بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلا الله وحده لا شريك له من ولي أو إمام أو غير ذلك مما يفترون
اللهم صلى على عبدك وحبيبك محمد خير خلقك أجمعين سواء من ولي أو إمام أو غير ذلك مما يفترون
الزميل "الموسوي"
أنت تقول أن الآخرين يردون علي بنصوص قوية ؟
راجع الرسائل مرة أخرى وترى نصوصهم وحججهم الواهية في الرد علي ، وراجع ردي عليهم مدعما بالنصوص وبالحجة ، وأيضا لا حظ أنني أتابع المواضيع بندا بندا في ردي : لذلك فاتهامك في بأنني أسعى لضياع حجة غيري هو غير صحيح ، وما ذنبي إذا كانت حجتهم أصلا باطلة !
أنظر لرسالة أخيك عبد النبي في الأعلى التي يذكر فيها أنه استشار عالما للرد على رسالتي وقارن بينها وبين الرسالتين اللتين كتبتهما أنا ليتبين لك وللقراء من الذي يأتي بالنصوص القوية والحجة الصحيحة .
أنت تريد أن تحول دفة الموضوع من اللطم وضرب القامات إلى البكاء على الميت بحجة أنك تريد أن تحاج في المباحث الأخرى لا حقا :
سأرد على الموضوع الذي ذكرته في البكاء على الميت وبالنصوص ولكن على شرط أن تظل في موضوع اللطم وضرب القامات وترد على التساؤل الذي لم يرد عليه أي أحد من أخوتك .
كان سؤالك :
ما هو الدليل على جواز البكاء على الميت إلا بعد وفاته بفترة قصيرة ؟ وطلبت دليلا يحصر المر بفترة زمنية .
الجواب :
جاء في سنن ابن ماجة الحديث التالي :
"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي هريرة أن النبي صلى اللهم عليه وسلم كان في جنازة فرأى عمر امرأة فصاح بها فقال النبي صلى اللهم عليه وسلم دعها يا عمر فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب ".
وهذا الحديث رواته كلهم من الثقات .
لاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم برر لسيدنا عمر ترك المرأة في الجنازة بأن العهد قريب ، أي أنه لم تمر فترة طويلة على الميت .
وروى النسائي :
"أخبرنا عتبة بن عبد الله بن عتبة قال قرأت على مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك أن عتيك بن الحارث وهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه أخبره أن جابر بن عتيك أخبره أن النبي صلى اللهم عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه فاسترجع رسول الله صلى اللهم عليه وسلم وقال قد غلبنا عليك أبا الربيع فصحن النساء وبكين فجعل ابن عتيك يسكتهن فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية قالوا وما الوجوب يا رسول الله قال الموت " .
وروى ابن ماجة وأبو داوود مثل هذا الحديث .
وليس معنى الحديث عدم الحزن والدمع على الميت ولكنه الصياح ورفع الصوت ،
والدليل على هذا قول أنس : "رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعيناه تدمعان وقال إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم" متفق عليه .
ومما يدل على عدم جواز البكاء والحزن على الميت فترة طويلة هو أنه لا يجوز الامتناع عن الزينة بعد مدة العزاء وهي ثلاثة أيام .
لعل أقوال الفقهاء تفسر الأمر أكثر وكذلك تفسر موقف الدين من النياحة واللطم :
ذكر البهوتي (حنبلي) في كتاب الروض المربع ، كتاب الجنائز:
"ويسن الصبر والرضى والاسترجاع فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ولا يلزم الرضى بمرضى وفقر وعاهة ويحرم بفعل المعصية وكره لمصاب تغيير حاله وتعطيل معاشه لا جعل علامة عليه ليعرف فيعزى وهجره للزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام ويحرم الندب أي تعداد محاسن الميت كقوله واسيداه وانقطاع ظهراه والنياحة وهي رفع الصوت بالندب وشق الثوب ولطم الخد ونحوه كصراخ ونتف شعر ونشره وتسويد وجه وخمشه لما في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية .
وفيهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة .
والصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وآله وسلم لعن النائحة المستمعة .
وتسن تعزية المسلم المصاب بالميت ولو صغيرا قبل الدفن وبعده لما روى ابن ماجه وإسناده ثقات عن عمرو بن حزم مرفوعا ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة ولا تعزية بعد ثلاث فيقال لمصاب بمسلم أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك " .
ذكر الشافعي في كتاب الأم ، كتاب الجنائز :
"قال الشافعي وأكره النياحة على الميت بعد موته وأن تندبه النائحة على الانفراد لكن يعزى بما أمر الله عز وجل من الصبر والاسترجاع وأكره المأتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤونة مع ما مضى فيه من الأثر .
