طريق أهل السّنّة، وهي دعوى كسابقاتها لا تخلومن تدليس وغشّ بل وكذب وافتراء، ثم انظر إلى هذا التناقض في استشهاده فمرّةً يقول إنها الأمانة المذكورة في الآية السابقة، ومرة يقول انها النعيم، فبالله عليك إن كأنت ولايتهم نعيما فلم أعرضت عنها السموات والأرض والجبال وأَبين أن يحملنها وأشفقن منها، مع العلم ان الله سبحانه وتعالى لم يُعب ذلك عليهم ولم يوبخهم عليه، ولوكأنت ولايتهم نعيماً كما زعم لاقتضى ذلك جهلهم وعيب الله لهم بذلك، بل أكثر من هذا وصف الله الأنسان بالجهل والظلم حين رضي بالأمانة، فإن كأنت هي ولايتهم وهي النعيم أفيصحّ أن يصف الله سبحانه الأنسان بالجهل والظلم حين يرضى بالنعيم؟
فبالله ماذا يفعل الجهل بأصحابه، وكيف يفضحهم؟
ثم هذه كتب التفسير عموما وكتب أسباب النزول ككتاب الواحدي وكتاب السيوطي وغير ذلك من الكتب التي تروي الصحيح وغيره، بل بعضها فيها حتى الموضوع، ومع ذلك ليس في أي منها اي ذكر لما ادعاه مما يؤكد بطلانه.
بل رووا أنها نزلب في قبيلتين من الأنصار تكاثروا في عددهم من الأحياء ثم ذهبوا إلى المقابر فتكاثروا بها فنزلت {ألهاكم التكاثر ... } الأيات، رواه ابن أبي حاتم عن بريدة- (ابن كثير) (4/ 544)، (أسباب النزول- للسيوطي) (ص183) - وقيل نزلت في حيين من قريش- كما عند الواحدي (ص341) - وهذه الآثار وإن كأنت لا تثبت إلا أنها أحسن حالاً مما ادعاه. وروى الترمذي (4/ 218)، وابن جرير في (تفسيره)، وابن أبي حاتم- (ابن كثير) (4/ 545) - عن علي رضي الله عنه قال: ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر} وقال التزمذي: حديث غريب .. قلت: والسورة مكية وقد نزلت جملةً واحدة ولا يمكن تقطيعها وجعل بعضها خاص في سبب معيّن. والصحيح ان معنى قوله تعالى {ثم لتُسألنّ يؤمئذٍ عن النعيم} أي ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك ما اذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته. وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صَلّى الله عليه وسلّم أكل مرة رطباص وشرب ماءا ومعه أصحابه- أبوبكر وعمر- وكان قد أخرجهم الجوع فقال: (لتسألن عن هذا يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا، فهذا من النعيم). أخرجه الإمام أحمد (3/ 338، 351، 391) ومسلّم (238) والنسائي (6/ 246) والطبراني في (الكبير) (567، 568، 569، 57، 571، 572) وابن جرير (3، 285 - 287)، وابن أبي حاتم وأبويعلى- (ابن كثير) (4/ 545 - 546) - عن عدد من الصحابة- ابن عباس وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وعمر بن الخطاب- فهذا تفسير رسول الله صَلّى الله عليه وسلّم لهذه الآية وبيان المراد منها، قارن معه ما ادعاه هذا الموسوي في هذه الآية.
وأصرح من ذلك ما أخرجه الإمام أحمد (1/ 164) والترمذي (4/ 218) وابن ماجة (4158) عن عبد الله بن الزبير قال: قال الزبير لما نزلت {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} قالوا يا رسول الله أي نعيم نسأل عنه وإنما هما الأسودان التمر والماء، قال: (إن ذلك سيكون)، وقال الترمذي: حديث حسن.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video