إن معاوية قتل جمعاً كثيرا من خيار الصحابة
فيقال : الذين قُتلوا قُتلوا من الطائفتين ؛ قتل هؤلاء من هؤلاء ، وهؤلاء من هؤلاء . وأكثر الذين كانوا يختارون القتال من الطائفتين لم يكونوا يطيعون لا عليّاً ولا معاوية ، وكان عليّ ومعاوية رضى الله عنهمما أطلب لكف الدماء من أكثر المقتتلين ، لكن غُلبا فيما وقع .والفتنة إذا ثارت عجز الحكماء عن إطفاء نارها ، وكان في العسكرين مثل الأشتر النخعي ، وهاشم بن عُتبة المرقال ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وأبي الأعور السلمى،ونحوهم من المحرضين على القتال : قوم ينتصرون لعثمان غاية الانتصار ، وقوم ينفِّرون عنه ، وقوم ينتصرون لعليّ وقوم ينفِّرون عنه .
وأما ما ذكره من لعن عليّ ، فإن التلاعن وقع من الطائفتين كما وقعت المحاربة ، وكان هؤلاء يلعنون رؤوس هؤلاء في دعائهم ، وهؤلاء يلعنون رؤوس هؤلاء في دعائهم . وقيل : إن كل طائفة كانت تقنت على الأخرى . والقتال باليد أعظم من التلاعن باللسان .
ثم من العجب أن هؤلاء ينكرون سب عليّ ، وهم يسبّون أبا بكر وعمر وعثمان ويكفِّرونهم ومن والاهم . ومعاوية رضي الله عنه وأصحابه ما كانوا يكفِّرون عليًّا، وإنما يكفِّره الخوارج المارقون ، وهؤلاء شر منهم .
ولا ريب أنه لا يجوز سب أحد من الصحابة : لا عليّ ولا عثمان ولا غيرهما ،ومن سب أبا بكر وعمر وعثمان فهو أعظم إثما ممن سب عليًّا ، وإن كان متأولا فتأويله أفسد من تأويل من سب عليًّا .
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video