تاريخ الإضافة 2012/10/23م
تعلق القائلون بالمتعة -وهم الاثنا عشرية- بشبهات وأوهام على استمرارية حل نكاح المتعة ، فاستدلوا حسب زعمهم من الكتاب والسنة والإجماع والعقل ....على إباحة المتعة !وهذه الشبهات هي أوهن من بيت العنكبوت ولكن قد يبدو لمن لم يطلع على موضوع نكاح المتعة ، أن أدلتهم قوية ودامغة في حين إنها شبهات واهية وهي : أولا: قالوا : إن في القرآن الكريم آيتين محكمتين أحداهما في تشريع متعة الحج وهي الآية 196 من سورة البقرة والأخرى في تشريع متعة النساء وهي الآية 24 من سورة النساء [18]. قالوا : ونحن حسبنا القرآن الكريم في نص إباحتها وهو قول الله عز وجل { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة } والمراد بإجماع أمة التوحيد بالاستمتاع المذكور في هذه الآية نكاح المتعة ، ولقد ذكر نزولها بهذا المعنى في أوثق مصادر التفسير عند أهل السنة . ثانيا: قالوا : إن سياق الآية دال على نكاح المتعة بالنظر إلى ما قبلها وما بعدها من آيات يدلنا على اختصاصها بشأن المتعة ، فإن الآيات بصدد بيان شأن المحرمات عن المحللات والتأكيد على غض النظر عن الأموال التي تمتلكها الزوجات على ما كانت عليه الجاهلية الأولى من التطاول على أموال نسائهم استغلالا لجانب ضعفهن...... قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن } .... (19) وقال عز وجل { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا}....(21) ثم قال { ولاتنكحوا ما نكح آباؤكم } ......( 22) {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } .....(23) {وأن تجمعوا بين الأختين } ....(23) {والمحصنات من النساء } ....(24) {وأحل لكم ما وراء ذلكم } ....(24) إلى هنا اكتمل الهدف من تحريم البغي على الأزواج وهضم حقوقهن وتفصيل المحرمات ثم الحكم بتحليل ما عداهن إذ بقى حكم آخر غير مذكور في الآيات المذكورة فيتعرض له القرآن تتميما للفائدة قال { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة } ..... ( 24) فتعرف من ذلك أن هناك نوعاً آخر من الأزواج غير المتقدم ذكرهن وقد لا يشملهن حكم الأولى فمست الحاجة إلى بيان آخر لتفصيل هذه فقال : وأما النساء المستمتع بهن فادفعوا إليهن أيضاً ما توافقتم عليه من أجر ولا تذهبوا بأجورهن كما كان الحكم كذلك في زواج الدائميات أيضاً . ثم بيّن تعالى قسماً ثالثاً من النساء اللاتي يجوز نكاحهن : ( الإماء ) وهذه الأخيرة تخص أولئك الذين لا يستطيعون طولاً أن ينكحوا المحصنات : الحرات قال تعالى {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات } ثم ينتهي الحديث بقوله تعالى { يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم ... } تلك قرائن مكتنفة تدلنا على ترجيح القول بأن الآية المبحوث عنها تهدف إلى المتعة ( الزواج المؤقت ) وبذلك ينسجم سياق الآيات المرتبطة بعضها مع بعض من دون ما حصول تكرار أو إهمال .... فلو كانت هذه الآية في بيان الدائم للزم التكرار في سورة واحدة أما إذا كانت لبيان المتعة فإنها تكون لبيان معنى جديد ... فالدائم وملك اليمين تبينا بقوله تعالى { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} ونكاح الإماء مبين بقوله تعالى { ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات } إلى أن قال :{ فإنكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف }. والمتعة مبينة بآيتها هذه { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن } والحاصل أن الله قد بين في أول السورة النكاح الدائم { فانكحوا ما طاب لكم من النساء }ثم وجوب إيتاء الصداق { وآتوا النساء صدقاتهن } ثم محرمات النكاح ثم إحلال ما عداها بنكاح دائم أو منقطع أو ملك يمين ثم وجوب إيتاء المهر في نكاح المتعة وجواز تجديده قبل انقضاء الأجل أو بعد زيادة في الفريضة[19]. ثالثا: قالوا : إن لفظة "الاستمتاع " يراد بها نكاح المتعة أو الزواج المؤقت !! نقول : إن لفظ الاستمتاع والتمتع وإن كان في الأصل واقعاً على الانتفاع والالتذاذ فقد صار بعرف الشرع مخصوصاً بهذا العقد المعين لاسيما إذا أضيفت إلى النساء .....ولأن لفظة الاستمتاع كانت دائرة في أعراف الناس يراد منها " الزواج المؤقت " وورد لفظ القرآن بذلك فلابد من حمله على نفس المعنى المتداول جريا وفق أسلوب القرآن في جميع أحكامه وتشريعاته المترتبة على أعراف الناس أمثال البيع والربا والربح والغنيمة وما إلى ذلك ....فإذا أطلق لفظ الاستمتاع لا يستفاد به في الشرع إلا العقد بالأجل ألا ترى أنهم يقولون : فلان يقول بالمتعة وفلان لا يقول بها ولا يريدون إلا العقد المخصوص ....فالمراد بالاستمتاع المذكور في الآية نكاح المتعة بلا شك فإن الآية مدنية نازلة في سورة النساء في النصف الأول من عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد الهجرة على ما يشهد به معظم آياتها وقد كان الناس آنذاك يتمتعون بالنساء تمتعا مؤقتا إزاء أجر !! معين والآية وردت وفقا للعادة الجارية مؤكدة الوفاء بالأجر الذي يتفقان عليه .[20] رابعا : قالوا : إن الله تعالى ذكر الاستمتاع و أعقبه بالأجر عليه فدل ذلك على جواز الاستمتاع. خامسا : قالوا : إن الآية صرحت بلفظة " أجورهن" ولا أجر في النكاح الدائم بل هو مهر أو صداق ..... فحمل اللفظ على غير معناه المعهود تأويل لا شاهد عليه ....[21]. سادسا: قالوا : لو كان المراد بهذه الآية النكاح الدائم لوجب للمرأة بحكم الآية جميع المهر بنفس العقد ..... ومما يدل أن لفظ " الاستمتاع " في الآية لا يجوز أن يكون المراد به الانتفاع والجماع انه لو كان المراد به عقد النكاح الدائم لوجب لها جميع المهر بنفس العقد لأنه قال { فآتوهن أجورهن } يعني مهورهن عند أكثر المفسرين وذلك غير واجب بلا خلاف و إنما يجب الأجر بكماله في عقد المتعة ..... بخلاف ما لو لم يحصل الاستلذاذ لم يجب إعطاء المهر وهو باطل لأنه قد يجب بالموت والفسخ ونصفه بالطلاق إذا حصل شيء من ذلك قبل الدخول .....لأنه لو كان كذلك لوجب أن لا يلزم من لا ينتفع بها من شيء من المهر وقد علمنا انه لو طلقها قبل الدخول لزمه نصف المهر وان خلا بها خلوة تامة لزمه جميع المهر عند كثير من الفقهاء وان لم يلتذ وينتفع [22] سابعا : قالوا : إن الآية أمرت بوجوب إعطاء المهر بالاستمتاع وذلك يقتضي أن يكون معناها هذا العقد المسمى " نكاح المتعة " . لأن الله علق وجوب إعطاء المهر بالاستمتاع وذلك يقتضي أن يكون معناه هذا العقد المخصوص دون الجماع [23] . ثامنا : وقالوا [24]: إن جماعة من الصحابة كانوا يقرؤون الآية بزيادة " إلى أجل مسمى " . فقد أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفى 458 بإسناده في السنن الكبرى 7/205 عن محمد بن كعب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كانت المتعة في أول الإسلام وكانوا يقرؤون هذه الآية “ فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " الحديث .