أن معاوية كان باليمن يوم الفتح يطعن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكتب إلى أبيه صخر بن حرب يعيّره بإسلامه ،ويقول : أَصَبَوْتَ إلى دين محمد؟
أما القول : (( كان باليمن يطعن على النبي صلى الله عليه وآله وسلموكتب إلى أبيه صخر بن حرب يعيّره بإسلامه)) . فهذا من الكذب المعلوم ؛ فإن معاوية إنما كان بمكة ، لم يكن باليمن ، وأبوه أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة بمر الظهران ليلة نزل بها ، وقال له العباس : إن أبا سفيان يحب الشرف . فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن ). (6) رواه مسلم برقم 178. (( إن الفتح كان في رمضان لثمان من مقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة )) فهذا صحيح . وأما قوله : (( إن معاوية كان مقيما على شِرْكِهِ هاربا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه كان قدر أهدر دمه، فهرب إلى مكة ، فلما لم يجد له مأوى صار إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مضطراً ، فأظهر الإسلام ، وكان إسلامه قبل موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخمسة أشهر )) . فهذا من أظهر الكذب ؛ فإن معاوية أسلم عام الفتح باتفاق الناس، وقد تقدّم قوله: (( إنه من المؤلفة قلوبهم )) والمؤلفة قلوبهم أعطاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلمعام حنين من غنائم هَوَازن ، وكان معاوية ممن أعطاه منها ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتألّف السادة المطاعين في عشائرهم ، فإن كان معاوية هاربا لم يكن من المؤلفة قلوبهم ، ولو لم يسلم إلا قبل موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخمسة أشهر لم يُعط شيئاً من غنائم حنين . ومن كانت غايته أن يؤمن لم يحتج إلى تأليف . ومما يبين كذب ما ذكره أنه لم يتأخر إسلام أحد من قريش إلى هذه الغاية ، وأهل السير والمغازى متفقون على أنه لم يكن معاوية ممن أُهدر دمه عام الفتح . (( إنه استحق أن يُوصف بذلك دون غيره )) . ففرية على أهل السنة ؛ فإنه ليس فيهم من يقول : إن هذا من خصائص معاوية ، بل هو واحد من كتاب الوحي . وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فارتد عن الإسلام ، وافترى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إنه عاد إلى الإسلام. وأما قوله:(( إنه نزل فيه : ] ولكن مَّن شرح بالكفر صدراً الآية. فهو باطل ؛ فإن هذه الآية نزلت بمكة ، لما أُكره عمَّار وبلال على الكفر . وردة هذا كانت بالمدينة بعد الهجرة ، ولو قُدِّر أنه نزلت فيه هذه الآية؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قَبِل إسلامه وبايعه .
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video