الغدر بمسلم بن عقيل
قال الشيعي هاشم معروف: " لقد استطاع الوالي الجديد أن يحكم الحيلة ليقبض على هانىء بن عروة الذي آوى رسول الحسين (ع)، وأحسن ضيافته، واشترك معه في الرأي والتدبير، فقبض عليه وقتله بعد حوار طويل جرى بينهما، وألقى بجثمانه من أعلى القصر الى الجماهير المحتشدة حوله، فاستولى الخوف والتخاذل على الناس، وذهب كل انسان الى بيته، وكأن الأمر لايعنيه (1) ".
وقال الشيعي محمد كاظم القزويني: فدخل ابن زياد الكوفة، وأرسل الى رؤساء العشائر والقبائل يهددهم بجيش الشام، ويطمعهم، فجعلوا يتفرقون عن مسلم شيئاً فشيئاً الى أن بقي مسلم وحيداً (2) "
قلت: هذا ما كان يتوقعه مسلم بن عقيل عندما طلب من الحسين رضي الله عنه أن يعفيه من هذه المهمة، لعلمه بغدر الشيعة بعمه علي، وابنه الحسن رضي الله عنهم، فقد تحقق ما كان يتوقعه، وقتل مسلم بمرأى ومسمع من دعاه وبايعه باسم الحسين.
__________
(1) سيرة الأئمة الاثنى عشر 2/ 61.
(2) فاجعة الطف ص7 وقريب منه ما في تظلم الزهراء ص149 وانظر سفير الحسين مسلم بن عقيل ص5. وما بعدها وانظر منه ص113. يقول عبد الحسن نور الدين العاملي: فاخذ الناس يتفرقون وكانت المرأة تأتي ابنها وأخاها فتقول: انصرف، الناس يكفونك ويجيء الرجل الى ابنه وأخيه فيقول: غداً يأتيك أهل الشم فما تصنع بالحرب والشر؟ انصرف فيذهب به فما زالوا يتفرقون حتى أمسى ابن عقيل وصلى المغرب وما معه الا ثلاثون نفرا في المسجد فلما رأى أنه قد أمسى وما معه الا أولئك النفر خرج من المسجد متوجها نحوأبواب كندة فما بلغ الأبواب الا ومعه عشرة ثم خرج من الباب فاذا ليس معه انسان. مأساة احدى وستين ص27.
وقال الشيعي المتعصب عبد الحسين شرف الدين ناقلاً غدر أسلافه بمسلم بن عقيل: " لكنهم نقضوا بعد ذلك بيعته، وأخفروا ذمته، ولم يثبتوا معه على عهد، ولا وفوا له بعقد، وكان بأبي هووأمي من أسود الوقائع، وسقاة الحقوق، وأباة الذل، وأولى الحفائظ، وله حين أسلمه أصحابه واشتد البأس بينه وبين عدوه مقام كريم، وموقف عظيم، اذ جاءه العدومن فوقه ومن تحته وأحاط به من جميع نواحيه، وهووحيد فريد، لاناصر له ولامعين…. حتى وقع في أيديهم أسيراً؛ (1) "
الخبر الفظيع:
قال عباس القمي: " ثم انتظر (أي الحسين) حتى اذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه أكثروا من الماء فاستقوا وأكثروا ثم ارتحلوا فسار حتى انتهى الى زبالة فأتاه خبر عبد الله بن يقطر فجمع أصحابه فأخرج للناس كتاباً قرأه عليهم فاذا فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فانه قد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل وهانىء بن عروة وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج ليس عليه ذمام ".
فتفرق الناس عنه ممن اتبعوه طمعاً في مغنم وجاه، حتى بقي في أهل بيته وأصحابه ممن اختاروا ملازمته، عن يقين وايمان (2) "
__________
(1) المجالس الفاخرة ص62.
(2) في منتهى الآمال 1/ 462 وفي نفس المهموم ص 167 والمجسي في بحار الأنوار 44/ 374 ومحسن الأمين في لواعج الأشجان ص67 وعبد الحسين الموسوي في المجالس الفاخرة ص85 والكاتب عبد الهادي الصالح في خير الأصحاب ص37، ص1.7 كما ذكرها من أسموه بسلطان الواعظين محمد الموسوي الشيرازي في ليالي بشاور ص585، ومحمد مهدي المازندراني في معالي السبطين الجزء الأول صفحة 267 ومرتضى العسكري في معالم المدرستيين جـ3 صفحة 67، أسد حيدر في كتابه مع الحسين في نهضته ص163 وهوفي دائرة المعارف الشيعية (8/ 264) والمحامي أحمد حسين يعقوب في كتابه كربلاء الثورة والمأساة ص244.