آخر تحديث للموقع :

الأحد 10 ربيع الآخر 1446هـ الموافق:13 أكتوبر 2024م 10:10:23 بتوقيت مكة
   أنظر كيف يحث علماء الشيعة أتباعهم على هجر القرآن ..   عند الشيعة من لا يعتقد بتحريف القرآن لا يعتبر من شيعة أهل البيت ..   مصحف آل الصدر وسورة مقتدى الصدر ..   هل هناك فرق بين الله عزوجل والأئمة عنتد الشيعة؟ ..   يعتقد الشيعة أن القرآن من دون العترة كتاب ضلال ..    مشاهدات من زيارة الأربعين 2024م ..   تم بحمد الله إصلاح خاصية البحث في الموقع ..   ضريح أبو عربانة ..   شكوى نساء الشيعة من فرض ممارسة المتعة عليهن ..   باعتراف الشيعة أقذر خلق الله في شهوة البطن والفرج هم أصحاب العمائم ..   قصة الجاسوسة الإسرائيلية في إيران ..   طقوس جديدة تحت التجربة ..   تحريض مقتدى الصدر على أهل السنة ..   فنادق جديدة في بغداد وكربلاء لممارسة اللواط ..   يا وهابية: أسوار الصادق نلغيها ..   حتى بيت الله نحرقة، المهم نوصل للحكم ..   كيف تتم برمجة عقول الشيعة؟ ..   لماذا تم تغيير إسم صاحب الضريح؟ ..   عاشوريات 2024م ..   اكذوبة محاربة الشيعة لأميركا ..   عند الشيعة: القبلة غرفة فارغة، والقرآن كلام فارغ، وحبر على ورق وكتاب ظلال ..   الأطفال و الشعائر الحسينية .. جذور الإنحراف ..   من يُفتي لسرقات وصفقات القرن في العراق؟ ..   براءة الآل من هذه الأفعال ..   باعترف الشيعة أقذر خلق الله في شهوة البطن والفرج هم أصحاب العمائم ..   الشمر زعلان ..   معمم يبحث عن المهدي في الغابات ..   من كرامات مقتدى الصدر ..   من صور مقاطعة الشيعة للبضائع الأميركية - تكسير البيبسي الأميركي أثناء قيادة سيارة جيب الأميركية ..   من خان العراق ومن قاوم المحتل؟   ركضة طويريج النسخة النصرانية ..   هيهات منا الذلة في دولة العدل الإلهي ..   الشيعة والآيات الجديدة ..   من وسائل الشيعة في ترسيخ الأحقاد بين المسلمين ..   سجود الشيعة لمحمد الصدر ..   عراق ما بعد صدام ..   جهاز الاستخبارات الاسرائيلي يرفع السرية عن مقطع عقد فيه لقاء بين قاسم سليماني والموساد ..   محاكاة مقتل محمد الصدر ..   كرامات سيد ضروط ..   إتصال الشيعة بموتاهم عن طريق الموبايل ..   أهل السنة في العراق لا بواكي لهم ..   شهادات شيعية : المرجع الأفغاني إسحاق الفياض يغتصب أراضي العراقيين ..   محمد صادق الصدر يحيي الموتى ..   إفتتاح مقامات جديدة في العراق ..   كمال الحيدري: روايات لعن الصحابة مكذوبة ..   كثير من الأمور التي مارسها الحسين رضي الله عنه في كربلاء كانت من باب التمثيل المسرحي ..   موقف الخوئي من انتفاضة 1991م ..   ماذا يقول السيستاني في من لا يعتقد بإمامة الأئمة رحمهم الله؟ ..   موقف الشيعة من مقتدى الصدر ..   ماذا بعد حكومة أنفاس الزهراء ودولة العدل الإلهي في العراق - شهادات شيعية؟ ..

" جديد الموقع "

لم يطعن في أبي هريرة من الشيعة الأوائل أحد ..

لم يطعن في أبي هريرة من الشيعة الأوائل أحد

وأما قوله: (بأن الجمهور إنما يعفون أبا هريرة.... تقديسا لرسول الله (ص) لكونه في زمرة من صحبه ونحن إنما ننتقدهم تقديسا لرسول الله (ص).... ).

قلت: يا ترى من أنت لكي تتكلم عن الشيعة وتجعل نفسك من سدنة هذا المذهب (1). فمتى انتقدت الشيعة أبا هريرة؟ وفي أي كتاب؟!.

أن أبا هريرة ثقة عند كل الفرق ما عدا عند الحاقدين وأهل الأهواء والبدع الذين لا يعتد بآرائهم كالنظام والاسكافي وابن أبي الحديد وغيرهم!.

فهذا كتب الرجال عند الشيعة وهي: الفهرست، ورجال الطوسي وكلاهما للطوسي، ورجال النجاشي للشيخ النجاشي، ورجال الكشي للكشي والذي هذبه الطوسي وسماه"اختيار معرفة الرجال"، ورجال الغضائري، وتلحق بهذه الكتب كتب أخرى لا تقل أهمية عنها وهي: رجال العلامة الحلي، ورجال ابن داود الحلي المولود سنة (647هـ)، وقد رأيت ابن داود الحلي، يذكر أبا هريرة ضمن القسم الأول من كتابه المخصص لذكر الممدوحين، ويقول:"عبد الله أبوهريرة، معروف، من أصحاب الرسول (2)، فقد مدحه صراحة، كما أن الشيخ الطوسي ذكره في كتابه رجال الطوسي (3)، فهذه الكتب قد قلبت جميع صفحاتها فلم أعثر على ترجمة لأبي هريرة ولا تكذيب له أثناء ترجمة أخرى.

فأنظروا إلى افتراء ه حتى على علماء الجرح عندهم بقوله: (ونحن إنما ننتقدهم تقديسا لرسول الله)، فقد أتى بضمير الجمع"نحن"، مع أن الثابت عكس هذا الادعاء.

__________

(1) قال عن نفسه أنه سدنة المذهب الامامي في فصوله ص23.

(2) رجال ابن داود الحلي القسم الأول ص 116 ترجمة رقم 833.

(3) رجال الطوسي أصحاب رسول الله ص 23، وانظر جامع الرواة للأردبيلي 1/ 466.

فيا هذا من أنت لكي تنتقد أبا هريرة بعد هذه القرون؟! ومن أنت لكي تحكم بهواك على صحابي مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وهوعنه راض؟. والله إن بدعة النيل من أبي هريرة رضي الله عنه وتكذيبه ما كانت قبل زمن ابن داود الحلي كما رأيت أيها القارئ، ومما يدل على ذلك ويؤكده، أن ابن خزيمة المتوفي سنة (311هـ)، عندما دافع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"وإنما يتكلم في أمر أبي هريرة: إما معطل"جهمي"وإما"خارجي"أو"قدري"، أو"جاهل يتعاطى الفقه"، ولم يقل وإما"شيعي"!

فإذاً ابن أبي الحديد هوالذي اخترع ذلك وأقحم الشيعة من بعده في هذا المعترك الصعب، لذلك سوف أثبت في الفصول القادمة أن الشيعة الأوائل كانوا يروون بأسانيدهم عن أبي هريرة رضي الله عنه ويعملون بفقه وأخباره، تماما كما كان أهل البيت- رضي الله عنه - يعتدون برواية أبي هريرة رضي الله عنه وروايتهم عنه، ورواية عدد كبير من جماهير الشيعة الكوفيين وشيعة علي رضي الله عنه.

وأما قوله: (بأنه لم يكن لنا بد من البحث عن هذا المكثر نفسه، وعن حديثه كماً وكيفاً لنكون على بصيرة فيما يتعلق من حديثه بأحكام الله فروعاً وأصولاً... ).

قلت: لقد تصور لنفسه أن أحاديث أبى هريرة موضوعة ومكذوبة، وقد تغلغل هذا الوضع في أصول الدين وفروعه، وغفل عنهمالمسلمون!! لذلك كان من واجبه الدفاع عن الشريعة الغرّاء، وحمايتها من الأكاذيب والأوهام، فكان لا بد له من دراسة أبىهريرة، تلك الدراسة التي كشفت عن وجه الحق - كما يدعى - إلا أنها دراسة كشفت عن نوايا خبيئة في نفوس أعداء السنة وخصوم الصحابة رضي الله عنه ، دراسة بينت حقدهم على الصحابة- رضي الله عنه -، وعلى أبى هريرة رضي الله عنه بوجه خاص، ومن يطلع على كتابه هذا، لا يشك في أنه حلقة في سلسلة الأبحاث التي يقوم بها المستشرقون المتطرفون، وأتباعهم المنتسبين إلى الإسلام المغرضين، متخذى خدمة لأعداء الإسلام، ووسيلة لتصديع جمع المسلمين.

ويرى المؤلف عبد الحسين أنه حلل نفسية أبى هريرة تحليلاً علمياً حتى فهم كنهه وحقيقته من جميع نواحيه لندركه بحواسنا كلها. كما يرى أنه أمعن النظر في حديثه كماً وكيفاً فيقول: (فلم يسعنا - شهد الله - إلا الإنكار عليه في كل منهما).

ويكثر الطعن في أبى هريرة وحفظه وكثرة حديثه ويعيب عليه أميته، ثم يقول: (ونحن حين نحكم الذوق الفني والمقياس العلمي نجدهما لا يقران كثيراً مما رواه هذا المفرط في اكثاره وعجائبه)!.

ويتابع المؤلف الحط من قدر أبى هريرة رضي الله عنه وأقل ما قاله في الصفحة: (فالسنة أرفع من أن تحتضن أعشاباً شائكة، وخّز بها أبوهريرة ضمائر الأذواق الفنية، وأدمى بها تفكير المقاييس العلمية،... ).

والمؤلف (ينادى بالذوق الفني، والتفكيرالعلمي)، فأي ذوق يريد وأي تفكير يقصد؟ بعد أن أجمعت الأمة من لدن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا، على دقة الذوق الفني عند المحدثين في علمهم ومنهجهم، حتى أصبح تثبتهم في العلم مضرب الأمثال، لم يتركوا كبيرة أوصغيرة إلا بينوها، فعرفوا الصحيح والضعيف والسليم والمعلول، لم تأخذهم في ذلك عاطفة أوهوى، فطبقوا مقاييسهم الدقيقة على الجميع، فكانوا قدوة حسنة في إخلاصهم وأمانتهم، حتى إن الرجل يأبى أن يحدث عن أبيه أوأخيه بالرغم من ورعه وصلاحه، ويبين أمره للناس، من ذلك قول علي بن المدينى في أبيه حين سألوه عنه قال:"سلوا عنه غيري، فأعادوا المسألة، فأطرق ثم رفع رأسه فقال: هوالدين إنه ضعيف.

كما كانوا يأبون أن يحدثوا من يرتابون في أمره، وإن كان صالحاً أوذا منزلة ومكانة، من هذا، ما رواه أحمد بن أبى الحواري قال:"جاء رجل من بني هاشم ليسمع من ابن المبارك فامتنع، فقال الهاشمي لغلامه: قم بنا، فلما أراد الركوب، جاء ابن المبارك، ليمسك بركابه، فقال: يا أبا عبدالرحمن لا ترى أن تحدثني وتمسك بركابي.. !!؟ قال: رأيت أن أذل لك بذلي ولا أذل لك الحديث!!

هؤلاء جهابذة العلم، ورجال الفن، الذين نقبل حكمهم في أبى هريرة رضي الله عنه ، فلوعرفوا عنه شيئاً ما سكتوا عنه وإن كان صحابياً، لأن السنة والشريعة لا تحابى أحداً.

ولكنهم لم يجدوا ما يأخذونه عليه، بل كان عندهم الثقة الأمين.. على ضوء المقاييس العلمية والأذواق الفنية المجردة) (1).

أجل لقد وخز أبوهريرة بقول الحق ضمائر من يريدون الباطل، وروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا يتفق مع أهل الأهواء وعقائدهم، فناصبوه لذلك العداء! وإلا فأي وخز للضمائر وقد روى هذه الأحاديث التي أنكرها هذا المؤلف أئمته المعصومون في نظرهم كما يأتي تفصيل ذلك في محله إن شاء الله تعالى.

وأما قول هذا المؤلف: (ونحن حين نحكم الذوق الفني والمقياس العلمي نجدهما لا يقران كثيراً مما رواه هذا المفرط في اكثاره وعجائبه)!

قلت: يقول المثل:"رمتني بدائها وانسلت"، فهم يكثرون أضعاف ما رواه أبوهريرة رضي الله عنه ، ويأتون بعجائب سخيفة لم يخطر على قلب بشر، في حين يشنعون في مسائل بسيطة على أبي هريرة رضي الله عنه هم اشتركوا في روايته إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولعل يقصد عبد الحسين ما أنكر على تلك الأحاديث التي أوردها أبوهريرة رضي الله عنه.

__________

(1) أبوهريرة راوية الاسلام ص163 - 164 للعجاج.

وأما قوله أنه: (لا يصح في منطق أن نسكت عن هذا الدخل الشائن لجوهر الإسلام، وروحه الرفيعة المنادية بالتحرر والانعتاق من كبول العقائد السخيفة والخرافات التي يسبق إلى الذهن استنارها..... ).

قلت: نعم صدقت لا يصح في منطق أن نسكت عن هذا الدخل الشائن لجوهر الإسلام، وروحه الرفيعة المنادية بالتحرر والانعتاق من كبول العقائد السخيفة والخرافات، ولكن ماذا نفعل وهذه العقائد السخيفة والخرافات هي روايات

المعصومين عندكم والذي قلت عنها ما لفظه: (وأحسن ما جمع منها الكتب الأربعة التي هي مرجع الإمامية في أصولهم وفروعهم من الصدر الأول إلى هذا الزمان، وهي: الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه، وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها، والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها واتقنها)!!، أما أحاديث أبوهريرة فأي دخل شائن لجوهر الإسلام وروحه؟).

نحن على استعداد، بل المسلمون جميعاً مستعدون، للدفاع عن الإسلام وتخليصه من الشوائب إن كانت هناك خرافات أوحتى شوائب، ولكن أي خرافات وسخافات في حديث أبى هريرة؟

وقد شعر المؤلف الموتور بخطر بحثه فقال: (.. أقول هذا وأنا أرى وجوهاً تنقبض دوني، ونفوساً تنقبض مزورة عني، وقد يكون لها بسبب الوراثة والتربية والبيئة أن تنبقض وتتقبض أمام حقيقة وضعها البحث على غير ما ألفت من احترام الصحابة واعتقاد عدالتهم أجمعين أكتعين أبصعين، من غير أن تزن أعمالهم وأقوالهم بالموازين التي أخذ النبي بها أمته لأن الصحبة عندهم بمجردها حرم لا تنال من اعتصم به معرة ولا يمس بجرح، وإن فعل ما فعل، وهذا شطط على المنطق وتمرد على الأدلة)

قلت: كيف لا تتقبض النفوس الصافية عن الباطل؟ وكيف لا يثور المرء المعتدل للحق إذا رأى هذه الخرافات والخزعبلات الموضوعة على أهل البيت- رضي الله عنه -!!!

