آخر تحديث للموقع :

الأحد 8 ذو القعدة 1444هـ الموافق:28 مايو 2023م 12:05:51 بتوقيت مكة

جديد الموقع

ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم ..

ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم

قلت: أفتراهم هم وحدهم المؤمنين دون سواهم؟ أفتراهم وحدهم المتبعون للرسول دون سواهم حتى تقصر لفظ الآية عليهم؟ هذا لعمري من أفسد الإستدلالات، بل يمكن للمنازع له ان يستدل بها أيضاً أوبمثلها، ثم ان قوله تعالى {ويتبع غير سبيل المؤمنين} ملازم للصفة التي قال عنها {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى} فصارت كلاهما شيئاً واحداً وهومشاققة الرسول صَلّى الله عليه وسلّم والإبتعاد عن شرعه.

وبعد ذلك لا يتم الإستدلال بها وهي بهذا المعنى، فكأنه يريد أن يستدل على أهل السّنّة بقوله تعالى- مثلا- {ومن يعصِ الله ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله ناراً خالداً فيها} فمن قال ان أهل السّنّة عاصون لله ورسوله؟ وهكذا هنا أيضاً من قال انهم مشاقّون للرسول ومتّبعون غير سبيل المؤمنين؟ وبهذا يتبين وجه فساد احتجاجه بهذه الآية. أما عزوه- في الهامش- لابن مردويه في تفسير الآية ان المراد بمشاقة الرسول هنا إنما هي المشاقة في شأن عليّ وان الهدى في قوله {من بعد ما تبين له الهدى} إنما شأنه عليه السّلام، فهذا مما لا سبيل له إلى إثباته والا فيذكر لنا موضعه وليسق لنا سنده، ويبدوانه لا يستحي من الكذب فتفسير ابن مردويه لم يطبع إطلاقاً ولا يمكن الوصول اليه عن طريق التفاسير الأخرى وحتى هذه لا تغني شيئاً ان لم تورد مع ما تنقله منه الإسناد الذي رواه به ابن مردويه، فإن كان هذا ما فعله الموسوي هنا فلم يبين من أين نقل ما نقله وعزاه لابن مردويه، أيستحي من ذلك فكتمه؟ أم هوالتدليس والغش والإيهام كما هوشأنه مطلقاً؟

وهذا أيضاً على ما زعم من إخراج العياشي (؟) في تفسيره، مع انه من تفاسير الشيعة لا أهل السّنّة وقد جاء في سبب نزول هذه الآية مع آيات اخر خلاف ذلك، وهوالثابت في تفسيرها، فقد جاء في سبب نزول الآيات (15 - 116) من سورة النساء، ومن قوله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً} إلى قوله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشركَ به ويَغفرُ ما دون ذلكَ لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً} اي بعد الآية المذكورة بآية، ما أخرجه الترمذي (3/ 93) والحاكم (4/ 385 - 388) وابن جرير (5/ 82 - 84) وغيرهم انها نزلت في سارق بني أبيرق واسمه بشير، في سياق طويل فيه أنه سرق واتهم رجلاً بريئاً من المسلّمين بتلك السرقة حتى نزل القرآن بتبرئته وبيان الحق في ذلك، وقال في آخر الحديث: (فلما نزل القرآن في بشير وعثر عليه هرب إلى مكة مرتداً، فنزل على سلافة بنت صعد فجعل يقع في النبي صَلّى الله عليه وسلّم وفي المسلّمين، فنزل فيه: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولّى ونصله جهنم وساءَت مصيراً. إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن شاء ومن يشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً} وهجاه حسّان بن ثابت رضي الله عنه) إ. ه. وقال الحاكم صحيح على شرط مسلّم. والحاكم ممن احتج به هذا الموسوي كما مرّ فيما سلف، فما باله أعرض عنه هنا؟.


قوله تعالى: }وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً{ (النساء/115)

وليس في النص -كما ترى-تصريح ولا إشارة إلى مسألة (الإمامة) عموماً، ولا (إمامة) أحد خصوصاً.
إنما هو ذم ووعيد لمن خالف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن علم وسلك غير سبيل المؤمنين. ولفظ (المؤمنين) عام، و(الإمامة) معنى خاص وإرادة الخاص بلفظ العام قصور عن البيان لا يليق بكلام الرحمن. فخرج النص من الصراحة والأحكام. فلا حجة فيه على المطلوب.
والمؤمنون - عند نزول الآية - هم المهاجرون والأنصار. فالاتباع المأمور به فيها متعلق بهم كما قال تعالى: }وَالسَّابِقُونَ الأْوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأْنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ{ (التوبة/ 100). والطريف أن الإمامية أول المخالفين لهم، بل اتخذوا سبهم ومخالفتهم دينا! ولقد جاء هذا كله مشروحا في نهج البلاغة عن سيدنا علي رضي الله عنه بقوله: (إنما الشورى للمهاجرين والأنصار فان اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضا. فان خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج عنه. فان أبى قاتلوه على (اتباعه غير سبيل المؤمنين) وولاه الله ما تولى)([1]).
وهذا يخالف ما قالوه - ويوافق ما قلت - جملة وتفصيلاً.
كما أنهم استدلوا بآيات أخرى لولا أني قرأتها بنفسي ضمن الأدلة القرآنية على (الإمامة) لما صدقت أن أحداً يهبط إلى هذا المستوى من الاستدلال! د. طه الدليمي ..


([1]) نهج البلاغة 3/7.

عدد مرات القراءة:
2437
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :