إنه الطليق ابن الطليق
فهذا ليس نعت ذم ، فإن الطلقاء هم مسلمة الفتح ، الذين أسلموا عام فتح مكة ، وأطلقهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكانوا نحواً من ألفَىْ رجل ، وفيهم من صار من خيار المسلمين ، كالحارث بن هشام ، وسهل بن عمرو ، وصفوان بن أميّة ، وعكرمة بن أبي جهل ، ويزيد بن أبي سفيان ، وحكيم بن حزام ، وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يهجوه ثم حسن إسلامه، وعتّاب بن أسيد الذي ولاّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة لما فتحها ، وغير هؤلاء ممن حَسُنَ إسلامه .
ومعاوية ممن حَسُن إسلامه باتفاق أهل العلم . ولهذا ولاّه عمر بن الخطابرضي الله عنه موضع أخيه يزيد بن أبي سفيان لما مات أخوه يزيد بالشام ، وكان يزيد بن أبي سفيان من خيار الناس ، وكان أحد الأمراء الذين بعثهم أبو بكر وعمر لفتح الشام : يزيد بن أبي سفيان ، وشرحبيل بن حسنة ، وعمرو بن العاص ، مع أبي عُبيدة بن الجراح ، وخالد بن الوليد ، فلما توفي يزيد بن أبي سفيان ولّى عمر مكانه أخاه معاوية ، وعمر لم تكن تأخذه في الله لومة لائم ، وليس هو ممن يحابى في الولاية ، ولا كان ممن يحب أبا سفيان أباه ، بل كان من أعظم الناس عداوة لأبيه أبي سفيان قبل الإسلام ، حتى أنه لما جاء به العباس يوم فتح مكة كان عمر حريصا على قتله ، حتى جرى بينه وبين العباس نوع من المخاشنة بسبب بغض عمر لأبي سفيان . فتولية عمر لابنه معاوية ليس لها سبب دنيوي ، ولولا استحقاقه للإمارة لما أمّره .