ذكر بعض حماقات الرافضة
وأما سائر حماقاتهم فكثيرة جدا، مثل كون بعضهم لا يشرب من نهر حفره يزيد، مع أن النبي (والذين كانوا معه كانوا يشربون من آبار وأنهار حفرها الكفار.
وبعضهم لا يأكل من التوت الشامي، ومعلوم أن النبي (ومن معه كانوا يأكلون مما يجلب من بلاد الكفار، من الجبن، ويلبسون ما تنسجه الكفار، بل غالب ثيلبهم كانت من نسيج الكفار.
ومثل كونهم يكرهون التكلم بلفظ العشرة، أوفعل أي شيء يكون عشرة، حتى في البناء لا يبنون على عشرة أعمدة، ولا بعشرة جذوع ونحوذلك، لكونهم يبغضون خيار الصحابة _ وهم العشرة _ المشهود لهم بالجنة، أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمروبن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبوعبيدة بن الجراح رضوان الله عليهم أجمعين، يبغضون هؤلاء إلا علي بن أبي طالب (، ويبغضون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، الذين بايعوا رسول الله (، تحت الشجرة، وكانوا ألفا وأربعمائة.
وقد أخبر الله أنه قد رضي عنهم. وثبت في صحيح مسلم وغيره، عن جابر أيضا. أن غلام حاطب بن أبي بلتعة قال: يا رسول الله والله ليدخلن حاطب النار، فقال النبي (: ((كذبت، إنه شهد بدرا والحديبية)) (1).
__________
(1) انظر الحديث في مسلم ج 4 ص 1942.
وهم يتبرؤون من جمهور هؤلاء. بل يتبرؤون من سائر أصحاب رسول الله (، إلا نفرا قليلا نحوبضعة عشر، ومعلوم أنه لوفرض في العالم عشرة من أكفر الناس، لم يجب هجر هذا الاسم لذلك، كما أنه سبحانه وتعالى لما قال: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فيِ الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُون} (1).
لم يجب هجر اسم التسعة مطلقا، بل اسم العشرة قد مدح الله مسماه في مواضع، كقوله تعالى في متعة الحج: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشْرَةٌ كَامِلَة ((2).
وقال تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْر فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَة ((3).
وقال تعالى: (وَاٌلْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ (.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي (كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله تعالى (4).
وقال في ليلة القدر التمسوها في العشر الأواخر (5).
وقد ثبت في الصحيح أن النبي (قال: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) (6) نظائر ذلك متعددة.
ومن العجيب أنهم يوالون لفظ التسعة، وهم يبغضون التسعة من العشرة فإنهم يبغضونهم إلا عليا، وكذلك هجرهم لاسم أبي بكر وعمر وعثمان ولمن يتسمى بذلك، حتى يكرهون معاملته، ومعلوم أن هؤلاء لوكانوا من أكفر الناس، لم يشرع أن لا يتسمى الرجل بمثل أسمائهم، فقد كان في الصحابة من اسمه الوليد.
__________
(1) الآية 48 من سورة النمل.
(2) الآية 196 من سورة البقرة.
(3) الآية 142 من سورة الأعراف.
(4) انظر البخاري ج3ص47 - 48 ومسلم ج2ص83. - 831.
(5) انظر كتاب الصوم من البخاري الباب 72 ومسلم ج2ص823.
(6) انظر البخاري ج2ص2. والترمذي ج2ص129.
وكان النبي (يقنت في الصلاة، ويقول اللهم أنج الوليد بن الوليد بن المغيرة (1) وأبوه وكان من أعظم الناس كفرا، وهوالوحيد المذكور في قوله تعالى: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ((2) وفي الصحابة من اسمه عمرو، وفي المشركين من اسمه عمروبن عبدود، وأبوجهل اسمه عمروبن هشام.
وفي الصحابة خالد بن سعيد بن العاص من السابقين الأولين، وفي المشركين خالد بن سفيان الهذلي.
وفي الصحابة من اسمه هشام مثل هشام بن حكيم، وأبوجهل كان اسم أبيه هشاما. وفي الصحابة من اسمه عقبة مثل أبي مسعود عقبة بن عمروالبدري، وعقبة بن عامر الجهني، وكان في المشركين عقبة بن أبي معيط.
وفي الصحابة علي وعثمان، وكان في المشركين من اسمه علي مثل علي بن أمية بن خلف، قتل يوم بدر كافرا، ومثل عثمان بن طلحة قتل قبل أن يسلم، ومثل هذا كثير.
فلم يكن النبي (والمؤمنون يكرهون اسما من الأسماء لكونه قد تسمى به كافر من الكفار، فلوقدر أن المسلمين بهذه الأسماء كفار، لم يوجب ذلك كراهة هذه الأسماء مع العلم لكل أحد بأن النبي (كان يدعوهم بها، ويقر الناس على دعائهم بها.
