[1] في الحديث: "أصحابي أَمَنَةٌ لأُمَّتي، فإذا ذَهَب أصحابي أَتَى أُمَّتي ما يُوعَدون". رواه مسلم.
[2] قال السيوطي في مفتاح الجنّة (ص127 ت: البدر): "أَخرجَ الدِّينَوَري في المجالسة عن عبد الرحمن بن عبد الله الخرفي قال: كان بَدء الرافضة أن قوما من الزنادقة اجتمعوا، فقالوا: نشتُمُ نبيَّهم. فقال كبيرُهم: إذا نُقتَل! فقالوا: نَشتُمُ أحبّاءه، فإنّه يُقال: إذا أردتَ أن تُؤذي جارَكَ فاضربْ كَلْبَه. ثم تَعتَزِل فتُكفّرهم. قالوا: الصحابة كلُّهم في النار إلا عليّ. ثم قالوا: كان عليّ هو النبي؛ فأخطأ جبريل!"
[3] ولا أنسى أن أشكر كلَّ من أفادني شيئا في الموضوع، فجزاهم الله خيرا.
[4] انظر المعارف لابن قتيبة الدينوري (ص349-350) وتاريخ الطبري (5/329)
[5] انظر معرفة الصحابة لأبي نُعيم (5/2496)
[6] ولعظيم فضل هذه الغزوة قال يَعلى بن أميّة رضي الله عنه: "غزوتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوةَ تبوك، فهو أوثق أعمالي في نفسي". متفق عليه.
[7] والحديث صححه أيضا أبوعوانة (رواه ابن عساكر 23/459 من طريق مستخرجه)، وابن حبان (16/189)، واللالكائي (8/1443)، والجورقاني في الأحاديث الضدية من كتابه الأباطيل (1/189)، وابن الصلاح (ذكره النووي 16/63)، وابن كثير في تاريخه (11/400 بإشراف التركي).
علما بأن بعض العلماء استشكل حرفَ تزويج أم حبيبة في تلك السنة، وقد أطال في ردِّ الإشكال المحبُّ الطبري في جواباته (كما في حاشية السنن لابن القيم 6/76) وابن حجر في الإصابة (8/141-142) وغيرُهما، وأفرد الحافظُ ابنُ كثير جزءا مفردا في دفع الشبه عن الحديث وذكر اعتذار الأئمة عنه، كما في تاريخه (6/149 و8/354 و11/401) والعواصم والقواصم لابن الوزير (3/94)، وكذا الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الهادي، كما في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (2/437)، وتوسع في الدفاع عنه خليل ملا خاطر من المعاصرين في كتابه: مكانة الصحيحين (ص387-411)، وسعد المرصفي في جزء مفرد سماه: دفاع عن حديث فضائل أبي سفيان رضي الله عنه، والجزء مطبوع.
ومدارُ الإشكال أن أهل السِّيَر والمغازي أجمعوا على زواج أمِّ حَبيبة بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم قبل هذا التاريخ يقينا، وعلى كل حال، فباقي الحديث -وفيه محل الشاهد- واقعٌ لا إشكال فيه، كما صرّح البيهقيُّ (7/140) وأشار ابنُ عساكر (69/147) والذهبي (السير 2/222)، بل قال ابنُ كثير (8/354-355): "ولكن فيه من المحفوظ: تأميرُ أبي سفيان، وتوليتُه معاويةَ منصبَ الكتابة بين يديه صلوات الله وسلامه عليه، وهذا قدْرٌ متفقٌ عليه بين الناس قاطبة".
قلت: فإذا تبيّن هذا عُلم أن من طعن بالحديث كله الآن؛ متذرعا بإشكالية حرف واحد منه: إنما هو مُتّبعٌ لهواه في الغالب، ويوهمُ الناسَ بأن الكلام ينصبُّ على كامل الحديث، والتدليسُ عند أهل الهوى معلومٌ.
[8] زعم بعض متأخري الشيعة أن معاوية رضي الله عنه لا يثبت في كتابته للنبي صلى الله عليه وسلم خبرٌ، ورغم أن كلامهم في التصحيح والتضعيف مما لا يُعرَّج عليه أصلا! إلا أن كتابة معاوية صحيحة ثابتة في كتبهم على شرطهم (!!) في الرجال، فروى شيخهم الصدوق (!) في معاني الأخبار (ص346 طبعة انتشارت إسلامي، بتحقيق علي الغفاري، أو 2/438 طبعة النجف) بسند اتفقوا على وثاقة رجاله واحدا واحدا إلى أبي جعفر الباقر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم –ومعاوية يكتب بين يديه.." فذكر خبرا باطلا عندنا، ولكنه صحيح عندهم، واكتفيت بالشاهد الحجة عليهم.
والخبر نقله المجلسي في بحار الأنوار (33/166 و89/36)، وقال عالمهم الأحمدي الميانجي: إن سنده صحيح. (مكاتيب الرسول 1/119 دار الحديث)
[9] وأسهب في تجويز أن يقال "معاوية خال المؤمنين": أبويعلى الفراء في كتابه: تنـزيه خال المؤمنين (ص106 وما بعده، طبعة دار النبلاء، وص74 تحقيق الفقيهي)
[10] على قول أكثر العلماء، وقيل قبلها بسنة، وقيل سنة خمس وخمسين، واختار ابنُ كثير وابن حجر وغيرُهما الأول، وقد ثبت أن أمير تلك الغزوة يزيد، كما في صحيح البخاري (1186) وغيره.
[11] أعجبتني لَفتةٌ مِن الشيخ ربيع بن عبد الرؤوف الزواوي وفقه الله إذ يقول: "انظر إلى أهل العلم كيف يبحثون عن الفضائل، ويَجمعون شتاتها، ويُركّبونَ مُتَفرِّقَها، لأن قلوبَهم سَلِمَت لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، واليوم يبتُرُ بعضُ أهل الكلام النصوص؛ ليخترع للقوم ذُنوبا ونقائص يُطْلِقون الألسنة بها". (تصحيح الأفهام حول ما أُثير من خلافٍ بين الصحابة الكِرام ص62)
[12] فائدة: قال الترمذي (رقم 1134) عقب حديث فاطمة السابق: "معنى هذا الحديث عندنا -والله أعلم- أن فاطمة لم تُخْبِرْهُ برِضاها بواحدٍ منهما، ولو أخبَرَتْهُ لم يُشِر عليها بغير الذي ذَكَرَت".
[13] ومرجانة بيّن حالها بشار عواد في تحرير التقريب (4/433) فقال: "صدوقة حسنة الحديث، فقد روى عنها ابنُها علقمة، وبُكير بن الأشج، وعلّق لها البخاري في صحيحه بصيغة الجزم في الصيام: باب الحجامة والقيء للصائم، ووصله في التاريخ الكبير 2/180، وقال العجلي: مدنية تابعية ثقة، وذكرها ابن حبان في الثقات، وهي من رواة الموطأ، وهي مولاة عائشة".
قلت: وقد صحح لها العلماء، مثل الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن عبد البر في التمهيد (20/108) وغيرهم، وقال ابن سعد في الطبقات (8/490): روى عنها ابنها علقمة بن أبي علقمة أحاديث صالحة. قلت: علقمة هو الراوي عنها ههنا، فالقلب لا يرتاب في ثبوت الأثر، وأن أقل أحواله الحُسن، وإنما أطلتُ الكلام في ثقة مرجانة لعدم اجتماع ذلك في مظان ترجمتها.
[14] رواه ابن سعد (1/107 السلومي) وأحمد (4/101 واللفظ له) وابن أبي الدنيا (البداية والنهاية 11/412 هجر) والآجري (5/2477 رقم 1968) واللالكائي (8/1439) وابن عساكر (59/107) من طريق عمرو بن يحيى بن سعيد، قال: سمعت جَدِّي يحدِّث: أن معاوية..
وهذا رجاله ثقات، وسعيد هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص الأُمَوي، من علماء قريش، وقرابة معاوية، وكان أبوه من وُلاة معاوية، وقد نص البخاريُّ في تاريخه (3/496) أن سعيدا سمع من أبي هريرة وعائشة، وتوفيا قبل معاوية، رضي الله عن الجميع.
لكن الحديث مرفوعا صورتُه صورةُ المُرْسَل، إذ لم يُدرك سعيدٌ القصة، ولذلك حكم الهيثمي بإرساله (المجمع 5/186)، ورُوي موصولا:
فرواه أبويعلى (13/370 رقم 7380) عن سويد بن سعيد، حدثنا عمرو عن جده، عن معاوية به.
ورواه البغوي في معجم الصحابة (5/371) عن سويد، لكنه لم يذكر الوصل بالعنعنة بين سعيد ومعاوية.
قال ابن حجر عن رواية أبي يعلى: سويد فيه مقال (الإصابة 9/233)، فزيادته في وصل السند لا تصح.
ورواه ابن منده (البداية والنهاية 11/412 هجر) ومن طريقه ابن عساكر (59/108) بسند صحيح إلى بشر بن الحكم، نا عمرو بن يحيى بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة، فذكره.
وأظن بشرا أو مَنْ دونه فَهِمَ أن سعيداً أخذه من أبي هريرة، وهو محتمل، وبشر ثقة، لكن المحفوظ في الرواية ما سبق.
وله طريق أخرى:
فرواه ابن أبي شيبة في مسنده (المطالب العالية 16/434) وفي المصنف (11/147) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/381 رقم 522) والطبراني في الكبير (19/362) والأوسط (5/344 رقم 5500) والآجري (5/2476 رقم 1966) والبيهقي في الدلائل (6/446) والديلمي في الفردوس (5/394) وقوام السنة الأصبهاني في الحجة (2/402) وابن عساكر (59/110) ولؤلؤ في جزئه (9) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن أبي المهاجر، عن عبد الملك بن عمير، قال:
قال معاوية: ما زِلْتُ أطمعُ في الخلافة منذ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنْ مَلَكْتَ فَأَحْسِنْ".
وأعلَّه البيهقيُّ وابنُ كثير (البداية والنهاية 11/143 هجر) والهيثمي (المجمع 5/189) والبوصيري في إتحاف المهرة (3/73/ب) بضعف إسماعيل، ونص الطبراني على تفرده عن عبد الملك.
وقال الذهبي في السير (3/131): ابن مهاجر ضعيف، والخبر مرسل.
وله طريق ثالثة:
يرويها الجراح بن مخلد، واختُلف عليه:
فقال الطبراني في الأوسط (2/351-352 رقم 2204): حدثنا أحمد بن الحسين الإيذَجي.
وقال محمد بن مروان السعيدي في المجالسة -ومن طريقه ابن عساكر (59/109): نا أحمد بن سهل أبوغسان.
قالا: نا الجراح بن مخلد، نا غالب بن راشد، حدثني أبي، عن غالب القطان، عن الحسن.
وقال أبوالشيخ ابن حيان، ومن طريقه ابن عساكر (59/109): نا أحمد بن يحيى بن زهير التستري، وأبوبكر بن مكرم، قالا: نا الجراح، نا غالب بن راشد، حدثني أبي، عن غالب القطان عن الحسن.
ورواه ابن شاهين، ومن طريقه قوام السنة الأصبهاني في الحجة (2/403): من طريق إبراهيم بن عرق، ثنا الجراح بن مخلد، ثنا يحيى بن غالب بن راشد، نا أبي، عن الحسن.
قال الحسن قال: سمعت معاوية يقول:
صببتُ يوما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه، فرفع رأسه إليَّ، وقال:
"أما إنك سَتَلي أَمْرَ أُمَّتي بعدي، فإذا كان ذلك فاقبَلْ من مُحْسِنهم وتَجاوَز عن مُسيئهم".
قال: فما زلتُ أرجوها حتى قُمْتُ مقامي.
ويظهر أن الاختلاف من الجراح، وهو ثقة، لكن من فوقه مجاهيل، وحكم الذهبي على هذه الطريق بالوضع. (الميزان 4/402)، وأقره ابن حجر في اللسان (6/273)
وطريق رابعة:
روى الآجري (5/2477 رقم 1967) من طريق أبي أمية الطرطوسي، ثنا محمد بن موسى المصري، ثنا خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح، عن أبيه، عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال:
كنتُ أوضِّئُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم؛ أُفْرِغُ عليه من إناء في يدي، فنظر إليَّ نظرة شديدة، ففزعتُ، فسقط الإناء من يدي، فقال:
"يا معاوية؛ إنْ وليتَ شيئاً مِنْ أَمْرِ أُمَّتي فاتَّقِ الله وَاعْدِلْ".
فما زلتُ أطمع فيها منذ ذلك اليوم، وأسأل الله أن يرزقني العدل فيكم.
قلت: غريب من هذا الوجه، المصري لم أعرفه، وليس مصحَّفا عن البصري، لأن محمد بن موسى الحَرَشي البصري لم يدرك خالدا، وخالد ثقة، وأبوه لم أجد له ترجمة.
فالخبر بطرقه وشواهده قابل للتحسين، وإليه مال البيهقي؛ كما يُظهِرُ صنيعُه في دلائل النبوة (6/446)، وقال الذهبي في السير (3/131): ويُروى في فضائل معاوية أشياء ضعيفة تُحتَمَل، منها.. فذكر حديث "دعوا لي أصحابي وأصهاري"، ثم ذكر حديث سعيد الأموي، وقال عقبه: ولهذا طرق مقاربة، وساق طريق إسماعيل بن المهاجر.
والله أعلم.
[15] رواه الطيالسي (1/349 رقم 439 ط. التركي، ورقم 438 هندية) وأحمد (4/273) والبزار (1588) والدارقطني في الأفراد (أطرافه 3/24) والعراقي في محجة القرب (رقم 84) من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، وسنده جيد، وقال الهيثمي في المجمع (5/188): رجاله ثقات، وصححه العراقي والألباني (الصحيحة رقم 5)
[16] سؤال في يزيد بن معاوية، ضمن جامع المسائل لاين تيمية (5/154)
[17] سؤال في يزيد بن معاوية، ضمن جامع المسائل لاين تيمية (5/156) وراجعه للتوسع.
[18] وتجد هناك توجيه ابن عساكر لها، إضافة إلى ضبط المزّي ومحقق كتابه للفظةٍ في القصة تصحّفت تصحيفا قبيحا؛ اشتُهرت عند من لا يأخذ الأخبار بالتدقيق.
ونقل المزي عن ابن عساكر قوله: "وهذه الحكاية لا تدل على سوء اعتقاد أبي عبد الرحمن [يعني النسائي] في معاوية بن أبي سفيان وإنما تدل على الكف في ذكره بكل حال".
ومما يفيد في فهم قصة النَّسائي قولُ سفيان الثوري: إذا كنتَ في الشام فاذكرْ مناقب علي، وإذا كنتَ بالكوفة فاذكر مناقب أبي بكر وعمر. وقوله: منعتنا الشيعة أن نذكر فضائل علي. (الحلية 7/27)
وقول شعبة في بيته بالكوفة: لقد حدثنا الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم بشيءٍ؛ لو حدّثتُكم به لرقصتم! والله لا تسمعونه مني أبدا. (العلل لعبد الله بن أحمد 3/354 والحلية 7/157 وتاريخ بغداد 9/260)
وكلام الأئمة في مثل هذا كثير، وإنما اقتصرت على الثوري وشعبة لإمامتهما، ولأنهما كوفيان.
[19] فقد أورد حكاية لا تصح عن علي بن الحسين رحمه الله في فضل معاوية، ثم عقَّب قائلا: معاوية رضي الله عنه ذو فضائل جمة، وحال هذا الإسناد لا يخفى على أهل العلم به. (ذِكْرُ الإمام الحافظ أبي عبد الله بن منده ومَن أدركهم من أصحابه أبوعبد الله الحسينُ بن عبد الملك الخلاّل ص102 رقم 71)، فجعل الفضائلَ الجمّةَ مُقابِلَةً للضعيفِ الذي لم يَثبت.
[20] رواه البخاري في التاريخ (5/240) والترمذي (3842) وابن سعد (7/418) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/358 رقم 1129) والبغوي في معجم الصحابة (4/491) والترقفي في جزئه (45/أ) والطبراني في مسند الشاميين (1/190) والآجري في الشريعة (5/2436-2438 أرقام 1914-1917) وابن بطة في الإبانة وابن منده واللالكائي (8/1441 رقم 2778) وأبونعيم في الصحابة (4/1836 رقم 4634) والخطيب في تاريخه (1/207) وفي تلخيص المتشابه (1/406) وفي تالي تلخيص المتشابه (2/539) والجورقاني في الأباطيل (1/193) وابن عساكر (6/62 و59/81-82) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/274 رقم 442) وابن الأثير في أسد الغابة (3/313 و4/386) والذهبي في السير (8/34) من طريق أبي مُسهر.
ورواه البخاري في التاريخ (7/327) وابن أبي عاصم (2/358) والبغوي (4/490) وأبوالشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (2/343) وأبونعيم في أخبار أصبهان (1/180) وابن عساكر (59/80-81) والمزي في تهذيب الكمال (17/322) من طريق مروان بن محمد الطاطري.
ورواه ابن قانع (2/146) والخلال في السنة (2/450 رقم 697) وابن عساكر (59/83) من طريق عمر بن عبد الواحد. (وفي حديثه قصة)
ورواه ابن عساكر (59/83) من طريق محمد بن سليمان الحراني.
أربعتهم عن سعيد بن عبد العزيز، نا ربيعة بن يزيد، نا عبد الرحمن بن أبي عَمِيرة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر معاوية، وقال: "اللهم اجعله هاديا مهديا، واهد به"
ووقع التصريح بالسماع في جميع طبقات الإسناد، وسنده صحيح، ورجاله ثقات أثبات، وهو إلى صحابيّه عبد الرحمن على شرط مسلم، فقد احتج برواية أبي مُسهر، عن سعيد، عن ربيعة.
ورواه الوليد بن مسلم عن سعيد، واختلف عليه، فرواه أحمد (4/216) ومن طريقه ابن عساكر (59/83) عن علي بن بَحر، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا سعيد، كما رواه الجماعة آنفا.
ورواه ابن عساكر (6/62) من طريق محمد بن جرير الطبري، نا أحمد بن الوليد، نا هشام بن عمار وصفوان بن صالح، قالا: نا الوليد بن مسلم، نا سعيد به، كرواية الجماعة.
ورواه ابن عساكر (59/81) من طريق الساجي، نا صفوان، نا الوليد بن مسلم ومروان بن محمد به مثله.
ولكن رواه الخلال في السنة (2/451 رقم 699) وابن قانع (2/146) والطبراني في الأوسط (660) وأبونعيم في الحلية (8/358) وقوام السنة الأصبهاني في الحجة (2/404) من طريق زيد بن أبي الزرقاء (ح)
ورواه الطبراني في مسند الشاميين (1/181 و3/254) وأبونعيم في الحلية (8/358) ومن طريقهما ابن عساكر (59/83) والذهبي في السير (8/34) من طريق علي بن سهل، كلاهما عن الوليد بن مسلم، عن يونس بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن عميرة.
وقد وهم في الرواية الأخرى الوليد، وأشار لذلك أبوحاتم في العلل (2/363) وقال ابن عساكر إن رواية الجماعة هي الصواب (59/84)
ومما يؤكد ذلك أن الوليد مدلس، وقد عنعن في الرواية الثانية الخطأ، ولمّا صرّح بالتحديث كانت روايته (وهي الأولى) على الصواب، فضلا أن أبا مسهر لوحده أتقن منه، فكيف ومعه غيره من الثقات؟
اختلاف آخر: روى الحديث ابن عساكر (59/80) من طريق محمد بن مصفى، نا مروان بن محمد، حدثني سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة مرفوعا.
قلت: ومحمد بن مصفى له أوهام ومناكير على صدقه، وأبطل ابنُ عساكر زيادة "أبي إدريس" في السند فقال: "كذا رُوي عن محمد بن المصفى عن مروان، ورواه سلمة بن شبيب، وعيسى بن هلال البلخي، وأبوالأزهر، وصفوان بن صالح؛ عن مروان، ولم يذكروا أبا إدريس في إسناده، وكذلك رواه أبومسهر، وعمر بن عبد الواحد، ومحمد بن سليمان الحراني، والوليد بن مسلم؛ عن سعيد".
اختلاف آخر: ذكر ابن حجر في الإصابة (6/309) أن ابن شاهين أخرجه من طريق محمود بن خالد، عن الوليد بن مسلم، وعمر بن عبد الواحد، عن سعيد بن عبد العزيز، عن يونس بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة به.
وعلقه الذهبي عن أبي بكر بن أبي داود (وهو من شيوخ ابن شاهين): حدثنا محمود به. (السير 3/126)
قلت: وهذا خطأ دون شك، وقد رواه الخلال عن يعقوب بن سفيان، ورواه ابن قانع عن إسحاق بن إبراهيم الأنماطي، ورواه ابن عساكر من طريق أحمد بن المعلى، ثلاثتهم عن محمود بن خالد، عن عمر بن عبد الواحد، عن سعيد، عن ربيعة، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة.
