ثارت زيارة الدكتور محمد القضاة، وزير الأوقاف الأردني، لمؤتمر الحوار والتقريب ببغداد وكلمته ونشاطاته هناك، عاصفة من الجدل، زادها بتوضيحاته ومقابلاته عند عودته لعمان، فقد أصدر حزب الوسط الإسلامي بياناً انتقد فيه القضاة، ومما جاء في البيان: "نظر حزب الوسط الإسلامي باستغراب إلى تحركات وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية محمد نوح القضاة، باتجاه التطبيع مع الطائفة الشيعية، خاصة بعد زيارته لأضرحة أئمتهم في جنوب العراق وكذلك زيارته لمرجع الشيعة آية الله السيستاني، وترحيبه بتفعيل السياحة الدينية الشيعية إلى ضريح الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.
ويهمنا هنا التركيز على تبني وتشجيع القضاة للسياحة الدينية الشيعية / الإيرانية، وهو الأمر الذي أكد على تبنيه في لقائه على قناة الحقيقة الدولية، ومع برنامج الوكيل، مما أثار جدلاً كبيراً.
وموضوع السياحة الدينية له بُعد ديني وسياسي، فالبعد الديني يشمل حقيقة الخلاف بين السنة والشيعة وحجمه، وهل هذه فعلاً سياحة دينية مشروعة؟ وهل تتصادم هذه السياحة الدينية الشيعية / الإيرانية مع عقائدنا وشعائرنا أم لا؟ وعلى كلٍ هذا سجال لا نريد أن نخوض فيه الآن، ولنقصر حديثنا على البعد السياسي من السياحة الدينية الشيعية / الإيرانية، ونجمله في النقاط التالية:
1- لماذا تجعل إيران / الشيعة السياحة الدينية على رأس أجندتها بالتعاون مع الدول السنية مثل الأردن، مصر، العراق، سوريا.. لماذا الحرص على إغراق هذه الدول بطوفان من السياح الإيرانيين / الشيعة يصل للملايين؟
2- لماذا بالمقابل لا تعد إيران بلدا سياحيا؟ لماذا تنعدم حرية المواطن الإيراني فضلاً عن السائح في إيران، بينما يطلب منا الحرية المطلقة لملايين الإيرانيين في بلادنا؟
3- هل فعلاً أن الشعب الإيراني قادر على السياحة ويرغب بها، بينما المعروف أنه غير قادر على توفير مستلزمات الحياة! وقد سمعنا عن أزمة الدجاج في طهران قبل مدة والغلاء والتضخم والبطالة التي يعاني منها المواطنون هناك، فمن الذي يحرك هؤلاء السياح ويدفع نفقاتهم ويختارهم؟
4- ألم تظهر آثار سلبية للسياحة الدينية الشيعية / الإيرانية على الدول التي قبلت هذه السياحة، ففي العراق وجدنا أنهم بحجة السياحة قاموا بتوطين مئات الآلاف من الإيرانيين في النجف وكربلاء، ومن ثم تحولت لشبه قطعة من إيران، ومن ثم تم السماح لشركات إيرانية خاصة بحماية السياح الإيرانيين في العراق، في شرعنة واضحة للسلاح الإيراني على أرض العراق!
ألم يحدث هذا في سوريا في منطقة السيدة زينب التي أصبحت وكأنها مستوطنة إيرانية فارسية في قلب دمشق العروبة والإسلام؟ ومؤخراً صدر بالقاهرة كتابان يرصدان السياحة الدينية الشيعية / الإيرانية، هما: (مصر والشيعة بين صراع الماضي وخطر المستقبل)، عن مركز التنوير للدراسات الإنسانية للدكتور حمدى عبيد، و(المَدُّ الشيعِيُّ في مِصر.. آليَّات التغلغُل وطَرائِق المُدافَعة)، عن مركز الاستقامة للدراسات الإستراتيجية للكاتب والباحث الهيثم زعفان.
5- أليس قد ثبت أن الإيرانيين واللبنانيين الشيعة شاركوا في قتل الشعب السوري الثائر تحت غطاء السياحة الدينية الشيعية لسوريا، وقد ألقي القبض عليهم من قبل الجيش الحر؟؟
6- أليس باسم حماية المزارات السياحية الدينية الشيعية قام شيعة العراق (لواء اليوم الموعود – لواء أبي الفضل العباس)، وشيعة لبنان (حزب الله ورئيسه) بالتدخل العسكري العلني بحجة حماية هذه المزارات لدعم إجرام قوات الأسد ضد الشعب السوري؟
هذه أسئلة أوجّهها للدكتور القضاة وأنتظر إجابتها منه، هل نحن أمام سياحة دينية بريئة أم نحن نواجه غزو عسكري سافر لا يعترف بسيادة وطنية أو علاقات طبيعية متبادلة؟ بدلاً من حديثه المرسل في العموميات و(الينبغيات)، وهو يتعامى في ذات اللحظة عن أنهار الدماء وأكوام الجثث والأشلاء التي تتكاثر بمرور الأيام بسبب تقاعس أمثاله من الدعاة من الصراحة والوضوح مع المجرم الذي يغتصب ويذبح ويفجر بدون رحمة، ثم يدعونا للحوار والتقريب تحت المكيفات وفي فنادق الخمس نجوم!!
وأختم هذه المقالة برؤية الدكتور بسام العموش للسياحة الدينية الشيعية الإيرانية وميزة هذه الرؤية، أنها تصدر من شخص شغل منصب السفير الأردني في طهران وعُرضت عليه قضية السياحة، وقد عرض العموش هذه الرؤية في حوار على قناة العباسية ومنشور في موقع "يوتيوب"، قال فيه: "طلب الإيرانيون تشجيع السياحة الدينية، يعني يريدون إقامة مطار في الكرك من أجل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وكل يوم يأتي ألف زائر، وكل الناس يعرفون أن الحاج الإيراني يأتي ويذهب لدمشق بـ50 دولارا، يعني مجاناً على حساب الدولة.
وهذا ما كانوا ينوون عمله هنا، كل يوم ألف سائح يعني حركة فنادق ومطاعم، إغراءات اقتصادية كبيرة جداً.
كان جوابي أنا لا أملك هذا القرار لكن أنا أشجعه، لكن أنتم كنتم تذهبون للحج وتحولون الحج لمظاهرات فاصطدمتم بالسعودية، ودفعتم الكلفة: 400 إنسان قتلوا، ولكن بعد توقيع الاتفاقية الأمنية مع السعودية أصبحتم تحجون عادي وتعودون عادي وانتهى الأمر.
إذا أردتم علاقة مع الأردن تفضلوا وقعوا اتفاقية مع الجهات الأمنية".
وأترك القارئ يقارن بين رؤيتي القضاة والعموش لقضية السياحة الدينية، ويقرر موقفه بناء على قناعاته الذاتية.