الكاتب : جمال سلطان ..
المواجهة التي أجراها الصحفي اللامع الأستاذ فراج إسماعيل عبر موقع قناة العربية بين اثنين من الشخصيات المتشيعة حديثا في مصر ، وهما الأكثر صخبا في الإعلام المصري ، أحمد راسم النفيس ومحمد الدريني ، كشفت الكثير من الحقائق التي ارتبطت بهذا الملف المشبوه من أوله لآخره ، لم يكن جديدا لي الاتهامات المتبادلة بين الطرفين ، والتي وصلت إلى حد الاتهام الصريح بتلقي الدريني للدعم من صدام حسين قبل سقوطه مقابل زيارات إلى بغداد مصحوبة بالدعم السخي وقيام الدريني بنشر موضوعات فخمة ضخمة عن المهيب الركن صدام حسين مصحوبة بصوره الكبيرة تزين المجلة التي كان يصدرها ، إضافة إلى الاتهام بأن الكثير من النشاطات التي يتحدث عنها الدريني عبر الفاكس والبريد الإلكتروني تمثل نوعا من الدجل الإعلامي لا وجود له في الواقع ، بالمقابل اتهم الدريني صاحبه بأنه كان شريكا له في كل ذلك إضافة إلى أنه يتلقى الدعم من إيران ويمارس ما يشبه النصب والاحتيال على رجال أعمال في الخليج من خلال تصوير احتفالات تمثيلية ، يعني بالإيجار ، على شرائط فيديو ثم يقوم بإرسالها إلى الخليج للحصول على الأموال تحت ستار دعم الدعوة الشيعية في مصر ، هذه القصص ليس فيها جديد بالنسبة لمعلوماتي الشخصية ، وإنما الجديد هو وصول الأمر إلى هذا الحد المؤسف من البجاحة والجرأة ، وإمكانية أن يقدم مصريون على بيع الولاء لدول أجنبية بكل هذه السهولة والفجاجة أيضا ، وأن تتحول النشاطات الدينية المزعومة إلى "بيزنس" طائفي ، والمؤسف أكثر أن هذا البيزنس أصبح يتمدد عبر شبكة من العلاقات النفعية ، منها علاقات مع مؤسسات صحفية ، وكنت قد نشرت سابقا في هذه الزاوية أتساءل عن علاقة صحيفة القاهرة التي تصدرها وزارة الثقافة المصرية بالسفارة الإيرانية ، وقد شككت قيادات صحفية هناك فيما قلته وطالبوني بأن أظهر " الفواتير" إذا كان الكلام صحيحا ، وبدون شك هم يعلمون أن مثل هذه الأمور لا فواتير فيها ولا وصولات ، ولكني أظن أن من يقرأ الحوار المنشور للنفيس والدريني في العربية والإشارات الواضحة للعلاقة مع جهات صحفية سيعرف جيدا أين هي الحقيقة فيما حدث ويحدث ، وهناك صحف أخرى تعز علينا كثيرا ، تتورط في التسويق والترويج لبعض هذا "البيزنس الطائفي" نرجو أن تكون قد أخذت الدرس مما حدث ، قبل أن تفيح الروائح العفنة ، والحقيقة أن مصر اليوم بفعل هشاشة بنية الدولة ، وتصادم الإرادات والنفوذ بين مؤسساتها وأجهزتها وقياداتها ، أصبحت عرضة لأي ابتزاز طائفي أو سياسي أو حتى أخلاقي ، ولدرجة أن بعض الشواذ جنسيا يمكن لهم اليوم أن يثيروا ارتباكا وتوترا في أجهزة ضخمة في الدولة إذا مستهم بسوء أو اعترضت سبيلهم ، لم تكن مصر الدولة ، في أي وقت من الأوقات بمثل هذا الهزال والهشاشة ، ولكن عندما يختزل الوطن في أجهزة أمنية ، وتختزل الدولة في شخص ، فإن المآلات تكون على هذا النحو الذي نراه ، حيث تضطرب الدولة أمام عشرة من الشواذ جنسيا أو البهائيين أو المتشيعة أو أقباط المهجر .
_____________________________
المصدر: صحيفة المصريون بتاريخ 9 - 5 - 2006