قال وأرخص في البكاء بلا أن يتأثر ولا أن يعلن إلا خيرا ولا يدعون بحرب قبل الموت فإذا مات أمسكن " .
والشافعي وغيره لم يقل بعدم جواز البكاء على الميت بعد موته من باب التحريم وإنما من باب الكراهة كما شرح الذهبي في كتاب الكبائر :
"قال أصحاب الشافعي ويجوز قبل الموت وبعده ولكن قبله أولى للحديث الصحيح فإذا وجبت فلا تبكين باكية وقد نص الشافعي والأصحاب أنه يكره البكاء بعد الموت كراهة تنزيه ولا يحرم وتأولوا حديث فلا تبكين باكية على الكراهة والله أعلم " .
ذكر الذهبي في كتاب الكبائر ، الكبيرة التاسعة والأربعون اللطم والنياحة وشق الثوب :
"وإنما كان للنائحة هذا العذاب واللعنة لأنها تأمر بالجزع وتنهى عن الصبر والله ورسوله قد أمر بالصبر والاحتساب ونهيا عن الجزع والسخط قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين .
قال عطاء عن ابن عباس يقول إني معكم أنصركم ولا أخذلكم قال الله تعالى ولنبلونكم أي لنعاملنكم معاملة المبتلى لأن الله يعلم عاقبة الأمور فلا يحتاج إلى الابتلاء ليعلم العاقبة ولكنه يعاملهم معاملة من يبتلى فمن صبر أثابه على صبره ومن لم يصبر لم يستحق الثواب وقول الله بشيء من الخوف والجوع قال ابن عباس يعني خوف العدو والجوع يعني المجاعة والقحط ونقص من الأموال يعني الخسران والنقصان في المال وهلاك المواشي والأنفس بالموت والقتل والمرض والشيب والثمرات يعني الحوائج وأن لا تخرج الثمرة كما كانت تخرج ثم ختم الآية بتبشير الصابرين ليدل على أن من صبر على هذه المصائب كان على وعد الثواب من الله تعالى فقال تعالى وبشر الصابرين ثم نعتهم فقال الذين إذا أصابتهم مصيبة أي نالتهم نكبة مما ذكر ولا يقال فيما أصيب بخير مصيبة قالوا إنا لله عبيد الله فيصنع بنا ما يشاء وإنا إليه راجعون بالهلاك وبالفناء ومعنى الرجوع إلى الله الرجوع إلى انفراده بالحكم إذ قد ملك في الدنيا قوما الحكم فإذا زال حكم العباد رجع الأمر إلى الله عز وجل وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال ما من مصيبة يصاب بها المؤمن إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها رواه مسلم وعن علقمة بن مرثد بن سابط عن أبيه قال قال رسول الله من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب وقال رسول الله إذا مات ولد العبد يقول الله للملائكة قبضتم ولد عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله تعالى ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد وعن رسول الله قال يقول الله تعالى ما لعبدي عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسب إلا الجنة رواه البخاري وقال عليه الصلاة والسلام من سعادة بني آدم رضاه بما قضى الله ومن شقاة ابن آدم سخطه بما قضى الله تعالى ".
وهذه أيضا بعض الأحاديث التي وردت في حرمة اللطم وضرب الخدود والنياحة :
حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان حدثنا زبيد اليامي عن إبراهيم عن مسروق عن عبدالله رضي اللهم عنهم قال قال النبي صلى اللهم عليه وسلم ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية (رواه البخاري) .
حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم ثنتان هما بالناس كفر نياحة على الميت وطعن في النسب (رواه أحمد) .
=============================================
أوف …. حسنا :
لقد نقلت لك حكم الإسلام في البكاء على الميت ، وكذلك حرمة اللطم والنياحة في الإسلام وكونها من الكبائر وما فيها من الاعتراض على قدر الله سبحانه وتعالى وما فيها من دعوى الجاهلية .
والآن جاء دورك يا "موسوي" أن تبرأ ساحتك : إما أن تكون مع الحق وإما ضده .
وكذلك الدعوة موجهة لباقي شيعة آل علي .
لقد بينت مساوئ اللطم والتطبير في رسائلي السابقة
وبينت سوء اجتهادكم في كلام السيد جعفر الصادق عن الجزع .
وكذلك أئمتكم لم يلطموا أو يطبروا أو يأمروا بذلك .
فلماذا تصرون على هذه الأفعال المحرمة في الإسلام ؟
|