من زار قبري حلت له شفاعتي
فيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم كلاهما ضعيف. فأحاديث الحث على زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته ترتقي بمجموعها إلى درجة الكذب عليه إذ لم يصح منها شيء. ولا يجوز العمل بها وترك الحديث الصحيح (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث).
هذا الحديث مروي من طريق موسى بن هلال العبدي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر. وهوضعيف وتجتمع فيه علل عديدة منها جهالة موسى بن هلال هذا.
أورده السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (2/ 129).
قال النووي " رواه الدارقطني والبيهقي باسنادين ضعيفين" (المجموع 8/ 272). قال أبوحاتم: " مجهول" وقال العقيلي " لا يُتَابع على حديثه" وقال "بن عدي" أرجوأنه لا بأس به". قال الذهبي: " هوصويلح الحديث، وأنكر ما عنده حديثه عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من زار قبري وجبت له شفاعتي" كذا قاله الحافظ (لسان الميزان 6/ 158 ميزان الاعتدال4/ 225) وأشارا كلاهما وابن خزيمة وغيرهم إلى الاضطراب في الرواية عن عبد الله بن عمر أوعن عبيد الله بن عمر. ونقل عنه الحافظ قوله " أن الثقة لا يروي هذا الخبر المنكر". ونقل عن العقيلي أنه لم يصح في هذا الباب شيء". ثم أكد الحافظ بنفسه أن طرق هذا الحديث كلها ضعيفة وأن أصح شيء في هذا الباب هوحديث " ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله روحي حتى أرد عليه السلام" (التلخيص الحبير2/ 267). وقد ضعف الشيخ محمد درويش الحوت البيروتي هذا الحديث في أسنى المطالب (ص434).
ومع ذلك يأبى الأحباش إلا تصحيح الحديث ولم يأخذوا بكلام الحافظ ابن حجر بل قدموا عليه هذه المرة السبكي الذي يدل كتابه (شفاء السقام) على مرتبته في الحديث (مجلتهم منار الهدى3./ 33).
ومجرد تصحيح هذه الأحاديث الضعيفة إنما هوطعن في أئمة هذه الأمة ومنهم الإمام مالك، فقد قال الحافظ في الفتح " أما مالك فقد كان - رحمه الله - يكره أن يقول الرجل: زرت قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم". ونص عليه القرافي في الذخيرة والزبيدي في شرح الإحياء أن دليل مالك قوله صلى الله عليه وآله وسلم" اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (فتح الباري3/ 66 إتحاف السادة المتقين للزبيدي4/ 714 بغية الطالب 233).
وهذا أعظم دليل على أن مالكاً لم تصح عنده أحاديث الحث على زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ لوصحت لما تجرأ أن يقول " أكره أن يقال زرت قبر النبي".