وذكر [25] الحافظ أبو زكريا النووي الشافعي المتوفى 676 في شرح صحيح مسلم 9/181 أن عبد الله بن مسعود قرأ : فما استمتعتم به منهن إلى أجل .[26] . تاسعا : قالوا : إن آية المتعة غير منسوخة بل من المحكمات . إن جماعة من أكابر علماء السنة رووا أن آية المتعة غير منسوخة منهم الزمخشري في تفسيره " الكشاف " حيث نقل عن ابن عباس إن آية المتعة من المحكمات . وقالوا : ونقل غيره أن الحكم ابن عتيبة سئل : آية المتعة هل هي منسوخة ؟ فقال لا . وقالوا : إن عمران بن حصين الصحابي صرح بنزول هذه الآية في المتعة وأنها لم تنسخ[27] .. فقد أخرج أحمد في مسنده 4ص436 بإسناد رجاله كلهم ثقات عن عمران بن حصين قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى وعملنا بها مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى مات. وقالوا : إن هذه الروايات ونظائرها موجودة في أكثر صحاح السنة وتفاسيرهم وكتبهم الفقهية [28]. عاشرا: قالوا : إن نسخ آية المتعة بآية الأزواج مستحيل لأن آية المتعة في سورة النساء وهي مدنية ، وآية الأزواج في سورة المؤمنون والمعا رج وكلتاهما مكيتان ويستحيل تقدم الناسخ على المنسوخ [29]. وقالوا :إن أهل السنة يقولون " إن المتعة نسختها آية الأزواج في قوله { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} على الاعتبار أن المتمتع بها ليست بمملوكة وليست بزوجة لأنه لا عدة لها ولا طلاق ولا نفقة ولا إرث فتدخل في عموم قوله تعالى { فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } وهذا خطأ ،فان آية المتعة من آيات سورة النساء المدنية وهي آخر ما نزل من القرآن الكريم وآية { إلا على أزواجهم } مكية لأن هذه الآية من آيات سورة " المؤمنون " ومن آيات سورة " المعارج " وكلتاهما مكيتان ولا يمكن نسخ المدني المتأخر زماناً بالمكي المتقدم زماناً......... وقالوا : إن النسخ إنما يثبت بآية قرآنية أو بخبر متواتر لا بخبر الواحد ..... فالكتاب لا ينسخ بأخبار الآحاد . . أحد عشر : قالوا : إن أهل السنة يقولون إن آية المتعة نسختها آية مواريث الأزواج { لكم نصف ما ترك أزواجكم} قالوا : وفي الشرع مواضع كثيرة لا ترث فيها الزوجة كالكافرة والقاتلة والمعقود عليها في المرض إذا مات زوجها فيه قبل الدخول كما أنها قد ترث حق الزوجة مع خروجها عن العدة قبل انقضاء الحول إذاً فالإرث لا يلزم الزوجية طرداً ولا عكساً .على أن عدم التوارث في المتعة إنما هو لدليل خاص مضافاً إلى إن هناك من فقهاء الشيعة من يقول بالتوارث فيها وهذه المسألة خلافية بين أئمة الإمامية وفيها ثلاثة أقوال : أ- يتوارثان مطلقاً بحكم ظاهر آية المواريث . ب- يتوارثان مع الشرط . ج- لا إرث بينهما وإن شرطا . وقد خرج القسمان الأخيران بالدليل الخاص ! فخصص به الكتاب ويجوز ذلك من حيث إن نفس النكاح مؤجل بأجل ، فتكون العلاقة مؤقتة لا توجب التوارث على أننا نتفق مع القائلين بلزوم اتباع ظاهر آية المواريث لأن المتمتع والمتمتع بها زوجان مع إن جمهور أهل السنة جوزوا نكاح الكتابية بالعقد الدائم واتفقوا على عدم التوارث بينها وبين زوجها المسلم تخصيصاً منهم لعموم الإرث بما رووه من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يتوارث أهل ملتين[30] . اثنى عشر : قالوا : إن أهل السنة يقولون بأن نكاح المتعة منسوخ بآية العدة بقوله تعالى { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} و هذا الزعم باطل فإن المتعة أيضاً لها عدة لكنها نصف عدة النكاح الدائم .. [31]. ثالث عشر: قالوا : إن أهل السنة يقولون إن المتعة نسختها آية الطلاق، وهذا باطل فإن الطلاق ليس السبب الوحيد للمفارقة بل الفسخ إذا وجدت أسبابه أيضاً سبب للفراق كما أن انقضاء الأجل في النكاح المنقطع أيضاً سبب للفراق فلم ينحصر السبب في الطلاق . ثم إن تشريع الطلاق لم يحصر إباحة الوطء وشرعيته بما كان مورداً للطلاق وإلا فما تقولون في التسري والوطء بملك اليمين فإن مورد الطلاق هو العقد المبني على الدوام لأن الطلاق هو الحل لعقدة الزواج الدائم قطع لدوامه. رابع عشر : قالوا : إن أهل السنة يقولون إن المتعة نسختها آية الإحصان وهذا باطل فان آية المتعة مما يستدل بها على مشروعية المتعة وعلى أنها تحصن وذلك أن الآية بعد أن ذكرت المحرمات ذكرت ما يحل { وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن} فأباحت ما وراء المحرمات وهو الابتغاء عن طريق الإحصان أو قل ابتغاء ما يحصّنكم ويبعدكم عن السفاح ... ومن هذا الابتغاء المتعة...كما أن المراد بالإحصان في قوله{ محصنين غير مسافحين} هو إحصان العفة دون إحصان التزوج لكون الكلام بعينه شاملاً لملك اليمين كشموله النكاح ولو سلم أن المراد بالإحصان هو إحصان التزوج عاد الأمر إلى تخصيص الرجم في زنى المحصن بزنى المتمتع المحصن بحسب السنة ! دون الكتاب فإن حكم الرجم غير مذكور في الكتاب من أصله [32]. خامس عشر: قالوا : كان علي بن أبي طالب المنكر الأول على من حرم المتعة وهو عمر كما أخرج ابن جرير الطبري بسند صحيح!! إن الحكم سئل عن هذه الآية أمنسوخة ؟ قال : لا وقال علي : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي.[33] وقالوا : إن الرواية عن ابن الحنفية عن أبيه ( ع) موضوعة ، فالحسن بن محمد ابن الحنفية معروف عندهم بآراء قبيحة كالإرجاء .......إذ لا يخفى على ابن الحنفية رأي أبيه ( ع) في المتعة ، فرواية النهي عن المتعة إلى أمير المؤمنين علي موضوعة قطعاً... وكيف يتم عزوها المختلق إلى أمير المؤمنين ( ع) وبين يدي الأمة قوله الصحيح ! الثابت ! : لولا أن عمر نهى عنه ما زنى إلا شقي ، فقد صح ! عنه (ع) مذهبه إلى تحليل المتعة ، والحديث أخرجه الثعلبي والطبري وصاحب الدر المنثور بعدة طرق والرازي وأبو حيان ...... سادس عشر : قالوا : إن جابر بن عبد الله أنكر على عمر تحريمه للمتعة.[34] وقالوا : لو كان هناك نهي من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما غاب عن الصحابة الذين تمتعوا في عهد أبي بكر و شطر من عهد عمر نفسه ، وهذا ينفي نسخها في عهد الرسول وإلا كان الخليفة الأول محللا لما حرم الله والرسول [35]. سابع عشر : قالوا : إن عبد الله بن عمر أنكر على أبيه تحريمه لمتعة النساء ....فقد نقل العلامة في نهج الصدق والشهيد الثاني من روضته البهية عن صحيح !! الترمذي أن رجلاً من أهل الشام سأل ابن عمر عن متعة النساء فقال هي حلال فقال : إن أباك قد نهى عنها فقال ابن عمر : أرأيت إن كان أبي قد نهى عنها وقد سنها [ صنعها] رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنترك السنة ونتبع قول أبي. وقالوا : سئل ابن عمر مرة أخرى عن متعة النساء فقال - كما عن صحيح الترمذي !! هي حلال ، فقيل له إن أباك نهى عنها ... فقال : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنترك السنة ونتبع قول أبي [36]. ثامن عشر: قالوا : إن أهل السنة استدلوا على ثبوت النسخ بروايات عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ورد الشيعة هذه الروايات وناقشوها متنا وسندا وأثبتوا بالمنطق السليم أنها موضوعة على الرسول الأعظم بأدلة منها: أ) تناقض روايات التحريم . قالوا إن أهل السنة أنفسهم يعترفون بأن روايات النسخ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مضطربة متناقضة[37]في تاريخ الإباحة والنسخ والنهي ففي بعضها كما في روايات مسلم وابن حنبل أن الإباحة والتحريم كانا يوم الفتح ، وفي بعضها لم يعين الوقت وفي بعضها في حجة الوداع ، وإذا ضممنا إلى ذلك ما ورد في إباحتها يوم خيبر وعمرة القضاء وحنين وأوطاس وتبوك تكون قد أبيحت و نسخت ست مرات أو يبع مرات وروايات النسخ ليست بحجة حتى لو سلمت من التناقض لأنها من أخبار الآحاد ..والنسخ يثبت بآية قرآنية أو بخبر متواتر ،لا يثبت بخبر الواحد .[38] وعارضوا النسخ بحديث عمران بن حصين وحديث جابر: كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال : ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ، فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما [39]. ومن ردود الشيعة : إن أصدق شيء في الدلالة على عدم النسخ في عهده صلى الله عليه وعلى آله وسلم قول عمر : "متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما ، متعة الحج ومتعة النساء [40]. فالخليفة لم يدع النسخ كما سمعته من كلامه الصريح في إسناد التحريم والنهي إلى نفسه ، ولو كان هناك ناسخ من الله عز وجل أو من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأسند التحريم إلى الله تعالى أو إلى الرسول ! فان ذلك أبلغ في الزجر وأولى بالذكر .[41] تاسع عشر : قالوا : إن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أباح المتعة لأصحابه . واجمع المسلمون على شرعية نكاح المتعة والإذن فيه في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بغير شبهة ثم ادعى نسخها ولم يثبت وقد ثبتت الإباحة بالإجماع فعلى من ادعى الحظر والنسخ الدلالة ، وقد ثبت إباحتها بالإجماع فلم يعدل إلى تحريمها إلا بالإجماع . و النسخ مجرد ادعاء لم يثبت . وقالوا : إنه لا نزاع ولا خلاف في أن المتعة كانت مشروعة والخصم يقول إنها نسخت ، قلنا المشروعية دراية والنسخ رواية و لا تطرح الدراية بالرواية . وقالوا : أن المتعة ثبتت بدليل قطعي والأدلة المانعة لها كلها ظنية والقطعي لا ينسخ إلا بقطعي مثله. و إذا تعارضت الأخبار وتكافأت سقطت عن الحجة والاعتماد وصارت من المتشابهات ولا بد من رفضها والعمل بالمحكمات وبعد ثبوت المشروعية والإباحة باتفاق المسلمين واستصحاب بقائها وأصالة عدم النسخ عند الشك يتعين القول بجوازها وحليتها إلى يوم القيامة. وقالوا : إن المكي لا ينسخ المدني ، فآية الأزواج أو الفروج في سورة المؤمنين و المعارج وكلاهما مكيتان نزلتا قبل الهجرة بالاتفاق ، و آية المتعة في سورة النساء وهي مدنية فلا يمكن أن تكون ناسخة لإباحة المتعة المشروعة في المدينة بعد الهجرة بالإجماع ، ويستحيل تقدم الناسخ على المنسوخ. وقالوا :إن روايات النسخ ليست بحجة حتى ولو سلمت من التناقض ، لأنها من أخبار الآحاد ...والنسخ إنما يثبت بآية قرآنية أو بخبر متواتر ولا يثبت بالخبر الواحد . عشرين : قالوا : إن أهل البيت ( ع) ابتداءً بالإمام علي ( ع) وانتهاء إلى آخر أولاده من الأئمة ومن شيعتهم أيضا أطبقوا على ذلك وحتى عرفت كلمة الإمام ( ع) : لولا ما نهى عنه عمر ما زنى إلا شقي ........لذلك أجمع الإمامية -تبعا لأئمتهم الاثنى عشر - على دوام حلها ....فقد ثبت عدم نسخها بنصوص صحاحنا المتواترة عن أئمة العترة الطاهرة فراجعها في مظانها من وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة .[42] وقالوا : لا نعلم في المتعة ضررا عاجلا أو آجلا وكل ما هذا شأنه فهو مباح لأنه لو كان فيها شيء من المفاسد لكان أما عقليا ! وهو منتف اتفاقا و إما شرعيا وليس كذلك وإلا لكان أحد مستمسكات الخصم ... لذلك فقد ثبت بالأدلة الصحيحة إن كل منفعة لا ضرر فيها في عاجل ولا آجل مباحة بضرورة العقل وهذه صفة نكاح المتعة فيجب إباحته بأصل العقل ... فإن قيل فمن أين لكم نفي المضرة عن هذا النكاح في الآجل والخلاف في ذلك ؟ قلنا : من ادعى ضرراً في الآجل فعليه الدليل .[43] أجوبة هذه الشبهات الواهيات والجواب عن هذه الشبهات والتي هي أقوى شبهاتهم حسب الترتيب السابق ما يلي: الجواب عن الشبهة (1) من وجوه عديدة : أولا : صحيح أن الله تعالى شرع متعة الحج بالقرآن ، وذلك في قوله تعالى من سورة البقرة / 196{ فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي }، ولكنه سبحانه وتعالى لم يشرع متعة النساء بالقرآن بقوله تعالى { فما استمتعتم به منهن ....} ، وتفصيل ذلك : أن القرآن الكريم من أسلوبه في الدلالة على الأحكام ، إن هناك أحكاما مفصلة وأخرى مجملة .. فالحكم المجمل : وغالبا ما يأتي القرآن الكريم في بيان الأحكام بالحكم مجملا ، ليفسح المجال لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليقوم بالبيان الذي كلفه الله به في قوله تعالى في سورة النحل / 44{ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } ومن أمثلة ذلك : أ) الأمر بإقامة الصلاة : فقد تعددت آيات القرآن في الحث على إقامة الصلاة والمحافظة عليها ، ومع ذلك لم يتعرض القرآن لبيان كيفياتها ، ولا لعدد ركعاتها ....وما إلى ذلك مما بينته السنة النبوية ، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ذلك : صلوا كما رأيتموني أصلي . ب) الأمر بإيتاء الزكاة : أمر القرآن بإخراجها وبين الأصناف الذين تدفع لهم الزكاة ، لكنه لم يحدد مقادير الزكاة ولا الأموال التي تخرج منها ، وجاءت السنة فبينت ذلك كله . ج) ومثل ذلك الحج : بيّن القرآن وجوب الحج على المستطيع ولم يبيّن من هو المستطيع ، ولم يذكر من أركانه سوى طواف الإفاضة ، والسعي ، وتكلفت السنة ببيان كل ما يتعلق بالحج من أحكام ، وأدى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم مناسك الحج ، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأصحابه : خذوا عني مناسككم . وهكذا في بقية الأحكام كالوصية والقصاص ....وغيرهما ...لو تتبعنا أكثر الأحكام التي جاءت في القرآن الكريم نجد إن بيان القرآن لها إنما هو على سبيل الإجمال لا التفصيل ...... الحكم المفصل : ولكن بجانب ذلك هناك أنواع أخرى من الأحكام فصلها القرآن تفصيلا كاملا ، ولم يترك للسنة فيها مجالا إلا القليل ، وهذا هو الحكم المفصل .. ومن أمثلة الحكم المفصل : أ) أحكام المواريث : حيث بين القرآن فرض كل وارث ومقدار إرثه في حالاته المختلفة ...... ب) أحكام الأسرة :وهو موضوع البحث كالزواج والطلاق ، وما يتبع ذلك من أحكام العدة والنفقة .....
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video