وكثير منهم يزعم أنهم كانوا منافقين، وكان النبي (يعلم أنهم منافقون، وهومع هذا يدعوهم بها، وعلي بن أبي طالب (قد سمى بها أولاده فعلم أن جواز الدعاء بهذه الأسماء سواء كان ذلك المسمى بها مسلما أوكافرا أمر معلوم من دين الاسلام، فمن كره أن يدعوأحدا بها كان من أظهر الناس مخالفة لدين الإسلام، ثم مع هذا إذا تسمى الرجل عندهم باسم علي، أوجعفر أوحسن اوحسين أونحوذلك، عاملوه وأكرموه، ولا دليل لهم في ذلك على أنه منهم.
ومن حماقاتهم أيضا أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها، كالسرداب الذي بسامرا الذي يزعمون أنه غائب فيه.
__________
(1) انظره في البخاري ج6ص48 - 49.
(2) الآية 11 من سورة المدثر.
ومشاهد أخرى وقد يقيمون هناك دابة إما بغلة وإما فرسا، وإما غير ذلك ليركبها إذا خرج، ويقيمون هناك إما في طرفي النهار وإما في أوقات أخرى من ينادي عليه بالخروج يا مولانا اخرج، ويشهرون السلاح ولا أحد هناك يقاتلهم، وفيهم من يقوم في أوقات دائما لا يصلي، خشية أن يخرج وهوفي الصلاة فيشتغل بها عن خروجه، وخدمته، وهم في أماكن بعيدة عن مشهده كمدينة النبي (إما في العشر الأواخر من شهر رمضان.
وإما في غير ذلك يتوجهون إلى المشرق، وينادون بأصوات عالية يطلبون خروجه، ومن المعلوم أنه لوكان موجودا وقد أمره الله بالخروج فإنه يخرج، سواء نادوه أولم ينادوه، وإن لم يؤذن له فهولا يقبل منهم، وإنه إذا خرج فإن الله يؤيده ويأتيه بما يركبه، وبمن يعينه وينصره، لا يحتاج أن يوقف له دائما من الآدميين من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، والله سبحانه وتعالى قد عاب في كتابه من يدعومن لا يستجيب دعاءه فقال تعالى: (ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا اسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَ لاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ((1) هذا مع أن الأصنام موجودة، وكان يكون بها أحيانا شياطين تتراءى لهم وتخاطبهم.
ومن خاطب معدوما كانت حالته أسوأ من حال من خاطب موجودا، وإن كان جمادا، فمن دعا المنتظر الذي لم يخلقه الله، كان ضلاله أعظم من ضلال هؤلاء، وإذا قال أنا أعتقد وجوده كان بمنزلة قول أولئك نحن نعتقد أن هذه الأصنام لها شفاعة عند الله فيعبدون من دون الله ما لاينفعهم ولا يضرهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله.
__________
(1) الآيتان 13،14 من سورة فاطر.
والمقصود أن كليهما يدعومن لا ينفع دعاؤه، وإن كان أولئك اتخذوهم شفعاء آلهة، وهؤلاء يقولون هوإمام معصوم فهم يوالون عليه. ويعادون عليه كموالاة المشركين على آلهتهم، ويجعلونه ركنا في الإيمان لا يتم الدين إلا به، كما يجعل بعض المشركين آلهتهم كذلك وقال تعالى: (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيْيِنَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ. وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنَّبِْييِنَ أَرْبَابَاً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ((1).
فإذا كان من يتخذ الملائكة والنبيين أربابا بهذه الحال، فكيف بمن يتخذ إماما معدوما لا وجود له؟ وقد قال تعالى: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابَاً مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهَاً وَاحِداً لآ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ((2) وقد ثبت في الترمذي وغيره من حديث عدي بن حاتم أنه قال: ((يا رسول الله ما عبدوهم. فقال: إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم، فكانت تلك عبادتهم إياهم)) (3) فهؤلاء اتخذوا أناسا موجودين، أربابا.
__________
(1) الآيتان 79، 8. من سورة آل عمران.
(2) الآية 31 من سورة التوبة.
(3) انظر سنن الترمذي ج 4 ص 341، وقال: غريب.
وهؤلاء يجعلون الحرام والحلال معلقا بالإمام المعدوم، الذي لا حقيقة له، ثم يعملون بكل ما يقول المثبتون أنه يحلله ويحرمه، وإن خالف الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، حتى إن طائفتهم إذا اختلفت على قولين فالقول الذي لا يعرفه قائله هوالحق، لأنه قول هذا الإمام المعصوم، فيجعلون الحلال ما حلله والحرام ما حرمه هذا الذي لا يوجد. وعند من يقول إنه موجود لا يعرفه أحد، ولا يمكن أحدا أن ينقل عنه كلمة واحدة.
ومن حماقاتهم تمثيلهم لمن يبغضونه مثل اتخاذهم نعجة وقد تكون نعجة حمراء، لكون عائشة تسمى الحميرا يجعلونها عائشة ويعذبونها بنتف شعرها، وغير ذلك، ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة ومثل ا تخاذهم حلسا مملوءا سمنا يشقون بطنه فيخرج السمن فيشربونه، ويقولون هذا مثل ضرب عمر وشرب دمه.
ومثل تسمية بعضهم لحمارين من حمر الرحا أحدهما بأبي بكر، والآخر بعمر ثم عقوبة الحمارين جعلا منهم تلك العقوبة عقوبة لأبي بكر وعمر، وتارة يكتبون أسماءهم على اسفل أرجلهم حتى أن بعض الولاة جعل يضرب رجلي من فعل ذلك ويقول إنما ضربت أبا بكر وعمر، ولا أزال أضربهما حتى أعدمهما.
ومنهم من يسمي كلابه باسم أبي بكر وعمر، ويلعنهما ومنهم من إذا سمى كلبه فقيل له بكير يضارب من يفعل ذلك، ويقول تسمى كلبي باسم أصحاب النار.
ومنهم من يعظم أبا لؤلؤة المجوسي الكافر الذي كان غلاما للمغيرة بن شعبة، لما قتل عمر، ويقولون: واثارات أبي لؤلؤة فيعظمون كافرا مجوسيا باتفاق المسلمين لكونه قتل عمر (.
ومن حماقاتهم إظهارهم لما يجعلونه مشهدا، فكم كذبوا الناس، وادعوا أن في هذا المكان ميتا من أهل البيت، وربما جعلوه مقتولا، فيبنون ذلك مشهدا، وقد يكون ذلك كافرا أوقبر بعض الناس، ويظهر ذلك بعلامات كثيرة.
ومعلوم أن عقوبة الدواب المسماة بذلك ونحوهذا الفعل لا يكون إلا من فعل أحمق الناس وأجهلهم، فإنه من المعلوم أنا لوأردنا أن نعاقب فرعون وأبا لهب وأبا جهل وغيرهم ممن ثبت بإجماع المسلمين أنهم من أكفر الناس مثل هذه العقوبة لكان هذا من أعظم الجهل، لأن ذلك لا فائدة فيه بل إذا قتل كافر، يجوز قتله أومات حتف أنفه، لم يجز بعد قتله أوموته أن يمثل به فلا يشق بطنه أويجدع أنفه وأذنه ولا تقطع يده إلا أن يكون ذلك على سبيل المقابلة.
فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره، عن بريدة، عن النبي (، أنه كان إذا بعث أميرا على جيش أوسرية، أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، وأوصاه بمن معه من المسلمين خيرا وقال: ((اغزوفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا، وليدا)) (1) وفي السنن أنه كان في خطبته يأمر بالصدقة، وينهى عن المثلة (2).
مع أن التمثيل بالكافر بعد موته فيه نكاية بالعدو، ولكن نهى عنه لأنه زيادة إيذاء بلا حاجة، فإن المقصود كف شره بقتله، وقد حصل. فهؤلاء الذين بيغضونهم لوكانوا كفارا وقد ماتوا لم يكن لهم بعد موتهم أن يمثلوا بأبدانهم، لا يضربونهم، ولا يشقون بطونهم ولا ينتفون شعورهم، مع أن في ذلك نكاية فيهم. أما إذا فعلوا ذلك بغيرهم ظنا أن ذلك يصل إليهم كان غاية الجهل، فكيف إذا كان بمحرم كالشاة التي يحرم إيذاؤها بغير حق، فيفعلون ما لا يحصل لهم به منفعة أصلا بل ضرر في الدين والدنيا، والآخرة، مع تضمنه غاية الحمق والجهل.
__________
(1) انظره في مسلم ج3ص1356
(2) انظر سنن أبي داود ج3ص72 والدارمي ج1ص39..
ومن حماقتهم إقامة المأتم والنياحة على من قتل من سنين عديدة، ومن المعلوم أن المقتول وغيره من الموتى إذا فعل مثل ذلك بهم عقب موتهم كان ذلك مما حرمه الله ورسوله، فقد ثبت في الصحيح عن النبي (أنه قال: ((ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)) (1). وثبت في الصحيح عنه أنه برئ من الحالقة والصالقة والشاقة (2). فالحالقة لتي تحلق شعرها عند المصيبة، والصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة بالمصيبة والشاقة التي تشق ثيابها.
وفي الصحيح عنه أنه قال: ((من نيح عليه فإنه يعذب، بما نيح عليه)) (3). وفي الصحيح عنه أنه قال: ((إن النائحة إذا لم تتب قبل موتها فإنها تلبس يوم القيامة درعا من جرب، وسربالا من قطران)) (4).
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهؤلاء يأتون من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعوى الجاهلية، وغير ذلك من المنكرات بعد الموت بسنين كثيرة ما لوفعلوه عقب موته لكان ذلك من أعظم المنكرات التي حرمها الله ورسوله، فكيف بعد هذه المدة الطويلة؟.
ومن المعلوم أنه قد قتل من الأنبياء وغير الأنبياء ظلما وعدوانا من هوأفضل من الحسين، قتل أبوه ظلما، وهوأفضل منه، وقتل عثمان بن عفان، وكان قتله اول الفتن العظيمة التي وقعت بعد موت النبي (، وترتب عليه من الشر والفساد أضعاف ما ترتب على قتل الحسين.
__________
(1) انظر البخاري ج2ص82. في أماكن متعددة ومسلم ج1ص99.
(2) البخاري ج2ص81 ومواضع أخرى. ومسلم ج1ص1...
(3) انظر مسلم ج2ص644 والبخاري ج2ص8..
(4) انظره في مسلم ج 2 ص 644.
وقتل غير هؤلاء ومات، وما فعل أحد من المسلمين ولا غيرهم مأتما ولا نياحة على ميت، ولا قتيل بعد مدة طويلة من قتله، إلا هؤلاء الحمقى الذين لوكانوا من الطير لكانوا رخما، ولوكانوا من البهائم لكانوا حمرا (1).
ومن ذلك أن بعضهم لا يوقد خشب الطرفاء، لأنه أبلغه أن دم الحسين وقع على شجرة من الطرفاء. ومعلوم أن تلك الشجرة بعينها لا يكره وقودها ولوكان عليها من أي دم كان، فكيف بسائر الشجر الذي لم يصبه الدم؟
ومن حماقاتهم ما يطول وصفها ولا يحتاج أن تنقل بإسناد، ولكن ينبغي أن يعلم مع هذا أن المقصود أنه من ذلك الزمان القديم يصفهم الناس بمثل هذا، من عهد التابعين وتابعيهم كما ثبت بعض ذلك، إما عن الشعبي، وإما أن يكون من كلام عبد الرحمن، وعلى التقديرين فإن المقصود حاصل، فإن عبد الرحمن كان في زمن تابعي التابعين.
وإنما ذكرنا هذا لأن عبد الرحمن كثير من الناس لا يحتج بروايته المفردة، إما لسوء حظه، وإما لتهمته في تحسين الحديث، وإن كان له علم ومعرفة بأنواع من العلوم، ولكن لا يصلح للاعتضاد، والمتابعة، كمقاتل بن سليمان، ومحمد بن عمر الواقدي، وأمثالهما، فإن كثرة الشهادات والأخبار قد توجب العلم، وإن لم يكن كل من المخبرين ثقة حافظا حتى يحصل العلم بمخبر الأخبار المتواترة، وإن كان المخبرون من أهل الفسوق، إذا لم يحصل بينهم تشاغر وتواطؤ.
والقول الحق الذي يقوم عليه الدليل يقبل من كل من قاله، وإن لم يقبل بمجرد إخبار المخبر به.
__________
(1) اتخاذهم يوم عاشوراء مأتما على الحسين هومن أجل إيقاد نار الغل والحقد على أهل السنة لأنهم في تصويرهم هم الذين قتلوه، وليس ذلك حبا للحسين وأهل بيته.
فلهذا ذكرنا ما ذكره عبد الرحمن بن مالك بن مغول، فإن غاية ما فيه أنه قاله ذاكرا الأثر وعبد الرحمن هذا يروي عن أبيه، وعن الأعمش، وعن عبيد الله بن عمر، ولا يحتج بمفرداته، فإنه ضعيف. ومما ينبغي أن يعرف أن ما يوجد في جنس الشيعة من الأقوال والأفعال المذمومة، وإن كان أضعاف ما ذكرناه لكن قد لا يكون هذا كله في الإمامية الاثني عشرية، ولا في الزيدية ولكن يكون كثير منه في الغالية، وفي كثير من عوامهم مثل ما يذكر عنهم من تحريم لحم الجمل، وأن الطلاق يشترط فيه رضا المرأة، ونحوذلك مما يقوله من يقوله من عوامهم وإن كان علماؤهم لا يقولون ذلك، ولكن لما كان أصل مذهبهم مستند إلى جهل، كانوا أكثر الطوائف كذبا وجهل.