هل يريد منا أن نكون في برد وسلام!!، وكيف لا تتقبض النفوس الصافية عن الباطل؟ وكيف لا يثور المرء المعتدل للحق إذا عندما يفترى على الصحابة نقلة الشريعة وحفاظها، ويريد منا أن نكون في برد وسلام!! ثم من هم الصحابة الذين فعلوا ما فعلوا وجعلهم الجمهور معصومين؟.

لقد بينت فيما سبق أن من اختلف في عدالتهم من الصحابة لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة.. ومع هذا فقد انتصر لهم ابن العربي وبيّن الحق وأبطل ما ادعاه الخصم.

نعود لبحثنا فنقول: هل الحرية في التفكير أن يقول من شاء ما شاء ومتى شاء وكيف شاء؟!.

أم أن الحرية والذوق الفني والكرامة العقلية خاصة بفئة معينة، وخاضعة لمقاييس شخصية تتبدل حسب الميول والأهواء؟ أم أن الكرامة العقلية والتفكير العلمي مجرد الدفاع عن مبدأ مهما كان نصيبه من الصواب والخطأ؟.

لا أظن أحداً يوافق على مثل هذا، فالتفكير العلمي والذوق الفني يكونان على أسس ثابتة لا تتأثر بنزعة أوهوى، وأسس عامة شاملة لا تنظر النظرة الخاصة الضيقة، أسس مبنية على منهج علمي سليم.

لذلك فقد كشفت هذه الدراسة التي قام بها هذا المؤلف"الموتور"عن نوايا خبيثة في نفوس أعداء السنة وخصوم الصحابة رضي الله عنه ، هذه الدراسة بينت حقدهم على الصحابة رضي الله عنه ، وعلى أبي هريرة بوجه خاص، ومن يطلع على كتاب هذا المؤلف، لا

يشك في أنه حلقة في سلسلة الأبحاث التي يقوم بها أذناب الاستعمار في العالم الإسلامي.

وفي (ص1 - 14) أورد عبدالحسين أحاديث أبي هريرة زاعماً إنها تمس عقله وعقيدته ونواميسه، وسوف نتعرض لهذه الأحاديث عند الرد على كيفية حديثه إن شاء الله تعالى.

وفي (ص19) تحت عنوان:"اسمه ونسبه"قال: (كان أبوهريرة غامض الحسب، مغمور النسب، فاختلف الناس في اسمه واسم أبيه إختلافاً كثيراً، لا يحاط به ولا يضبط في الجاهلية والاسلام وإنما يعرف بكنيته، وينسب الى دوس..... ).

قلت: لقد أراد المؤلف أن يغض من قدر أبي هريرة رضي الله عنه ، ويغمز نسبه لأنه لم يكن معروفاً في الجاهلية، ولاختلاف الناس في اسمه، ومتى كان الاختلاف في اسم إنسان يشينه أويسقط عدالته؟ ويكفى أن نعرفه بكنيته كما عرفنا أبا بكر وأبا عبيدة وأبا دجانة الأنصارى وأبا الدرداء، الذين اشتهروا بكناهم وغابت أسماؤهم عن كثير من الناس.. ولم نسمع في يوم من الأيام أن الحسب والنسب يقدم صاحبه في المفاضلة العلمية أويؤخره ثم إنه اشتهر بكنيته من صغره وعرفه الناس جميعاً بذلك، فما يضيره أن يعرف بكنيته ويختلف اسمه؟ والاختلاف في الاسم طبيعي وبدهى لا في أبي هريرة وحده بل في كل إنسان عرف بكنيته منذ نعومة أظفاره، ولم هذه الحملة وإيهام القارىء بأن اسمه لا يحاط به ولا يضبط؟ ومرد الخلاف فيه إلى ثلاثة أسماء (عمير وعبدالله وعبد الرحمن) كما قال ابن حجر، وقد اختلف في اسم غيره على أكثر من ذلك ولم ير فيهم عيباً أومطعناً بسبب ذلك (1).

فلماذا هذا الجهل؟!! ما كنا نظن إنساناً يحترم نفسه ويدعي العلم والمعرفة ويلقبه قومه"بأية الله"أن يهوي إلى مثل هذا القرار في تجريح صحابي مشهور - لم تخف شهرته على معاصريه ولا على الأجيال المتعاقبة من بعده - وبمثل هذا الكلام الذي نقلناه.

ولكن ماذا يقول هذا المؤلف في جهلهم لإسم أم مهديهم المنتظر، فقد اختلفوا في اسمها، فمرة نرجس ومرة سوسن ومرة صقيل.

ففي"البحار" (51/ 15و36):عن غياث بن أسد قال: ولد الخلف المهدي (ع) يوم الجمعة وأمه ريحانة ويقال لها نرجس ويقال صقيل ويقال سوسن!!

وماذا يقول عن رواته الذين لم تكن لهم شهرة كزارة بن أعين، فقد كان جده راهباً ولم يسلم، ولا نعلم عنه شيئاً!

__________

(1) أبوهريرة راوية الاسلام للدكتور محمد عجاج الخطيب ص168 - 169.

قال الطوسي في فهرسته: زرارة بن أعين واسمه عبد ربه، يكنى أبا الحسن وزرارة لقب له وكان أعين بن سنسن عبداً رومياً لرجل من بني شيبان تعلم القرآن ثم

أعتقه فعرض عليه أن يدخل في نسبه فأبى أعين يفعله وقال له أقرني على ولائي، وكان سنسن راهباً في بلد الروم... (1).

وفي (ص21) قال عبد الحسين تحت عنوان"نشأته وإسلامه وصحبته"قال ما نصه: (نشأ في مسقط رأسه (اليمن) وشب ثمة حتى أناف على الثلاثين جاهلياً لا يستضيء بنور بصيرة، ولا يقدح بزناد فهم، صعلوكاً قد أخمله الدهر ويتيماً أزرى به الفقر، يخدم هذا وذاك، وتي وتلك مؤجراً نفسه بطعام بطنه حافياً عارياً، راضياً بهذا الهوان لكن لما أظهر الله أمر نبيه في المدينة الطيبة بعد بدر وأحد والأحزاب وبعد اللتيا والتي، لم يكن لهذا البائس المسكين حينئذ مذهب عن باب رسول الله فهاجر اليه بعد فتح خيبر فبايعه على الاسلام وكان ذلك سنة سبع للهجرة باتفاق أهل الأخبار. أما صحبته فقد صرح أبوهريرة في حديث أخرجه بأنها إنما كانت ثلاث سنين).

قلت: نترك القارىء الأمين يحكم على هذا النص ويستنتج منه روح ونفسية هذا المؤلف الذي وضع نفسه قاضياً أوحكماً لينصف الإسلام في شخصية أبى هريرة رضي الله عنه ، ويضع أبا هريرة حيث يليق به.

أيها الجاهل.. هل من إنسان متجرد للحق وحده يقبل أن يقال في أبى هريرة هذا.. بعد أن رأى الصورة الصادقة التي لم يخالطها هوى، أوتعتريها رغبات نفس حقودة، أوطائفية موروثة!!؟.

نحن نقبل الذوق الفني والمقياس العلمي الذي ادعاه هذا المؤلف في مقدمة كتابه فنقول: متى كان الجهل يسقط العدالة؟ وهل كان جميع الناس في الجاهلية متعلمين أوعلماء؟

__________

(1) الفهرست للطوسي ص14، وانظر الفهرست لابن النديم ص 38.

ألم يكن كثير من الصحابة رضي الله عنه أميين جاهلين قبل الإسلام فشرح الله صدورهم للإيمان، وثبته في قلوبهم، فغدوا سادات زمانهم، وعلماء عصرهم، وأساتذة أمتهم.

وغريب كيف استنتج المؤلف عدم فهم أبى هريرة؟ هل استعمل معه مقاييس الحفظ والذكاء؟ أم أن هذا قدح ضمير وتحليق خبير؟ أم أنه ابداع بلا تفكير!!؟ وما يضير أبا هريرة إذا لم ينتشر صيته في الآفاق، وهل كان وحده كذلك أم أن أبا بكر وعمر وعثمان وسعداً وعبد الرحمن بن عوف وأكثر الصحابة رضي الله عنه كانوا غير معروفين قبل الإسلام؟.

وهل يجرؤ امرؤ أن يسلب عدالة هؤلاء وغيرهم لأن شهرتهم لم تطر في مشارق الأرض ومغاربها قبل أن يكونوا مسلمين؟.

أما أنه يرمى أبا هريرة رضي الله عنه بالتصعلك فهذا لا نرضاه من صعلوك مثله، فإن كان يريد بها ما يفهمه عوام عصرنا، من الدناءة والخسة وانحطاط القدر والتطفل، فيكون قد حكم عليه من غير دليل ولا حجة، وإن كان يريد بها الفقر والفاقة وهوالمعنى اللغوى فلا داعي لتكرار كلمة (الفقر) ثانية في جملة واحدة، وهذا لا يليق بمن يتصدر للكتابة والحكم، لأن في الإطالة ما يصد النفس، ويسىء إلى الذوق، والكاتب لا يحب أن يجرح أذواق قرائه، لأنه يحب الذوق الفني السليم، فتعين أن مراده المعنى الأول، وهوأمر وأدهى.

أجل... لم يكن أبوهريرة غنياً ولا أرستقراطياً إنه أحد ملايين الفقراء الذين عاشوا كراماً رغم الفاقة والحرمان ومتى كان الفقر رذيلة أوعاراً؟.

إننا لم نسمع في عصر من العصور بسقوط عدالة إنسان أوإحتقاره بسبب فقره، وأن مثل هذا الحكم لا يصدر إلا في بيئة مادية يعيش أبناؤها مترفين مبذرين... أوفي مجتمع تحكمت به عادات الأرستقراطية وحفنة أعرافها وتقاليدها.

وما كنا نظن أن يحكم هذا المؤلف على أبى هريرة بالمهانة والازدراء لكونه فقيراً، لأننا على علم يقين بأنه ليس واحداً ممن ذكرنا، وهوالذي قال في مقدمة كتابه: إنما يحكم بما أمر الله ورسوله، ويتبع في بحثه الحق، فعلى أي أساس بنى حكمه هذا!

