آخر تحديث للموقع :

الجمعة 17 جمادى الأولى 1445هـ الموافق:1 ديسمبر 2023م 10:12:15 بتوقيت مكة

جديد الموقع

فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ..

فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ

قال الرافضي: ((البرهان الخامس والعشرون: قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال الثعلبي: إنما نزلت في عليّ، وهذا يدل عَلَى أنه أفضل، فيكون هوالإمام)).

والجواب من وجوه: أحدها: أن هذا كذب على الثعلبي، فإنه قال في تفسيره في هذه الآية: ((قال عليّ وقتادة والحسن: إنهم أبوبكر وأصحابه. وقال مجاهد: هم أهل اليمن)). وذكر حديث عياض بن غنم: إنهم أهل اليمن، وذكر الحديث: ((أتاكم أهل اليمن)) (انظر البخاري كتاب المغازي باب قدوم الأشعريين.). فقد نقل الثعلبي أن عليًّا فسَّر هذه الآية بأنهم أبوبكر وأصحابه.

الثاني: أن هذا قول بلا حجة، فلا يجب قبوله.

الثالث: أن هذا معارَض بما هوأشهر منه وأظهر، وهوأنها نزلت في أبي بكر وأصحابه، الذين قاتلوا معه أهل الردة. وهذا هوالمعروف عند الناس كما تقدم. لكن هؤلاء الكذّابون أرادوا أن يجعلوا الفضائل التي جاءت في أبي بكر يجعلونها لعليّ، وهذا من المكر السيء الذي لا يحيق إلا بأهله.

الرابع: أن يقال: إن الذي تواتر عند الناس أنه قاتل أهل الردّة هوأبوبكر الصديق رضي الله عنه، الذي قاتل مسيلمة الكذاب المدّعي للنبوة وأتباعه بني حنيفة وأهل اليمامة. وقد قيل: كانوا نحومائة ألف أوأكثر، وقاتل طليحة الأسدي، وكان قد ادّعى النبوة بنجد، واتّبعه من أسد وتميم وغطفان ما شاء الله، وادّعت النبوة سجاح، امرأة تزوّجها مسيلمة الكذّاب، فتزوج الكذّاب بالكذّابة.

والمقاتلون للمرتدّين هم من الذين يحبهم الله ويحبونه، وهم أحق الناس بالدخول في هذه الآية، وكذلك الذين قاتلوا سائر الكفّار من الروم والفرس. وهؤلاء أبوبكر وعمر ومن اتبعهما من أهل اليمن وغيرهم. ولهذا رُوى أن هذه الآية لمّا نزلت سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هؤلاء، فأشار إلى أبي موسى الأشعري، وقال: ((هم قوم هذا)) (انظر تفسير الطبري ج1. ص 414 - 415 تحقيق محمود شاكر.)

فهذا أمر يعرف بالتواتر والضرورة: أن الذين أقاموا الإسلام وثبتوا عليه حين الردة، وقاتلوا المرتدين والكفّار، هم داخلون في قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ} وأما عليّ رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله، لكن ليس بأحق بهذه الصفة من أبي بكر وعمر وعثمان، ولا كان جهاده للكفّار والمرتدّين أعظم من جهاده هؤلاء، ولا حصل به من المصلحة للدين أعظم مما حصل بهؤلاء، بل كل منهم له سعي مشكور وعمل مبرور وآثار صالحة في الإسلام، والله يجزيهم عن الإسلام وأهله خير جزاء، فهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون، الذين قضوا بالحق، وبه كانوا يعدلون.

وأما أن يأتي إلى أئمة الجماعة الذين كان نفعهم في الدين والدنيا أعظم، فيجعلهم كفَّاراً أوفسَّاقا ظلمة، ويأتي إلى من لم يجر على يديه من الخير مثل ما جرى على يد واحد منهم، فيجعله الله أوشريكا لله، أوشريك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوالإمام المعصوم الذي لا يؤمن إلا من جعله معصوماً منصوصا عليه، ومن خرج عن هذا فهوكافر، ويجعل الكفّار المرتدّين الذي قاتلهم أولئك كانوا مسلمين، ويجعل المسلمين الذين يصلّون الصلوات الخمس، ويصومون شهر رمضان، ويحجّون البيت، ويؤمنون بالقرآن يجعلهم كفّاراً لأجل قتال هؤلاء.

فهذا عمل أهل الجهل والكذب والظلم والإلحاد في دين الإسلام، عمل من لا عقل له ولا دين ولا إيمان.

الوجه الخامس: أن يقال: هب أن الآية نزلت في عليّ، أيقول القائل: إنها مختصة به، ولفظها يصرح بأنهم جماعة؟ قال تعالى: {مَن يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (1) إلى قوله: {لَوْمَةَ لاَئِمٍ}. أفليس هذا صريحا في أن هؤلاء ليسوا رجلاً، فإن الرجل لا يسمّى قوما في لغة العرب: لا حقيقة ولا مجازا.

ولو قال: المراد هو وشيعته.

لقيل: إذا كانت الآية أَدْخَلت مع عليّ غيره، فلا ريب أن الذين قاتلوا الكفّار والمرتدين أحق بالدخول فيها ممن لم يقاتل إلا أهل القبلة، فلا ريب أن أهل اليمن، الذين قاتلوا مع أبي بكر وعمر وعثمان، أحق بالدخول فيها من الرافضة، الذين يوالون اليهود والنصارى والمشركين، ويعادون السابقين الأوَّلين.

الوجه السادس: قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} لفظ مطلق، ليس فيه تعيين. وهومتناول لمن قام بهذه الصفات كائناً ما كان، لا يختص ذلك بأبي بكر ولا بعليّ. وإذا لم يكن مختصاً بأحدهما، لم يكن هذا من خصائصه، فبطل أن يكون بذلك أفضل ممن يشاركه فيه، فضلا عن أن يستوجب بذلك الإمامة.

بل هذه الآية تدلّ على أنه لا يرتدُّ أحد عن الدين إلى يوم القيامة إلا أقام الله قوما يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، يجاهدون هؤلاء المرتدّين.

عدد مرات القراءة:
1967
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :