كان علي في غاية الذكاء، شديد الحرص على التعلم
ولازم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هوأكمل الناس ملازمة ليلا ونهارا، ومن صغره إلى وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)).
والجواب: أن يُقال: من أين علم أنه أذكى من عمر، ومن أبي بكر وأنه كان أرغب في العلم منهما؟.
وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنه كان في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فعمر)) (1) والمحدث الملهم يلهمه الله، وهذا قدر زائد على تعليم البشر.
__________
(1) تقدم تخريجه ص 476.
ولا ريب أن أبا بكر كان ملازما للنبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من عليّ، ومن كل أحد، وكان أبوبكر وعمر رضي الله عنهما أكثر اجتماعا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من عليّ بكثير. فكان يسمر معهما في أمر المسلمين. والمسائل التي تنازع فيها عمر وعليّ في الغالب يكون فيها قول عمر أرجح، كمسألة الحامل المتوفى عنها زوجها، ومسألة الحرام. كما تقدم.
(فصل)
قال الرافضي: ((وقال - صلى الله عليه وسلم -: العلم في الصغر كالنقش في الحجر. فتكون علومه أكثر من علوم غيره، لحصول القابل الكامل، والفاعل التام)).
والجواب: أن هذا من عدم علم الرافضي بالحديث؛ فإن هذا مَثَلٌ سائر، ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأصحابه أيّدهم الله تعالى، فتعلموا الإيمان والقرآن والسنن، ويسَّر الله ذلك عليهم. وكذلك عليّ؛ فإن القرآن لم يكمل حتى صار لعليّ نحواً من ثلاثين سنة، فإنما حفظ أكثر ذلك في كبره لا في صغره. وقد اختُلف في حفظه لجميع القرآن على قولين.
والأنبياء أعلم الخلق، ولم يبعث الله نبيًّا إلا بعد الأربعين، إلا عيسى - صلى الله عليه وسلم -. وتعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مطلقاً، لم يكن يخص به أحداً، ولكن بحسب استعداد الطالب. ولهذا حفظ عنه أبوهريرة في ثلاث سنين أخرى ما لم يحفظ غيره. وكان اجتماع أبي بكر به أكثر من سائر الصحابة.
وأما قوله: ((إن الناس منه استفادوا العلوم)).
فهذا باطل؛ فإن أهل الكوفة - التي كانت داره - كانوا قد تعلّموا الإيمان، والقرآن وتفسيره، والفقه، والسنّة من ابن مسعود وغيره، قبل أن يقدم عليٌّ الكوفة.
وإذا قيل: إن أبا عبد الرحمن قرأ عليه، فمعناه: عرض عليه. وإلا فأبوعبد الرحمن كان قد حفظ القرآن قبل أن يقدم عليّ الكوفة.
(فصل)
قال الرافضي: ((وأما النحوفهوواضعه. قال لأبي الأسود: الكلام كله ثلاثة أشياء: اسم، وفعل، وحرف. وعلَّمه وجوه الإعراب)).
والجواب: أن يُقال: أوّلا: هذا ليس من علوم النبوة، وإنما هوعلم مستنبط، وهووسيلة في حفظ قوانين اللسان، الذي نَزَل به القرآن، ولم يكن في زمن الخلفاء الثلاثة لحنٌ، فلم يُحتَج إليه. فلما سكن عليٌّ الكوفة، وبها الأنباط، رُوى أنه قال لأبي الأسود الدؤلي: ((الكلام اسم وفعل وحرف)). وقال: ((انح هذا النحو)) ففعل هذا للحاجة. كما أن من بعد عليّ أيضا استخرج للخط النقط والشكل، وعلامة المد والشد، ونحوه للحاجة.
ثم بعد ذلك بَسَط النحونحاة الكوفة والبصرة، والخليل استخرج علم العروض.
(فصل)
قال الرافضي: ((وفي الفقه: الفقهاء يرجعون إليه)).
والجواب: أن هذا كذب بيِّن؛ فليس في الأئمة الأربعة - ولا غيرهم من أئمة الفقهاء - من يرجع إليه في فقهه.