هل في القرآن أوالسنة ما يجعل الفقرعيباً أوعاراً؟.. كلا.. فها هوبجانب المنهج العلمي الذي وضعه لنفسه.

ثم هل في عمل أبى هريرة وسعيه - كى لا يكون عالة على قومه - عيب؟ وهل كان العمل في يوم من الأيام عاراً؟.

إن علماء الشيعة وباسم النيابة عن الإمام الغائب!! امتصوا عرق الكادحين وجهد العاملين من أبناء الشيعة فيما يسمى"بخمس أهل البيت"، والذي يأخذونه بدعوى النيابة عن الإمام المنتظر!! وقد وضع هؤلاء الآيات - كهذا المؤلف - أنفسهم في حصانة ومكانة تذكرنا بوضع الباباوات والقسيس في النظام الكنسي، مع أن الثابت عن أئمتهم الذين اعتقدوا فيهم العصمة أنهم كانوا يحثون شيعتهم على العمل.

فهذا جعفر بن محمد يذكر لأتباعه ليعلمهم أن الفخر للعاملين الكادحين لا للمترفين العاطلين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل من دون كدح أوعمل باسم الدين!!

روى الكليني في"الكافي" (5/ 74):- في باب ما يجب من الاقتداء بالأئمة في تعرض للرزق- بإسناده عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: استقبلت أبا عبدالله في بعض طرق المدينة في يوم صايف شديد الحر فقلت: جعلت فداك حالك عند الله- عز وجل - وقرابتك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت تجهد لنفسك في مثل هذا اليوم؟ فقال: يا عبد الأعلى خرجت في طلب الرزق لاستغني عن مثلك.

وروى أيضاً: باسناده عن أيوب أخي أديم قال: كنا جلوساً عند أبي عبدالله (ع) إذ أقبل العلاء بن كامل فجلس قدّام أبي عبدالله فقال: أدعوا الله أن يرزقني في دعة فقال: لا أدعولك أطلب كما أمرك الله - عز وجل -.

فهذا المؤلف يجلس في بيته دون أن يعمل وتأتيه أموال الشيعة، فيتحكم فيها كيف ما شاء، ثم تراه يزدري بأبي هريرة لفقره! أليس هذا أضحوكة؟!!

روى أيضاً: (5/ 75): عن أبي حمزة قال: رأيت أبا الحسن يعمل في أرض له قد استنقعت قدماه في العرق فقلت له: جعلت فداك أين الرجال؟ فقال: يا علي قد عمل باليد من هوخير مني في أرضه ومن أبي فقلت له: ومن هو؟ فقال: رسول الله وأمير المؤمنين وآبائي (ع) كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم وهومن عمل النبيين والمرسلين والأوصياء والصالحين.

فبأي كتاب أوبأي دين يستولي مراجعهم وكل من هب ودب أمثال هذا صاحب"الخمس"على أموال الشيعة المغلوبين على أمرهم؟ وأغرب من هذا أنه يأخذ على أبى هريرة (حفاه) ويدعى (عريه) راضياً بهذا الهوان.

أقول: هل كان جميع الناس ينتعلون الأحذية والنعال؟ ومتى كان مقياس العدالة الانتعال أوعدمه؟ ونحن في القرن العشرين ما سمعنا في يوم من الأيام بسقوط عدالة حاف، أوثبوت عدالة منتعل!! والحفاة كثيرون، فالناس سواء حفاتهم ومنتعلوهم، وإنما المفاضلة في التقوى وحسن الخلق، كما قال - عز وجل -: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْـ عِندَ اللهِ أَتْقَكُمْ} [الحجرات /13].

وإني لأعجب من ادعائه (عرى) أبى هريرة، وأتساءل كيف استنتج هذا؟ ومن نقل إليه ذلك؟ ثم هل في كل ما سبق هوان وذل لأبى هريرة رضي الله عنه ؟

لقد سبق أن بينت أن الفقر والمسكنة لا يحطان من قدر المرء ومكانته إلا عند من أعمت المادة قلوبهم، ولم يكن دخول الجنة مشروطاً باللبس والبذخ:"فرب أشعث مدفوع بالأبواب لوأقسم على الله لأبره"الحديث.

ولعل المؤلف يرد هذا الحديث لأن راويه أبوهريرة (1)، ونسى أوتناسى أن شيوخه، وهم شيوخ المذهب كالشيخ الصدوق روى هذا الحديث بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه.

__________

(1) العجاج ص169 - 171.

ففي أمالي الصدوق عن الحسن بن عبدالله بن سعيد عن عبدالله بن محمد بن عبدالكريم عن محمد بن عبدالرحمن عن عمروبن أبي بسلمة عن أبي عمر الصنعاني عن العلا بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: رب أشعث أغبر ذي طمرين مدقع بالأبواب لوأقسم على الله لأبره (1).

فما هورأي هذا المؤلف؟! لقد كنا نفهم من رجل غني صاحب جاه ونفوذ أن يحتقر الفقراء ويزدريهم، وكنا نفهم من أعداء الأنبياء ومحاربي دعواتهم أن يقولوا لهم ما قال قوم نوح لنوح - عليه السلام - {وَمَا نَرَئك اتَّبَعَكَ إلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُناَ بَادِ الرأىَ} [هود /27].

