الأخبار التي راجت أخيراً حول الحجز الموقت للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وخضوعه للتحقيق في احد المقرات السرية لمخابرات الحرس الثوري, وتوجيه الأوامر العليا له بضبط لسانه وعدم الخوض في أمور وملفات لا يرتاح الولي الفقيه لإظهارها على الملأ في سباق السلطة المحموم في إيران , وذلك جزء رئيسي وفاعل من تصرفات إرهابية تعبر عن حقيقة الحالة التسلطية للجمهورية التي أقيمت على جثث احرار الشعب الإيراني , وعلى مصادرة حقوق الشعوب الإيرانية في الحرية و الإنعتاق وتقرير المصير فقبل أيام قليلة من الإنتخابات الرئاسية المجهزة سلفا و المعروفة نتائجها يتعرض أحد أهم رموز ذلك النظام و الذي وصل إلى الرئاسة بعد إنتخابات مزورة أطلقت الربيع الإيراني عام 2009 وقدم الشباب الإيراني زهرة عناصرهم في تلك الملحمة الثورية التي خمدت موقتا ولكنها لم تستأصل بكل تأكيد , لبلطجة النظام نفسه الذي يمثله ويعبر عن صورته وهويته الفكرية ورؤاه بكل أبعادها الخرافية و الميتافيزيقية التي تستهدف تخدير جماهير الفقراء و العامة بخرافات صفوية مضحكة ما أنزل الله بها من سلطان بهدف إستمرار السيطرة الفاشية المغلفة بالإطار الديني الرث , فتغول و تعملق و تضخم الجهاز السري الإرهابي الذي يهيمن على إدارة الوضع الإيراني قد جعل كل السلطات تحت مداس السلطات المهولة للولي الفقيه و الذي يمثل وجهازه الأمني السري أكبر قوة سيطرة إرهابية في إيران لا تقف امام سطوتها و إرهابها وجبروتها أي سلطة أخرى حتى لو كانت منتخبة! وهو ما يجعل منصب الرئيس الإيراني يكون بمثابة منصب شرفي لاقيمة حقيقية له أمام السلطات الرهيبة وغير المحدودة للولي الفقيه و الذي هو حالة أكبر من الديكتاتورية بكثير وخارج عن أي سياق وسيطرة في ظل بناء الجهاز الأمني و الإستخباري الخاص والذي يستطيع صرع الخصوم المحتملين وإجهاض الصلاحيات المنوطة بمجلس مصلحة تشخيص النظام الذي يستطيع حجب الثقة عن الولي الفقيه و حتى الإطاحة به و إستبداله! , ولعل متابعة ماجرى لرئيس ذلك المجلس وهو الرئيس الإيراني الأسبق وأحد أكبر مراكز القوى في النظام الذي بناه الخميني الراحل حجة الإسلام علي أكبر هاشمي رفسنجاني من مضايقات كبيرة تمثلت في إعتقال إبنته فائزة وهي الناشطة السياسية المعروفة وولده مهدي بتهم الفساد هي رسائل سلطوية واضحة , فالحديث عن الفساد لاتكتمل صورته إلا من خلال محاسبة نجل الولي الفقيه (مجتبى خامنئي) الذي تدور حوله شبهات تتعلق بتبذير مليارات الدولارات!! ولا أحد في إيران يتمكن من تسليط الضوء على ذلك الملف لأنه خط أحمر و لربما مقدس لايجوز للعامة و الجمهور التعامل معه!! , وعلينا أن نتذكر بان وصول علي خامنئي إلى منصب المرشد و الفقيه الأكبر والولي الأعظم و النائب الأول للمهدي المنتظر! لم يكن ليحدث لولا الدور الكبير الذي مارسه هاشمي رفسنجاني بعد رحيل الخميني في يونيو عام 1989 , فخامنئي من ناحية الرتبة الدينية و الإجتهادية ليس من طراز وصف العلماء و المراجع الكبار المعروفين في المؤسسة الحوزوية الإيرانية الشيعية , بل أنه تدرج من منصب إمام جمعة طهران ثم عضو مجلس الدفاع الإيراني الأعلى خلال مرحلة الحرب مع العراق , تحول بعدها ليكون رئيسا للجمهورية قبل ان يضمن صديقه ورفيقه رفسنجاني وصوله إلى منصب الإمامة بقرار رئاسي! أي أنه ليس من صنف الفقهاء الكبار كما أسلفنا ! ولكن طول وجوده في المنصب و بإعتباره الخليفة الأول ولربما الأخير لجمهورية الخميني قد جعلت من سلطاته وسطوته و تفرده في السلطة وبنائه لجهازه الأمني الخاص ضمن جهاز الحرس الثوري الحاكم الفعلي للنظام في إيران مسألة اكبر بكثير من كل منصب آخر و من كل سلطة موازية , بل ان سلطاته رهيبة وواسعة لم يكن يمتلكها حتى الشاه الراحل نفسه! بل ان قتل و إستئصال خصومه بات يمتلك حجة شرعية مثيرة للجدل لأن من يعارضه يعارض الإمام الغائب! ورجل بهذه السلطات وفي ظل التحديات الإقليمية و الدولية التي تواجه نظامه ومنها الحالة في العراق التي تنذر بأفول و إنهيار نجم عملائه ووكلائه هناك , ومع تصاعد رياح الثورة السورية العاصفة التي ستقتلع حليفه الستراتيجي النظام السوري المجرم وقطع رأس حزب حسن نصر الله الإرهابي في لبنان , تكون مرحلة التوحش والإنتقام لدى نظام الولي الفقيه قد بلغت اعلى مراحلها الإرهابية.... لذلك فإن رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيا كانت هويته هو في الحقيقة مجرد لا منصب شرفي, يهش ولا ينش... فالولي الفقيه هو الأول والأخير وهو الباطن والظاهر في جمهورية تقف اليوم أمام منعطف تاريخي ومصيري حاد.
كاتب عراقي
[email protected]
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video