يستعجل الايرانيون بناء جسورهم الجنوبية من مصر الى السودان قبل انهيار جسورهم الشمالية من سوريا الى العراق استطراداً. وهكذا لم يكتف حسين أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الايراني بالقول "ان مصر وإيران في خندق واحد"، بل مدد زيارته الى القاهرة ليكون أمس على مقربة من انتخاب رئيس المكتب السياسي لـ "حماس ".
عصفوران عربيان بحجر فارسي واحد؟
عندما تراهن طهران على إحياء علاقاتها القديمة مع "الإخوان المسلمين" في مصر، فإنها ترسم خطواتها انطلاقاً من ترتيب خططها التوسعية لتتلاءم مع الخرائط السياسية ومتغيّراتها الإقليمية المتسارعة، ويكفي النظر الى الخريطة لتبدو دول الخليج التي طالما شكت من "التدخلات التخريبية" الإيرانية وكأنها وسط خنّاقة لا كمّاشة فارسية.
فمن الشمال الشرقي إيران، ومن الجنوب اليمن حيث الحوثيون والانفصاليون الذين تحركهم طهران، ومن الشمال الغربي النظام السوري المشارف على الانهيار بما يهدد بتداعي منصة النفوذ الإيراني، المتمثلة شرقاً بنوري المالكي في العراق، وجنوباً بـ"حزب الله" في لبنان. اذاً لماذا لا تكون مصر بديلاً من خسارة إيران سوريا ومنظومة الاختراق الشمالية؟
وبهدف استمطار المساعدات الخليجية لانتشال الاقتصاد المصري، تعمّد محمد مرسي في قمة "منظمة التعاون الاسلامي" في مكة في آب الماضي، زجّ إيران في "المجموعة الرباعية" لحل أزمة سوريا، أي مصر وتركيا وإيران والسعودية، مثيراً الاستهجان لأن إيران تدعم النظام السوري بالسلاح والمال وتقاتل الى جانبه، ولهذا كان من الطبيعي أن تمتنع السعودية عن المشاركة في هذه المجموعة الفاشلة.
في 6 شباط نزل محمود أحمدي نجاد في القاهرة، وقبل يومين هبطت أول طائرة تحمل 58 إيرانياً يسوحون في أسوان وسط حراسة مشددة، في وقت يتحدث البعض عن "السياحة" الإيرانية كمنقذ للاقتصاد المصري، وخصوصاً بعد دعوة خيرت الشاطر الى عودة العلاقات مع إيران مقابل 10 مليارات دولار، وهو ما يشكّل ضمناً محاولة ابتزاز سياسية رخيصة لدول الخليج دفعت بعض المصريين الى السؤال: لو ضخّ الاسرائيليون 20 ملياراً هل نرحب بهم؟
في قمة الدوحة التي أعطت مقعد سوريا الى المعارضة ودعت الى تسليح الثوار، قال محمد مرسي "لا مفر من رحيل الأسد"، وقبل يومين من وصول عبداللهيان إلى القاهرة ثارت ضجة حول عبور باخرة إيرانية، قيل إنها تحمل اسلحة الى النظام السوري، في حين تكرر طهران "ان الأسد باق"، ربما لأن "سوريا هي الولاية الإيرانية رقم 35" كما سبق أن أعلن مهدي طائب، فكيف يمكن مرسي و"الإخوان" تفسير الكلام الإيراني عن أن مصر باتت في "الخندق الفارسي"، الذي يتحدث دائماً عن الحل السلمي في سوريا لكن كتعمية مكشوفة للمذابح التي يقترفها النظام بدعم من إيران وروسيا؟
راجح الخوري
*نقلاً عن صحيفة "النهار" اللبنانية