وكنا نفهم أن تكون البيئات الأرستقراطية الرأسمالية هي التي تستعلى على الفقراء وتزدريهم وتمتهن أقدارهم. لقد كنا نفهم كل هذا إلا من مثل هذا"المؤلف"فبأية عقلية يتكلم عن فقر أبي هريرة وعدم وجاهته!! أبعقلية الذين يكذبون رسل الله- صلى الله عليه وسلم - وأنبياءه؟

فإن كان هوممن يؤمن بالله ورسله وبما جاء في كتابه، فإن الله حكى عن نوح - عليه السلام - أنه قال للذين ازدروا أتباعه المؤمنين الفقراء {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينِ ءامَنُوا إِنَّهُم مُّلَقُوا رَبّهِمْ وَلَكِنّى أَرَئكُمْـ قَوْمًا تَجْهَلُونْ} [هود /29]، ثم قال لهم:

{وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِى أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْرًا، اللهُ أَعْلَمُ بِمَا فِى أَنفُسِهِمْ إِنّى إِذًا لَّمِنَ الظَّلِمِينَ} [هود/ 31].

وإن كان يتكلم بعقلية الأغنياء في وسط إسلامي، فإنه يعلم أن الإسلام أهدر جميع القيم المادية في التفاضل بين الناس، ولم يعترف إلا بقيمة واحدة هي قيمة التقوى حين قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْـ عِندَ اللهِ أَتْقَكُمْ} [الحجرات /13].

__________

(1) البحار 72/ 36 و75/ 143.

إنني لم أجد مسوغاً لهذا المؤلف أولتلميذه"أبي رية"في تلك النظرة الوقحة المخزية التي جاهرا بها في نظرتهما إلى فقر أبي هريرة وجوعه وقلة ذات يده.

لقد كان بلال مؤذن الرسول- صلى الله عليه وسلم - وهوالذي صعد على ظهر الكعبة يوم فتح مكة فوق رؤوس سادة قريش وكبرائها ليعلن كلمة الإسلام، وكان عمر يقدم صهيباً وبلالاً وأمثالهما من الضعفاء على كبراء القوم حين يستأذنون في الدخول عليه

ومن المعلوم أن الذين آمنوا برسول الله- صلى الله عليه وسلم -، في أول الأمر واستمر ذلك سنوات كان أكثرهم من الضعفاء والفقراء والأرقاء، فهل كان ذلك يضيرهم شيئاً عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ أم كان ذلك يضيرهم شيئاً في تاريخ الدعوة الإسلامية وكفاحهم في سبيل الله؟ أولم يسجل تاريخ الإسلام لهؤلاء الضعفاء الفقراء الأرقام المهينين في نظر كفار قريش وأمثال -"عبد الحسين"- و"أبي رية"أروع صفحات الخلود والمجد والإخلاص للحق والتفاني في سبيل الله ونشر دينه؟

فأين يبلغ من مكانتهم أوقريباً من مكانتهم من كان يسميهم كفار قريش وأمثال"أبي رية"بالأغنياء والشرفاء والوجهاء (1).

وأما أن صحبته ثلاث سنوات كما قال أبوهريرة نفسه، فهذا من باب التقريب لا من باب الحصر، فأبوهريرة لم يعلم أنه سيأتي في آخر الزمان"موتور حاقد"يحصى عليه أيام صحبته، ويتتبع مناقصه ويزدريه لفقره، ويرى في هذا لوناً من ألوان الهوان والذل.

وإذا عرفنا أن غزوة خيبر كانت في (محرم) من السنة السابعة، أي في أول تلك السنة واستمرت الغزوة نحوثلاثين يوماً، وأن أبا هريرة قدم المدينة على أشهر الروايات أيام فتح خيبر، ورأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عقبها أي في العشر الأول من صفر، وأن وفاة الرسول كانت يوم الأثنين (13ربيع الأول سنة 11 للهجرة الموافق يونيوسنة 633م).

__________

(1) السنة للسباعي ص324 - 325.

إذا عرفنا ذلك تبين أن أبا هريرة رضي الله عنه قد تشرف بصحبة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أربع سنوات وثلاثة وثلاثين يوماً. وإذا أراد أبوهريرة من تصريحه بالسنوات الثلاث الحصر، يكون قد رفع من صحبته وملازمته للرسول- صلى الله عليه وسلم - ما قضاه في البحرين مع العلاء الحضرمي سنة ثمان للهجرة (1).

قدمنا أن أبا هريرة رضي الله عنه أسلم سنة سبع من الهجرة في غزوة خيبر ونزيد الآن أننا نرجح أنه أسلم قبل هذا التاريخ بزمن طويل، ولكن هجرته إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إنما كانت في تلك السنة، وإنما رجحنا ذلك لدليلين:

الأول - ما ذكره ابن حجر في الإصابة من ترجمة الطفيل بن عمروالدوسي أنه أسلم قبل الهجرة ولما عاد بعد إسلامه إلى قومه - رهط أبي هريرة - دعاهم إلى الإسلام فلم يجبه إلا أبوه، وأبوهريرة. وهذا صريح في أن إسلام أبي رضي الله عنه هريرة قد تم قبل قدومه إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر بسنوات.

