قسمت الحكمة فجعل في علي تسعة أجزاء وفي الناس جزء واحد
أخرجه أبو نعيم في: (حلية الأولياء)([1])، ومن طريقه ابن عساكر في: (تاريخه)([2])، وابن الجوزي في: (الواهيات)([3])، وأبو الخير الجزري في: (مناقب الأسد الغالب)([4])، قال: حدثنا أبو أحمد الغطريفي، حدثنا أبو الحسن بن أبي مقاتل، قال: حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة، حدثنا محمد بن علي الوهبي الكوفي، حدثنا أحمد بن عمران بن سلمة - وكان ثقة عدلاً مرضياً-، حدثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فسئل عن علي فقال: «قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً». أقول: هذا حديث موضوع قبح الله واضعه، والمتهم فيه أحمد بن عمران بن سلمة. قال الأزدي: (مجهولٌ، منكَر الحديث)([5]). وقال ابن الجوزي: (هذا حديث لا يصح، وفيه مجاهيل)([6]). وقال الحافظ الذهبي: (أحمد بن عمران بن سلمة، عن الثوري، لا يدرى من ذا، إلا أنه روى محمد بن على العتبى، عنه، عن الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله - رفعه - قال: قسمت الحكمة فجعل في على تسعة أجزاء، وفي الناس جزء واحد، فهذا كذب)([7]). وقال الحافظ ابن كثير: (وسكت الحافظ ابنُ عساكر على هذا الحديث، ولم يُنَبِّه على أمره، وهو منكرٌ بل موضوعٌ، مُرَكَّبٌ على سفيان الثوريِّ بإسناده، قبح اللهُ واضعه ومَنْ افتراه واختلقه)([8]). وقال أبو الخير الجزري: (كذا رواه الحافظ أبو نعيم في الحلية، وهو منكر مُركب على سفيان، والله أعلم)([9]). وأمَّا قول ابن الجوزي (فيه مجاهيل) فإنما يستقيم له في أحمد بن عمران بن سلمة، وأمَّا البقية فلا. وفي الإسناد أيضًا أبو الحسين صالح بن أحمد بن أبي مقاتل. قال ابن حبان: (شيخٌ كتبنا عنه ببغداد ... يسرق الحديث، يقلبه، لعله قد قلب أكثر من عشرة آلاف حديث فيما خرج من الشيوخ والأبواب، شهرته عند من كتب الحديث من أصحابنا تغني عن الاشتغال بما قلب من الأخبار، لا يجوز الاحتجاج به بحال)([10(. وقال ابن عدي: (يسرق الأحاديث، ويلزق أحاديث، تعرف بقوم لم يرهم على قوم آخرين لم يكن عندهم، وقد رآهم، ويرفع الموقوف ويصل المرسل، ويزيد في الأسانيد)([11](. قال الدارقطني: (كذَّابٌ، دجال، يُحدِّث بما لم يسمع)([12])، وقال أيضًا: (متروك)([13](. وقال البرقاني: (ذاهب الحديث)([14](. وقال الخطيب: (كان يذكر بالحفظ غير أنَّ حديثه كثير المناكير)([15](. وأمَّا تعقب الحافظ ابن حجر – رحمه الله – على الحافظ الذهبي بأن في الإسناد توثيقًا لأحمد بن عمران بن سلمة حيث قال: (وهذا الحديث أورده أبو نعيم في الحلية، قال: حدثنا أبو أحمد الغطريفي، حدثنا أبو الحسين بن أبي مقاتل، حدثنا: محمد بن عبيد بن عتبة، حدثنا محمد بن علي الوهبي الكوفي، حدثنا أحمد بن عمران بن سلمة - وكان ثقة عدلاً مرضياً-، وفي هذا مخالفة لما ذكره المصنف)([16](. فإنَّ هذا التعقيب ليس في محله، لأن في الإسناد ابن أبي مقاتل وهو كذَّاب، كما عرفت. وقد تابعه الحسين بن علي أبو عبد الله الدَّهان. فقد أخرج ابن المغازلي في: (المناقب)([17])، والديلمي في: (مسنده)([18])، وابن عساكر في: (تاريخه)([19])، من طرق عن محمد بن العباس بن حيويه، قال: حدثنا أبو عبد الله الدَّهان، حدثنا محمد بن عبيد الكندي، حدثنا أبو هاشم محمد بن علي، حدثنا أحمد بن عمران بن سلمة بن عجلان،عن سفيان بن سعيد، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم- فسئل عن علي؟ فقال: «قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فأعطي علي تسعة أجزاء، والناس جزءاً واحداً». ومن طريق الديلمي الخوارزمي في: (مقتل الحسين)([20]). أقول: في إسناده أحمد بن عمران بن سلمة وهو متهم كما سبق، وأبو عبد الله الدَّهان هو الحسين بن علي بن الحسين بن الحكم الأسدي الكوفي، ذكره الخطيب البغدادي في: (تاريخه) ولم يذكر جرحًا ولا تعديلاً([21]). ومن المحتمل وليس ببعيد أن ابن أبي مقاتل سرق هذا الحديث، فرواه عن محمد بن عبيد بن عتبة الكندي، لما عرف عنه من سرقة الأحاديث، فلا تكون هناك أي متابعة للحديث، والله أعلم. وروي عن ابن عباس موقوفاً بلفظ: (العلم) بدل (الحكمة) أخرجه رواه الحسكاني في: (شواهد التنزيل)([22]) قال: حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، حدثنا: أبو بكر ابن أبي دارم الحافظ، حدثنا: أبو عبد الله الحسين بن محمد البجلي، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا: إبراهيم بن هراسة، حدثنا أبو العلاء، عن خالد ابن الخفاف، عامر، عن ابن عباس، قال: (العلم عشرة أجزاء، أعطي علي بن أبي طالب منها تسعة، والجزء العاشر بين الناس، وهو بذلك أعلم منهم) أقول: هكذا الإسناد بهذا السياق في المطبوع، وهو غير مستقيم. وأبو بكر ابن أبي دارم هو: أحمد بن محمد بن السري الكوفي، قال أبو عبد الله الحاكم: (رافضي، غير ثقةٍ)([23])، وقال الحافظ الذهبي: (الرافضي الكذَّاب) ([24]). وإبراهيم بن هراسة، قال البخاري: (متروك الحديث)([25])، وقال أبو زرعة الرازي: (شيخ كوفي، وليس بقوي) ([26])، وقال أبو حاتم الرازي: (ضعيف، متروك الحديث)([27])، وقال أبو داود: (كان يضع الحديث)([28])، وقال النسائي: (متروك الحديث، كوفي)([29]). و أبو عبد الله الحسين بن محمد البجلي هو شيخ للبيهقي لم أقف على ترجمة له، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، لم أقف عليه أيضًا. وقوله: (أبو العلاء، عن خالد ابن الخفاف) لم أقف عليهما، والذي يظهر لي أن (عن) مقحمة وأنَّ أبا العلاء هو خالد بن طهان أبو العلاء الخفاف، له ترجمة في (التهذيب)، قال الحافظ ابن حجر: (صدوق رمي بالتشيع ثم اختلط)([30]) وروي عن ابن عباس بلفظ: «قسم علم الناس خمسة أجزاء، فكان لعلي منها أربعة أجزاء، ولسائر الناس جزء، وشاركهم علي في الجزء، فكان أعلم به منهم». أخرجه ابن عساكر في: (تاريخه)([31])، قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر وأبو الفضل، قالا: أنا أبو القاسم الواعظ([32])، أنا: محمد بن أحمد بن الحسن([33])، أنا: أبو جعفر محمد بن عثمان([34])، نا: علي بن حكيم، أنا: أبو مالك الجَنْبِي، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، فذكره. أقول: في إسناده أبو مالك الجَنْبِي، وهو عمرو بن هاشم الكوفي ليّنه الحافظ ابن حجر([35])، وجويبر هو: ابن سعيد، ضعيف جدًا كما في: (التقريب)([36]) والضحاك هو: ابن مزاحم لم يسمع من ابن عباس، كما قال أبو زرعة الرازي وغيره([37]). وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً. رواه ابن شاذان في: (مائة منقبة)([38])، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبدالله بن حمدون، قال: حدثني محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثني جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، قال: حدثني منصور بن صفر، عن مهدي بن ميمون، عن محمد بن سيرين، عن أخيه معبد، عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: «العلم خمسة أجزاء اعطي علي بن أبي طالب من ذلك أربعة أجزاء، و اعطي سائر الناس جزءاً واحدا.والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا لعلي بجزء الناس أعلم». أقول: ابن شاذان صاحب كتاب: (مائة منقبة)، هو: محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شـاذان، دجال كذاب، اتهمـه الحافظ الذهبي ـ رحمه الله ـ بالوضع، فقال: (ولقد ساق الخطيب[39] أخطب خُوَارزم من طريق هذا الدَّجَّال ابن شاذان أحاديث كثيرة باطلة سـمجة ركيكة في مناقب السيد علي ـ رضي الله عنه ـ، ....)[40]. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
([1]) (1/64).
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video