الأخ الكريم سمير ، بعد التحية والسلام :
يا أخي يؤسفني أن أقول لك أنك لم تجب على أي سؤال من الأسئلة التي سألتك إياها . كل الذي ذكرته هو كلام حول السؤال والجواب ولكنك لم تأتي بإجابة مباشرة .
فمثلا في السؤال الأول :
كيف علم الحسين أنه لا يصلح فساد الدهر إلا دمه الطاهر ؟
كانت إجابتك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أنه مقتول وأن الأئمة يعلمون بالغيب ؟؟!!
مع العلم أنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يعلم الغيب إلا بما يوحي الله سبحانه وتعالى إليه ؛ يقول الله تعالى في كتابه الكريم :
{قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون } (الأعراف 188)
ورغم ذلك فهذا يا أخي ليس جوابا للسؤال . فإجابتك لا تفسر كيف علم الحسين أنه "لا يصلح فساد الدهر إلا دمه الطاهر" .
في السؤال الثاني :
كيف يصلح دمه الطاهر فساد الدين ؟
كانت إجابتك بأنك تدعي أن بقاء هذا الدين كان بسبب ثورة الحسين ، وهذا يجرنا إلى سؤال آخر : كيف كانت ثورة الحسين رضي الله عنه سببا في بقاء هذا الدين ؟ أنا أراها أحد الأسباب التي أدت إلى خلاف المسلمين حتى يومنا بعكس ما فعله الشهيد الحسن رضي الله عنه الذي حقن دماء المسلمين ودفع حياته ثمنا لذلك عندما قتله غدرا من يكره أن يرى توحيد كلمة المسلمين ؛ هذا مع اعترافنا بفضل سيدنا الحسين وأنه قتل شهيدا.
ولازال السؤال قائما : كيف يصلح دم الحسين الطاهر فساد الدين؟
في السؤال الثالث :
ألا ترى تشابها بين هذه الفكرة وعقيدة النصارى في صلب المسيح ؟
كانت إجابتك أن هناك اختلاف في القضية والظروف بين الحادثتين وأننا نقول أنكم نصارى وربما يهود فقط لأنكم تقولون أن علي على حق ؟؟!!
هذه مغالطة منك فأنت ابتعدت عن معنى السؤال ثم أخذت دور المسكين المظلوم بدون أن يشير إليك أحد أو حتى يقترب منك ؟؟!!
لا يوجد اختلاف في المضمون بين ما ادعيته أنت من أن الحسين كان يعلم أن دمه الطاهر سوف يصلح فساد الدهر فذهب وقذف بنفسه إلى التهلكة (حسب ما يفهم من شرحك للقضية) وبين عقيدة النصارى أن المسيح قدم نفسه للصلب حتى يزيل ذنوب أتباعه وهو يعلم أنه سوف يقتل. إذا هناك تشابه بين طرحك وبين عقيدة النصارى : والسؤال الآن هو ما رأيك بهذا التشابه ؟ هل لازلت تؤمن بهذه الفكرة أي أنه كان لا بد للحسين أن يقتل نفسه لكي يصلح الدين؟
السؤال الرابع :
كيف عرف الحسين أن الله شاء أن يرى النساء والأطفال سبايا؟
كانت إجابتك أنه نفس جواب السؤال الأول : أي النبي أخبره بذلك ، وأن الأئمة يعلمون بالغيب وقد ذكرنا لك أنه لا يجوز القول بذلك حيث أنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى . وحتى لو سايرناك وقلنا أن الحسين يعلم بالغيب ؛ فكيف عرف أن الله شاء أن يرى النساء والأطفال سبايا ؟ ما هو دليلك على ذلك ؟
السؤال الخامس :
مالحكمة من مشيئة الله أن يرى النساء والأطفال سبايا ؟
كانت إجابتك باختصار : "الله أعلم". وأنا أقول لك أن هذا ليس جوابا لأن المسألة ليست مسألة غيبية أو عقائدية بل هي مسألة خلافية . فلا يمكن أن يكون الحسين قد أراد للنساء والأطفال أن يقعن سبايا رغم القصة التي ذكرتها أنت . فالأرجح أن الحسين كان يظن أن أهل الكوفة كانوا سيكونون عزوة له ولذلك خرج بالنساء والأطفال وليس لأنه يأخذهم لكي يكونوا سبايا ، فلا أحد يرضى أن يكون نساؤه وأطفاله سبايا والحسين ليس نبيا يوحي الله إليه كما كان يوحي إلى سيدنا إبراهيم. فسؤالي كان بناءا على قصتك التي تقول أن الحسين تعمد أن يسقط نساؤه وأطفاله سبايا لأنها مشيئة الله ونحن نقول لك أن هذا الكلام غير ممكن.
وأنت في الحقيقة أشرت للإجابة في رسالتك الأولى حين قلت : "أما سر أخذ الإمام الحسين عليه السلام عائلته من النساء والأطفال فهو عليه السلام يريد أن يوصل هذه الكلمة إلى جميع الأجيال وإلى يوم القيامة وما بعده يبقى صدى هذه الكلمة" .فالسؤال الآن هو ما هي الكلمة التي يريد سيدنا الحسين أن يوصلها إلى جميع الأجيال إلى يوم القيامة ؟ وماذا تقصد بقولك " وما بعده يبقى صدى هذه الكلمة " ؟
|