الثاني - ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أمر المشادة التي جرت بين أبي هريرة رضي الله عنه وبين أبان بن سعيد بن العاص حين قسمة الغنائم بعد فتح خيبر، فقد طلب أبان من الرسول- صلى الله عليه وسلم - أن يقسم له الغنائم، فقال أبوهريرة: لا تقسم له يا رسول الله فإنه قاتل ابن قوقل - وهوالنعمان بن مالك بن ثعلبة ولقبه قوقل بن أصرم - وذلك في معركة"أحد"إذ كان أبان لا يزال مشركاً فقتل ابن قوقل.

ومن هذه القصة ندرك أن أبا هريرة حين قدم خيبر مهاجراً إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لم يكن حديث عهد بالإسلام، بل كان متتبعاً لمعاركه وأحداثه بحيث يعلم أن أبان بن سعيد بن العاص هوالذي قتل (بن قوقل) يوم أحد، وإلى هذا ذهب الحافظ ابن حجر.

لقد كان إسلام أبي هريرة إسلاماً خالصاً لوجه الله كإسلام الصحابة جميعاً رضي الله عنه ، سمع بالإسلام لأول مرة عن طريق الطفيل بن عمروفما لبث أن دان به وقام

__________

(1) العجاج ص172.

بشعائره، ثم ما زال متشوقاً للهجرة للرسول- صلى الله عليه وسلم - حتى قدم عليه، وقد كان الرسول- صلى الله عليه وسلم - والمسلمون في غزوة خيبر. وأكثر الروايات على أن قدومه وافق الانتهاء من الغزوة، ولكنه حضر قسمة الغنائم، وبعض الروايات - وهي الأوثق والأصح - تثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - أمر المسلمين بأن يفرضوا له منها نصيباً. ثم لازم النبي- صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك على أن لا يلتفت إلى شيء من الدنيا إلا أن يستمع إلى الرسول ويحمل للمسلمين من بعده هدايته وينقل إليهم حديثه، وكان طبيعياً أن يكون مكان أبي هريرة في"الصفة"وهومكان في المسجد كان يأوي إليه المنقطعون للعلم والجهاد مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -والذين ليس لهم مال ولا أهل في المدينة، وقد كان في الصفة كرام الصحابة رضي الله عنه ، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يكرمهم ويحث على إكرامهم.

واستمر شأن أبي هريرة رضي الله عنه كذلك يلازم الرسول- صلى الله عليه وسلم - أينما ذهب حتى اختار الله رسوله لجواره، وبهذه الملازمة المستمرة من سنة سبع إلى عشر والحرص الشديد على تتبع حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من أفواه الذين سبقوا ابا هريرة رضي الله عنه إلى الإسلام، ومن أفواه زوجاته تجمع لأبي هريرة من الحديث ما لم يتجمع لغيره من الصحابة رضي الله عنهمالذين لم يتفرغوا تفرغه لسماع الحديث ولم يلتزموا ما التزمه أبوهريرة من ملازمة الرسول أينما سار.

تلك هي قصة إسلامه، وقد روى لنا البخاري وغيره كالدولابي في"الكنى"حديث هجرته من دوس إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم - في المدينة ثم خيبر، وكيف كان يتغنى في طريقه بقوله:

فياليلة من طولها وعنائها على أنها من دارة الكفر نجت

وفي الطريق أبق غلام لأبي هريرة، فلما قدم على النبي- صلى الله عليه وسلم - وبايعه ظهر الغلام فقال له الرسول: يا أبا هريرة! هذا غلامك، فقال أبوهريرة رضي الله عنه : هولوجه الله، أعتقه فرحاً بلقائه رسول الله- صلى الله عليه وسلم -ومبايعته على الإسلام!

ومن هذا نرى أن في قصة إسلام أبي هريرة رضي الله عنه مثلاً من أمثلة الصدق في محبة الرسول واعتناق الإسلام، وفي الشكر على نعمة الله بلقاء رسوله ومبايعته بإعتاق عبده الذي ليس له غيره.

ولعمري إنه مَثل يجد فيه المؤمنون الصادقون ما تفيض به النفس ثقة ورضى واطمئناناً.

ولكن"الحاقدين"وقد امتلأت نفوسهم ضغناً على أبي هريرة رضي الله عنه ، لم يروفي قصة إسلامه إلا قصة من قصص التشرد التي تحمل الجائع على التنقل من بلد إلى بلد ليملأبطنه!

ولم يروفي صحبته لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلا ذلك الرجل المتسول الذي همه في الحياة أن يسد جوعته ويشبع نهمته! فيا عجباً! هل يرضون هذه الصورة لأنفسهم؟

أم هل يرضوها لأولادهم؟ أم هل يرضوها لأحد من أصدقائهم؟

فكيف ارتضوها لصحابي من صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، مهما كان رأي الحاقدين فيه، فلا شك أن جمهور علماء الإسلام منذ عصر التابعين حتى اليوم يرونه المثل الكريم لحامل أمانة العلم عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - (1).

__________

(1) السنة للسباعي ص325 - 328.

عدد مرات القراءة:
2298
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :