كشفت صحيفة المساء المصرية عن مساعٍ إيرانية حثيثة لنشر الفكر الشيعي وتصدير مبادئ الثورة الخمينية إلى إفريقيا عبر توثيق علاقاتها مع دول القارة السمراء.
وقالت الصحيفة المصرية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء: إن "الزيارة الذي يعتزم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد القيام بها لدولة السنغال على رأس وفد رفيع المستوي تندرج تحت هذه المساعي".
وأضافت الصحيفة: "السنغال ليست هي الدولة الإفريقية الوحيدة التي يسعي الإيرانيون إلي توثيق علاقاتهم معها؛ فنجاد يضع القارة الإفريقية على رأس قائمة أولوياته في سياسته الخارجية من أجل ترسيخ الوجود الإيراني هناك".
وعن الوسائل الملتوية التي تسلكها الدولة الشيعية لتحقيق هذا الغرض قالت الصحيفة: "تستخدم إيران عدة طرق في تحركها داخل دول القارة السمراء؛ مثل الوسائل السياسية والاقتصادية والثقافية، مثلما حدث في زيارته الأخيرة [نجاد] لعدد من دول شرق إفريقيا ومن بينها كينيا التي طلبت من إيران مساعدتها في بناء محطة نووية لتوليد الكهرباء".
وأضافت الصحيفة: هذا "فضلاً عن وجود عدد من الشركات الإيرانية ليس فقط في دول شرق إفريقيا وإنما في زامبيا وموزمبيق".
وأكدت أن طهران تولي أهمية قصوى للسودان باعتبارها البوابة الرئيسية للتغلغل في إفريقيا وكذلك قاعدة لنشر المذهب الشيعي في القارة السمراء.
إيران و"إسرائيل" تتسابقان لاختراق إفريقيا
وكان رئيس تحرير مختارات "إسرائيلية" بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية قد أكد الشهر الماضي أن كلاً من إيران و"إسرائيل" يستخدمان نفس وسائل الاختراق في الدول الإفريقية عن طريق تقديم المساعدات الاقتصادية رغم اختلاف دوافع كلا الدولتين.
وأكد الدكتور عماد جاد خلال الجلسة الأولى لمؤتمر "التحركات الإيرانية في شرق إفريقيا وانعكاساتها على الاستقرار والأمن في المنطقة"، الذي عقده المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية صباح اليوم، أن المساعدات الخارجية التي تقدمها بعض الدول فى صورة منح ليست سوى أداة من أدوات السياسة لتلك الدول.
إقامة تكتلات وزعزعة الأمن
من جانبه أكد السفير أحمد حجاج الأمين العام للجمعية الإفريقية، أن إيران تحاول كسر العزلة التى تريد بعض الدول الكبرى فرضها عليها بإقامة علاقات فى دول أفريقيا "حيث إن وجود مصالح إيرانية بتلك الدول سيساندها فى حالة وقوع أى مواجهة بينها وبين أى دولة كبرى" على حد قوله.
وأضاف حجاج، أنه لاحظ أثناء عمله سفيرًا لمصر فى كينيا نشاط إيران المتزايد عن طريق بعض المؤسسات الخيرية الإيرانية من خلال تقديم منح للطلاب الكينيين للدراسة فى طهران.
وأكد أن إيران لها "دور خفي" فى زعزعة الأمن فى بعض الدول دون توجيه أى اتهام لها مثل المساعدات التى تقدمها لجماعة الحوثيين الانفصالية فى اليمن.
وأضاف الدكتور حسن الحجاج علي عميد كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية جامعة الخرطوم، أنه متوقع زيادة التنافس بين إيران و"إسرائيل" على زيادة نفوذ كل منها فى الدول الأفريقية.
تهديد أمن مصر والسعودية واليمن
وأكد خبراء على أن التحركات الإيرانية في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، والتي زادت في الآونة الأخيرة، تهدد أمن مصر والسعودية واليمن.
كما أكد الخبراء على ضرورة منع إيران من توسيع مناطق نفوذها ومصالحها في المنطقة، لما لذلك من أثر سلبي على مصالح الدول القريبة من منطقة القرن الإفريقي وعلى رأسها مصر والسعودية واليمن من ناحية، ودول الخليج من ناحية أخرى.
ودعا الخبراء الدول العربية والإسلامية إلى زيادة وجودها في إفريقيا، وعدم ترك الساحة فارغة أمام إيران فقط.
وقال اللواء أحمد فخر رئيس المركز الدولي للدراسات السياسية والمستقبلية "إن التحركات الإيرانية تفرض تحديات على مصر وعلى دول المنطقة حيث إن إفريقيا هي عمق إستراتيجي لمصر يمتلئ بالمصالح الوطنية المصرية".
وأضاف أنه "على مصر أن تواجه تحديات التحركات الإيرانية"، مشيرًا إلى أن هذه التحركات "لا تستهدف فقط زيادة نفوذها في القارة، ولكن التأثير على المصالح المصرية في قارة إفريقيا، وخاصةً ما يحدث في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي باعتبارها دولة مطلة على البحر الأحمر ودولة ذات مصالح مائية مع دول منابع النيل".
وتابع: "بالإضافة إلى ما تتم إثارته من اضطرابات وقلاقل تهدد استقرار دول ذات علاقة أمنية مشتركة مثل الصومال واليمن والسودان وغيرها".
وأكد اللواء أحمد فخر على أن "مثل هذا الأمر يمثل تحدياً مباشرًا للمصالح المصرية والعربية والأمن الإقليمي عامة".
أنشطة استخباراتية وعسكرية إيرانية
وعلى صعيدٍ آخر، قال الدكتور عادل سليمان المدير التنفيذي للمركز الدولي للدراسات السياسية والمستقبلية "إن الأنشطة الاستخباراتية والعسكرية الإيرانية على حدود العالم العربي تثير القلق الشديد"، لافتًا إلى أن تلك الأنشطة "لم تعد تلك خافية".
وأوضح الدكتور سليمان أن "الحضور الإيراني في المنطقة يتزايد، وتتمتع بتسهيلات هامة في ميناء عصب المطل على باب المندب مع زيادة التعاون مع أريتريا".
وتابع "بالإضافة إلى التعاون العسكرى بين طهران والخرطوم وإقامة علاقات مع بعض الأطراف المتحاربة في الصومال، ثم أخيرًا دعم الحوثيين في منطقة صعدة وشمال اليمن".
ممرات للوصول لمناطق الأزمات
ومن جانبه، قال محمد عباس ناجي الباحث المتخصص فى الشؤون الإيرانية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام إن "إيران تسعى إلى فتح ممرات بحرية وبرية تسهل الوصول إلى مناطق الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما منطقة الصراع العربي – "الإسرائيلي"، من خلال تأمين وجود إيراني بالقرب من الممرات البحرية، خصوصا البحر الأحمر وباب المندب".
وأضاف "وهو ما يوفر ورقة تستطيع إيران استخدامها للتعامل مع السيناريوهات المحتملة لأزمة ملفها النووي، وعلي رأسها احتمال تعرضها لضربة عسكرية سواء من جانب "إسرائيل" أو الولايات المتحدة، أو الاثنتين معًا".