وقد تقدم تصويبُ أبي حاتم وابن عساكر لرواية الجماعة.
وبعد أن صوّب ابن عساكر رواية الجماعة بدأ يسرد الطرق الغريبة وينقدها، فقال (59/84): "وقد رواه المهلب بن عثمان، عن سعيد بن عبد العزيز، عن عبد الرحمن فأرسله، ولم يذكر يونس ولا ربيعة، ووهم فيه"، ثم أسند الطريق.
قلت: المهلب كذاب. (لسان الميزان 6/108)
ورواه البغوي في معجم الصحابة (5/367) وابن بطة في الإبانة وابن عساكر (59/86) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/274) من طريق الوليد بن سليمان، عن عمر بن الخطاب مرفوعا به.
وقال ابن عساكر: "الوليد بن سليمان لم يدرك عمر"، وقال الذهبي في السير: "هذا منقطع". (3/126)، وقال ابن كثير: "وهذا منقطعٌ، يُقَوِّيه ما قَبلُه". (التاريخ 11/409)
ورواه الطبراني في الشاميين (3/254) -ومن طريقه ابن عساكر (59/84)- من حديث موسى بن محمد البلقاوي، ثنا خالد بن يزيد بن صبيح المري، عن يونس بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن عميرة به.
وفي هذا السند موسى البلقاوي، وهو متروك متهم بالكذب.
وروى الحديث البخاري في التاريخ (7/328) والترمذي (3843) والرافعي في التدوين (3/455) من حديث عمرو بن واقد، عن يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أبي إدريس الخولاني، عن عمير بن سعد به مع قصة.
وقال الترمذي: "حديث غريب، وعمرو بن واقد يُضَعَّف"، قلت: هو متروك الحديث.
ورواه ابن عساكر (59/84-85) من وجهين آخرين فيهما عمرو بن واقد أيضا، وفيهما اختلاف، وحكم ابن عساكر أنهما خطأ.
وفي الباب حديث واثلة عند السقطي في الفضائل (19) وابن عساكر (59/74) وابن الجوزي في الموضوعات (2/19)، وحديث أبي هريرة عند السقطي (22) وابن عساكر (59/88) بمعنى محل الشاهد، وسندهما تالف، وفيهما زيادات منكرة.
أقوال الحفاظ في الحديث:
1) من صحح الحديث:
قال الترمذي بعد إخراجه الوجهَ المحفوظ: "حديث حسن غريب".
وقال الجورقاني: "هذا حديث حسن".
وقال الذهبي في تلخيص العلل المتناهية (رقم 225) -بعد أن بيّن وهم ابن الجوزي في إعلاله الحديث براويَين ثقتين حَسبَهُما ضعيفين لتشابه الاسم: "وهذا سند قوي".
وقال ابن كثير في تاريخه (11/408 ط. التركي): "قال ابن عساكر: وقول الجماعة هو الصواب.
وقد اعتنى ابنُ عساكر بهذا الحديث، وأطنبَ فيه وأطيبَ وأطرب، وأفاد وأجاد، وأحسن الانتقاد، فرحمه الله، كم من موطن قد برَّز فيه على غيره من الحفاظ والنقاد".
وقال ابن كثير بعد ذلك (11/409-410): "ثم ساق ابنُ عساكر أحاديث كثيرة موضوعة بلا شك في فضل معاوية، أضربنا عنها صفحا، واكتفينا بما أوردناه من الأحاديث الصحاح والحسان والمستجادات، عما سواها من الموضوعات والمنكرات.
قال ابن عساكر: وأصح ما رُوي في فضل معاوية حديث أبي حمزة عن ابن عباس أنه كاتِبُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم منذ أسلم، أخرجه مسلم في صحيحه، وبعده حديث العرباض: اللهم علمه الكتاب، وبعد حديث ابن أبي عَميرة: اللهم اجعله هاديا مهديا".
انتهى كلام ابن كثير بطوله، وكلامُ ابن عساكر هو في تاريخه (59/106)، قاله عقب إيراده ما رُوي عن ابن راهويه أنه لا يصح حديث في فضل معاوية، فهو تعقب منه لهذا الكلام الذي لم يثبت عن إسحاق أصلا كما بيّنتُ قبل.
وقد نقل كلام ابن عساكر في التصحيح مُقرّا: الفتني في التذكرة (ص100)
وقال ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة (2/626): "إن الحديث حسن".
وقال الآلوسي في صب العذاب (ص427): "إن لهذا الحديث شواهد كثيرة تؤكد صحته".
وأورده الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (4/615 رقم 1969)، وقال: "رجاله ثقات رجال مسلم، فكان حقه أن يُصحح". وقال بعد أن توسع فيه (4/618): "وبالجملة فالحديث صحيح، وهذه الطرق تزيدُه قوة على قوة".
2) من تكلم في الحديث:
قال أبوحاتم: إن عبد الرحمن لم يسمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم. (العلل 2601)
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (6/67): "منهم من يوقف حديثه هذا ولا يرفعه، ولا يصح مرفوعا عندهم".. ثم قال عن عبد الرحمن بن أبي عميرة: "لا تثبت صحبته، ولا تصح أحاديثه".
وتبعه ناقلا عبارته ابن الأثير في أسد الغابة (3/313)
وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/275) بعد أن ساق الحديث من طريق الوليد بن سليمان، وطريق أبي مسهر: "هذان الحديثان لا يصحان، مدارهما على محمد بن إسحاق بن حرب اللؤلؤي البلخي، ولم يكن ثقة".. ثم أطال في بيان ضعف البلخي، ثم أورد طريقا أخرى لأبي مسهر، وأعله بإسماعيل بن محمد، وقال إن الدارقطني كذّبه.
وقال ابن حجر في الإصابة (6/309): "إن الحديث ليس له علة إلا الاضطراب، فإن رواته ثقات".
قلت: وأعلّه بعض المُحْدَثين بتغيّر سعيد بن عبد العزيز.
مناقشة الحكم على الحديث:
تقدم في التخريج أن الحديث رُوي عن خمسة من الصحابة: عبد الرحمن بن أبي عَمِيرة، وعمر بن الخطاب، وعمير بن سعد، وواثلة، وأبي هريرة، فأما الأحاديث الثلاثة الأخبرة فواهيةٌ لا تدخل في الاعتبار، وأما حديث عمر ففيه انقطاع، وقوّاه ابن كثير بحديث عبد الرحمن بن أبي عميرة، وأما حديث عبد الرحمن فقد اختُلف فيه، وصوّب أبوحاتم وابن عساكر وغيرُهما رواية الجماعة عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الرحمن مرفوعا.
واتفاقُ من رجّح -وحسبُك منهم بأبي حاتم- بين أوجه الحديث على أن الصواب فيه رواية أبي مُسْهِر ومَن تابعه يقضي على دعوى إعلال الحديث بالاضطراب، فهذا الاختلاف غير قادح، وإنما يقدح الاضطراب لو تعذر الترجيح وتساوت أوجه الخلاف، وهذا مُنتَفٍ هنا، فالتخريج لوحده كافٍ لتبيين الرواية الراجحة، كيف وقد نصّ على تصويبها الحفاظ؟
فبهذا يجاب عن كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله.
أما ابن عبد البر رحمه الله فقد أعل الحديث بما لم يُسبق إليه فيما اطلعت، فذكر أن من الرواة من أوقف الحديث، وهذا لم أجده رغم التوسع، ولم أر من ذَكره!
وذكر أن الحديث لا يصح مرفوعا عند أهل الحديث، وهذا لم أجده، ولم أر من ذكره! بل صنيعُ الترمذي يردّه.
وذكر أن عبد الرحمن لا تثبت صحبته، وقد خالف بذلك كلَّ من وقفتُ عليه قَبل ابن عبد البر، وفيهم كبار الحفاظ كما سيأتي.
وقد قال ابن حجر: "وجدنا له في الاستيعاب أوهاما كثيرة، تتبع بعضها الحافظ ابن فتحون في مجلدة". (الأربعون المتباينة 22)
وأما ابن الأثير فناقلٌ عن ابن عبد البر وتابع له.
وأما إعلال ابن الجوزي للحديث فمن أعجب ما رأيت، فقد أخطأ أخطاء مركبة في تضعيفه، فذكر أن مدار الحديث على محمد بن إسحاق البلخي، وهو ليس بثقة، فرد عليه الذهبي في تلخيص العلل المتناهية (225): "وهذا جهل منه، فإنما محمد بن إسحاق هنا هو أبوبكر الصاغاني، ثقة"، ثم أبطل الذهبي نسبة التفرد له، وهذا واضح في سياق طرق الحديث.
ثم قال ابن الجوزي إن في سنده الآخر إسماعيل بن محمد، وقد كذّبه الدارقطني، فرد عليه الذهبي: "وهذه بليّة أخرى! فإن إسماعيل هنا هو الصفار، ثقة، والذي كذبه الدارقطني هو المزني، يروي عن أبي نعيم".
قلت: فأما إعلال بعض المتأخرين بتغيّر سعيد بن عبد العزيز فغير سديد، إذ لم يُعِلَّ الحديث بهذا أحدٌ من الحفاظ، بل لا تجد مِن مُتقدِّميهم أحدا يُعل باختلاط سعيد أصلا، فهو أثبتُ الشاميين وأصحُّهم حديثا؛ كما قال الإمام أحمد وغيرُه، وما غمز فيه أحد، بل ساووه بالإمام مالك، وقدّموه على الأوزاعي، واحتج بروايته الشيخان وغيرُهما مطلقا، وقضيةُ اختلاطه أخذها مَن أخذها مِن قول تلميذه أبي مُسْهِر، فقد قال: "كان سعيد بن عبد العزيز قد اختلط قبل موته، وكان يُعرض عليه قبل أن يموت، وكان يقول: لا أجيزها". (تاريخ ابن معين رواية الدوري 5377)
وقد سألتُ شيخي المحدّث العلامة عبد القادر الأرناؤوط حفظه الله في منزله بدمشق سنة 1417 عن قول أبي مُسهر بتمامه: هل يُعَلُّ مع هذا النص باختلاط سعيد؟ فقال: لا.
فظهر أن القصة التي فيها ذكْرُ اختلاط سعيد؛ فيها أيضا امتناعُه عن التحديث حالَه، فلم يضر اختلاطُه روايتَه، فمَن أخذَ أولَ القصة وتَرَكَ آخرها فقد حاد عن النهج العلمي.
ثم هَب أن سعيد قد اختلط وحدّث، فمَن رواه عنه (وهو أبومسهر) عالمٌ بالحديث يَقظٌ متثبّت، بل أثبت الشاميين في زمانه عموما، وأثبتهم في سعيد خصوصا، وكان سعيد يقدّمُه ويخصُّه، وقد رفع من أمره وإتقانه جدا الإمامان أحمد وابن معين، ولا سيما الثاني. (انظر ترجمته موسعة في تاريخ دمشق 33/421 وتهذيب الكمال 16/369)
وأبومسهر عالم باختلاط شيخه، بل إن كشفَه لاختلاط شيخه من تثبّته، فيَبعُد أن يأخذَ عن شيخه ما يُحْذَرُ منه. (وانظر الصحيحة 7/690)
وفوق ذلك قال الإمام الألباني رحمه الله (الصحيحة 4/616) بعد أن ذكر متابعة أربعة من الثقات لأبي مُسهر: "فهذه خمسة طرق عن سعيد بن عبد العزيز، وكلهم من ثقات الشاميين، ويبعد عادة أن يكونوا جميعا سمعوه منه بعد الاختلاط، وكأنه لذلك لم يُعله الحافظ بالاختلاط".
بقي قولُ أبي حاتم إن عبد الرحمن لم يسمع الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يضر في صحة الحديث، لأن أبا حاتم نفسه قد نص على صُحبة ابن أبي عَميرة كما في الإصابة (6/308)، وكما قال ابنُه عبد الرحمن (الجرح والتعديل 5/273)، فغاية ما هنالك أن تكون روايته من مراسيل الصحابة، وهي مقبولة محتج بها عند أهل العلم، وأمثلتها كثيرة.
وربما كان كلام أبي حاتم منصبا على قول عبد الرحمن: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم"، فيحكم أبوحاتم أن اللفظة غير محفوظة (قارن بصنيع البخاري في التاريخ 5/240)، فربما أخذ الحديث عن صحابي آخر، وهذا لا يؤثر في صحة الحديث، كما يقع في روايات بعض الصحابة رضي الله عنهم جميعا مثل الحسن والحسين وابن عباس لأحاديث لم يُدركوها، وهذه لا تجد أحدا من أهل العلم والفهم يدفعُ صحتَها بدعوى عدم سماعها من النبي صلى الله عليه وسلم.
علما بأنه وقع سماع عبد الرحمن بن أبي عَميرة في هذا الحديث في كثير من مصادره، وفي بعضها التصريح من الراوي عنه بأن عبد الرحمن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وجملة القول أن العلة التي ذكرها أبوحاتم أراها من النوع المسمى: العلة غير القادحة، على أنني أستفيد من كلامه أنْ لو كانت هناك علة للحديث سوى ما قاله لذكرها.
فتبيّن مما سبق أن سائر ما أُعلّ به الحديث ليس بقادح، وأن المحفوظ منه صحيح السند، ورجاله ثقات أثبات، وثبّته جمع من الحفاظ، فالحُكْمُ لهم، والله تعالى أعلم.
تتمة القول في صُحبة عبد الرحمن بن أبي عَميرة:
ذكَره في الصحابة: ربيعة بن يزيد، وابنُ سعد، ودُحيم، وسليمان بن عبد الحميد البهراني، وأحمد، والبخاري، وبقي بن مخلد (مقدمة مُسنده رقم 355)، والترمذي (تسمية الصحابة رقم 388)، وأبوحاتم، وابن السكن (الإصابة)، وابن أبي عاصم، ويعقوب بن سفيان في المعرفة (1/287 وانظر 1/238)، وأبوالقاسم البغوي في معجم الصحابة (4/489)، وابن أبي حاتم (الجرح 5/273)، وابن حبان في الثقات (3/252)، وأبوبكر بن البرقي في كتاب الصحابة، وأبوالحسن بن سميع في الطبقة الأولى من الصحابة، وأبوبكر عبد الصمد بن سعيد الحمصي في تسمية من نزل حمص من الصحابة، وابن منده، وأبونعيم، والخطيب في تالي تلخيص المتشابه (2/539)، وابن عساكر، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات (2/407)، والمِزّي، والذهبي في تاريخ الإسلام (4/309)، وفي التجريد (1/353)، وغيرهم.
ولم يخالف في ذلك إلا ابنُ عبد البر ومن تابعه بعده؛ كابن الأثير.
ورَدّ على ابن عبد البر وصحّح صُحبة عبد الرحمن: ابنُ فتحون، وابن حجر في الإصابة (6/309)
وانظر تاريخ دمشق لابن عساكر (35/231) والإنابة لمغلطاي (2/24) والإصابة (6/308)
ومما يتصل بترجمة عبد الرحمن بن أبي عَميرة رضي الله عنه:
اختُلف في اسم عبد الرحمن ونسبته، وصوّب أبوحاتم في العلل؛ وغيرُه أن اسمه عبد الرحمن بن أبي عَمِيرة، وضَبَطه ابن ماكولا في الإكمال (6/276 و279) بفتح العين، وكسر الميم، وأوسعُ من ترجم له -فيما رأيت- ابنُ عساكر في تاريخه (35/231)، وصوّب أنه مُزني، وتبعه المزي وغيره.
[21] الحديث يرويه معاوية بن صالح، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن زياد، عن أبي رُهْم، عن العرباض بن سارية قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يَدعو إلى السحور في شهر رمضان: "هَلُمَّ إلى الغَدَاء المبارك"، ثمَّ سمعتُه يقول: "اللهم علِّم معاويةَ الكتابَ والحِساب، وقِهِ العذاب".
والحديث ذكر البزار وابن عدي أنه لا يُروى إلا بهذا الإسناد.
رواه عن معاوية جماعة من الرواة، وهم:
1) عبد الرحمن بن مهدي:
رواه أحمد في المسند (4/127) وفضائل الصحابة (1748) -ومن طريقه الخلال في العلل (141) والسنّة (2/449) وابن عساكر (59/75) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/271)- ثنا عبدالرحمن بن مهدي.
ورواه ابن جرير (البداية والنهاية 11/405) وابن خزيمة (1938) وابن حبان (16/192) وحمزة الكِنَاني في جزء البطاقة (11 ذكر الشاهد فقط) -ومن طريقه الرافعي في التدوين (3/74) والذهبي في معجم الشيوخ (1/152-154) والتاج السبكي في معجم الشيوخ (ص441)- والآجري (1911 الشاهد) وأبوالقاسم الكتّاني في حديثه (156/1 كما في تخريج الأباطيل) والجورقاني (1/190) وابن عساكر في تاريخه (59/75-76) ومعجم شيوخه (2/1041 رقم 1341) من طريق عبد الرحمن به.
2) عبد الله بن صالح أبوصالح:
قال يعقوب بن سفيان في المعرفة (2/345): ثنا أبوصالح.
ورواه البغوي في المعجم (5/365) والطبراني في الكبير (18/251 رقم 628) والشاميين (3/169) -وعنه أبونعيم في المعرفة (4/2236) وابن عساكر (59/76)- والآجري (1913) وعبد العزيز الأزجي في مجلس من الأمالي (مع أمالي ابن بشران 2/284) وابن عساكر (59/77) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/272) من طريق عبد الله بن صالح به.
3) قرة بن سليمان:
رواه البزار في مسنده (10/138 رقم 4202/ وفي كشف الأستار برقم 2723) من طريقه.
4) أسد بن موسى:
رواه الطبراني في الكبير (18/251 رقم 628) وفي الشاميين (3/169) -وعنه أبونعيم في المعرفة (2/805)- وابن بشران (1/55) وابن أبي الصقر في مشيخته (31) وابن عساكر (59/76 عنده الشاهد فقط) من طريق أسد بن موسى.
5) بشر بن السري:
رواه البغوي في المعجم (5/364) والآجري (1910) وابن عدي (6/2402) وابن بطة في الإبانة وابن عساكر (59/77) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/271) من طريق بشر بن السري.
6-10) ورواه آدم، ومعن بن عيسى، وزيد بن الحباب، وعبد الله بن وهب، وعافية بن أيوب في آخرين عن معاوية بن صالح به مثله.
علقه عنهم أبونعيم في المعرفة (2/805)
11) الليث بن سعد، ويأتي تفصيل روايته.
والحديث عزاه الإمام الألباني (الصحيحة 3227) لأبي موسى المديني في جزء من الأمالي (ق1/2) من طريق يونس به.
فأما مَن روى الحديث عن معاوية بدون الشاهد، فَهُم:
12) حماد بن خالد الخياط:
رواه أحمد (4/126) ثنا حماد بن خالد الخياط.
ورواه أبوداود (2344) -ومن طريقه أبوبكر الجَصّاص في أحكام القرآن (1/270)- وابن بُشران (1/54) والمِزِّي في تهذيب الكمال (5/231) من طريق حماد به.
- زيد بن الحباب:
قال ابن أبي شيبة (3/9) ثنا زيد به.
وقد علَّقه أبونعيم عن زيد بذكر الشاهد كما تقدم.
- عبد الرحمن بن مهدي:
رواه النسائي في الصغرى (4/145) والكبرى (2/79 العلمية، 3/114 الرسالة) -وعنه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (14/124)- أخبرني شعيب بن يوسف، ثنا عبد الرحمن بن مهدي.
ورواه ابن خزيمة (1938) ثنا بندار، نا عبد الرحمن.
وابن حبان (8/244) من طريق القواريري، نا عبد الرحمن.
والبيهقي (4/236) من طريق أحمد، نا عبد الرحمن.
وابن عساكر (54/132) والمزي في تهذيب الكمال (32/511) من طريق محمد بن عبد المجيد التميمي، ثنا عبد الرحمن.
وابن قتيبة في الغريب (1/20) نا خالد بن محمد، نا عبد الرحمن.
سبب ترك بعض الرواة لذِكر معاوية في الحديث:
قال الخلال في العلل (141): قال مُهنّا، سألتُ أبا عبد الله [وهو الإمام أحمد بن حنبل] عن حديث معاوية بن صالح، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن زياد، عن أبي رُهم، عن العرباض بن سارية، قال: دعانا النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى الغَداء المبارك، وسمعتُه يقول: "اللهم علّمه -يعني معاوية- الكتاب والحساب، وقِهِ العذاب".
فقال: نعم، حدّثناه عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح.
قلتُ: إن الكوفيين لا يذكرون هذا: "علّمه الكتاب والحساب وقِهِ العذاب"، قَطَعوا منه؟
قال أحمد: كان عبد الرحمن لا يذكُره، ولم يذكُرْه إلا فيما بيني وبينَه.
قلت: وهذا نص عزيز، فيه بيان موقف الكوفيين -وأكثرهم شيعة- من التحديث بمثل هذا، وفيه أن الإمام أحمد لمّا سُئل عنه لم يَتكلّم فيه بشيء، وكذا تلميذه مُهنا.
قلتُ: والحديث قد سمعَه كاملا من عبد الرحمن:
1) الإمام أحمد كما تقدم.
2-3) يعقوب الدورقي وعبد الله بن هاشم:
كما حدّث عنهما ابن خزيمة (1938) ورواه من طريقه ابن عساكر (59/76)
رواه ابن عساكر (59/75) من طريق يعقوب.
4) العباس العنبري:
رواه ابن حبان (16/191) من طريقه.
5) أحمد الدورقي:
رواه حمزة الكناني في جزء البطاقة (11) والجورقاني (1/190) عن أبي يعلى، عن أحمد الدورقي.
ورواه الآجري في الشريعة (1911) عن ابن ناجية، ثنا أحمد الدورقي.
6) عبيد الله بن عمر القواريري.
رواه ابن عساكر (59/75) من طريق أبي يعلى في مسنده الكبير عن القواريري.
7) محمد بن عبد المجيد التميمي:
رواه ابن عساكر (59/76) من طريقه.
8) أحمد بن سنان:
قال محمد بن مروان السعيدي في كتاب المجالسة -ورواه من طريقه ابن عساكر في معجم شيوخه (2/1041 رقم 1341): ثنا أحمد بن سنان.
ورواه ابن حبان (16/191) والآجري (1912) من طريق ابن سنان.
ذكر الاختلاف على الليث بن سعد في الإسناد:
قال الحسن بن سفيان (الإصابة 3/24 وغيرها) -وعنه ابن بطة، وابن منده (الإنابة لمغلطاي 1/138)، وأبونعيم في المعرفة (2/804): ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن زياد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فذكره).
ورواه ابن قانع (1/187) ثنا العباس بن حبيب النهرواني، نا قتيبة به.
ورواه ابن منده في المعرفة (الإصابة 3/24) من طريق موسى بن هارون عن قتيبة به.
ورواه الحسن بن عرفة في جزئه (36) -وعنه الخلال في السنة (2/460) والبغوي في الصحابة (2/78) وابن شاهين وابن مندة (الإصابة) واللالكائي (8/1441) وابن عساكر (59/74) وابن حجر في التهذيب (12/141 و142)- عن قتيبة به، وزاد بعد الحارث: "صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم".
قال ابن منده: "هذا وهم من قتيبة أو من الحسن بن عرفة". وقال: "رواه آدم، وأبوصالح، وغيرهما، عن الليث، عن معاوية، عن يونس، عن الحارث، عن أبي رهم، عن العرباض بن سارية، وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي، وابن وهب، ومعن بن عيسى، في آخرين عن معاوية".
نقله ابن حجر في الإصابة وقال: "قلت: وحديث ابن مهدي في صحيح ابن حبان، وهو الصواب".
وأشار أبونعيم لإعلاله بمخالفته رواية الجماعة.
وقال ابن عساكر: "كذا قال، ولا نعلم للحارث صحبة، وقد أُسقط من إسناده رجلان".
وقال ابن الأثير إن زيادة "وكان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم" وهم (أسد الغابة 1/329)، وكذلك نص مغلطاي في الإنابة (1/138) وابن حجر في التهذيب.
وقال الذهبي في معجم الشيوخ (1/154): "كذا قال، وهذا خطأ".
وقال في تاريخ الإسلام (4/309): "وقد وهم فيه قتيبة، وأسقط منه أبا رُهم والعرباض".
وقال ابن حجر: "أعضل قتيبة هذا الحديث". (التهذيب)
فهذه أقوال الحفاظ في هذه الرواية، ومؤدّاها أن قتيبة وهم في الإسناد وقصّر فيه فأعضله، وأن الرواة غيره عن الليث جَوَّدُوه، وقد تابع الليثَ عن معاوية مجوَّدا أكثرُ من عشرة رواة كما تقدم.
وصوّب ابن منده، وأبونعيم، وابن عساكر (59/75)، والذهبي، وابن حجر رواية الجماعة كما تقدم.
بيان رجال الإسناد:
معاوية بن صالح: ثقة واسع الرواية. (تهذيب الكمال 28/186) قلت: وهو في طبقة من يُقبل تفرده، وقد أخرج له مسلم وغيره من أهل الصحاح أحاديث تفرد بروايتها.
يونس بن سيف: وثقه ابن حبان (الثقات 5/550 و555 ومعرفة التابعين من الثقات للذهبي 4196)، والدارقطني (سؤالات البرقاني 564)، وقال البزار: "صالح الحديث، وقد رُوي عنه"، وقال ابن سعد: "كان معروفا له أحاديث". (الطبقات 7/458)، وروى عنه جمع من الثقات.
قلت: فقول ابن حجر رحمه الله في التقريب: "مقبول" قليل في حقه.
تنبيه: وقع في مطبوع كشف الأستار في زوائد البزار: "قال البزار: يونس والحارث لا أعرفهما"، واعتمد على هذا الكلام بعض من ضعّف الحديث، وهذا خطأ ليس من كلام البزار، إنما كلامه كما في مسنده (ق219 الكَتّانية): "وحديث العرباض فيه علتان: إحداهما: الحارث بن زياد، ولا نعلم كبير أحد روى عنه، ويونس بن سيف صالح الحديث، وقد رُوي عنه".
وهذا ما نقله مغلطاي وابن حجر من كلام البزار، نبّه على كلام البزار محقِّقُ مشيخة ابن أبي الصقر (ص99-100)، ثم طبع مسند البزار الأصل (10/139)، وفيه التصويب المذكور.
وقد قال الهيثمي في مقدمة كشف الأستار (1/6) قائلا: "إذا تكلم [يعني البزار] على حديث بجرح بعض رواته أو تعديل بحيث طوَّلَ: اختصرتُ كلامه، من غير إخلال بمعنى، وربما ذكرته بتمامه إذا كان مختصرا".
قلت: لكني رأيتُ عشرات المواضع أحال فيها الهيثمي معنى كلام البزار، مثل قوله (3/166): "قال البزار: وأحاديث النضر لا نعلم أحدا شاركه فيها"، بينما عبارة البزار في المسند الأصل (9/457 رقم 4070): "وهذه الأحاديث التي رواها النضر بن محمد عن عكرمة لا نعلم أحدا شاركه فيها عن عكرمة". قالها بعد أن ساق خمسة أحاديث فقط من رواية النضر عن عكرمة بن عمار، وهو مكثر جدا عن عكرمة، فلا يُستغرب انفراده عنه ببضعة أحاديث، أما عبارة الهيثمي فمعناها يُسقط روايات النضر عن شيخه كلها!
فليكن هذا في ذهن الباحث عند وقوع الإشكالات ومخالفة المسند الأصل، ولا سيما أن طبعة كشف الأستار رديئة.
الحارث بن زياد: ترجمه مغطاي في الإكمال (3/290) فقال: إن ابن خزيمة وابن حبان أخرجا له في الصحيح، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين [4/133]، قال: روى عن أبي رُهم، وأدرك أبا أمامة، وقال البزار: لا نعلم كبير أحد روى عنه، وقال أبوالحسن القطان: حديثه حسن. ثم بالغ مغلطاي بالرد على قول الذهبي في الميزان والمغني: "إنه مجهول"، وقال: إن ذلك قولٌ لم يُسبق إليه. ا.هـ.
قلتُ: وكذلك تعقب الذهبيَّ ابنُ حجر في التهذيب (2/142) وقال: قال أبوعمر بن عبد البر في صاحب هذه الترجمة: "مجهول، وحديثه منكر".
قلتُ: سبقه بهذه العبارة المنذريُّ في الترغيب (2/79 رقم 1578 ط. ابن كثير)، وفي دقة هذا النقل نظر، فالذي قاله ابن عبد البر في الاستيعاب: "إن الحارث بن زياد مجهول، لا يُعرف بغير هذا الحديث"، ولم أجد له كلاما آخر عليه، سواء في الاستغناء أو غيره، وبين العبارتين فرقٌ بيّن.
ثم وجدتُ المنذريَّ نفسَهُ ينقل عن ابن عبد البر عبارةً مختلفة وهي: "ضعيف مجهول، يروي عن أبي رُهم السماعي، حديثه منكر". (مختصر سنن أبي داود 3/230)
قلت: فأخشى أن يكون المنذري قد تصرف في كلام ابن عبد البر، فأدّى معنى زائدا -ولا سيما أنه أملى الترغيب من حفظه، فتعقّبه مَن تعقّب، كالبرهان الناجي- وبواسطته نقل ابن حجر، فعندي أمثلة على مثل هذا، والعلم عند الله.
قلت: وقُد ذُكر الحارث في الصحابة، وتقدّم أن ذلك لا يصح.
ومما يرفع من حال الحارث بن زياد الشامي أنه وردت روايات عن الرافضة في لعنه! كما في طرائف المقال للبروجردي (ص426) وجامع الرواة للأردبيلي (1/173)
أبو رُهم: هو أحزاب بن أَسِيد السَّمَعي، ويقال: السَّماعي، مُختَلَف في صُحبته، ذكره العجلي وابن حبان وابن خلفون في الثقات (الإكمال لمغلطاي 2/15)، وروى عنه جمع من الثقات (تهذيب الكمال 2/281)، وقال ابن حجر: ثقة. (التقريب)
الحكم على الإسناد:
مقاربٌ رجالُه ثقات، إلا أن الحارث بن زياد تابعيٌ مستور.
أقوال الحفاظ في الحديث:
قد تقدّم كلام البزار آنفا، وذكره ابن عدي ضمن إفرادات معاوية بن صالح، ولم يتكلم عليه، وهذا يحتملُ استنكارَه للحديث، وقال ابن عبد البر بعد ذِكْره: "إلا أن الحارث بن زياد مجهول لا يُعرف بغير هذا الحديث"، وزاد المنذري وابن حجر عنه: "وحديثه منكر"، وتقدم مناقشة هذه الزيادة.
وقال ابنُ الجوزي في العلل المتناهية إنه لا يَصح، وأعلَّه بضعف معاويةَ بن صالح، وعبدَ الله بن صالح.
قلت: لأن ابن الجوزي ساق بإسناده متابعةَ عبدِ الله بن صالح لمعاوية، وليس ذلك بشيء، فإنما سقط من إسناده شيخُ عبد الله، وهو معاوية بن صالح نفسُه، وأما طريقة إعلاله بمعاوية بن صالح فلا تستقيم أيضا، إذ اقتصر على تجريح أبي حاتم له، وسكت عن توثيق باقي الحفاظ له! وقد عِيبَ هذا الصنيعُ على ابن الجوزي رحمه الله في كتاب الموضوعات، ثم قد رواه عن معاوية جمعٌ من كبار الحفاظ من عدة بلدان مثل: عبد الرحمن بن مهدي، والليث بن سعد، وعبد الله بن وهب، ولم يتكلموا في الحديث.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: (9/356): "فيه الحارث بن زياد، ولم أجد من وثقه، ولم يرو عنه غير يونس بن سيف، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف".
وفي المقابل: فالحديث لما سُئل عنه الإمام أحمد لم يضعّفه كما في علل الخلال، وصحّحه ابن خزيمة، وابن حبان، وابن عساكر في تاريخه (59/106)، وابن كثير في البداية والنهاية (11/409)، وقال الجورقاني: "هذا حديث مشهور، رواه عن معاوية بن صالح جماعةٌ، منهم: بشر بن السري، والليث بن سعد، وعبد الله بن صالح، وأسد بن موسى، وغيرهم"، وأخرجه ضمن الأحاديث الضدّية للأباطيل والمناكير، وقال ابن عساكر: حسن غريب. (معجم الشيوخ 2/1041 رقم 1341)، وحسّنه ابنُ القطّان. (الإكمال لمغلطاي 3/290)، وقوّاه الذهبي بشاهده. (السير 3/124)، وقال ابن حجر في الإصابة بعد ذكر الاختلاف على معاويةَ مُرَجِّحا ومُقراً: "قلتُ: وحديثُ ابن مهدي في صحيح ابن حبان"، وأفاض الإمام الألباني في تخريجه وانتهى إلى صحة الحديث. (الصحيحة 3227)
لطيفة: ويُمكن زيادة المثبتين للحديث بما نقله ابنُ أبي يَعلَى الفَرّاء في ترجمة أبي حفص عمر بن إبراهيم العُكبري (3/294 العثيمين) إذ قال: "قال أبوحفص: سألني سائلٌ عن رجلٍ حَلَفَ بالطلاق الثلاث إنَّ معاويةَ رحمه الله في الجنّة، فأجبتُه: إنّ زوجتُه لم تطلُق، فليُقِم على نكاحه، وذَكَرتُ له أن أبا بكر محمد بن عَسْكَر سُئل عن هذه المسألة بعَينها؛ فأجابَ بهذا الجواب.
قال: وسُئل شيخُنا ابنُ بطّة عن هذه المسألة بحَضْرَتي، فأظُنُّه ذكَر جَوابَ محمد بن عسكر فيها.
وسمعتُ الشيخَ ابنَ بطةَ يقول: سمعتُ أبا بكرَ بنَ أيوب يقول: سمعتُ إبراهيم الحَربيَّ -وسُئلَ عن هذه المسألة- فقال: لَم تَطلُق زوجتُه، فليُقِم على نكاحِه.
قال: والدليلُ على ذلك: ما روى العِرباضُ بن سارية، أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم يقولُ لمُعاوية بن أبي سفيان: (اللهم علّمهُ الكتاب والحساب، وقِهِ العذاب).
فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم مُجاب الدعاء، فإذا وُقيَ من العذاب فهو من أهل الجنة.. الخ".
قلتُ: والقائل "والدليل على ذلك" أُراه أبا حفص العكبري، والله أعلم.
طرق أخرى للحديث:
حديث عبد الرحمن بن أبي عَمِيرة رضي الله عنه:
روى الطبراني في الشاميين (1/190) -ومن طريقه ابن عساكر (35/230 و59/80) والذهبي في السير (8/34): ثنا أبوزرعة، وأحمد بن محمد بن يحيى الدمشقيان، قالا: ثنا أبومسهر، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية: "اللهم علمه الكتاب والحساب، وقه العذاب"
وروى بعده عن أبي زرعة بنفس السند حديث ابن أبي عميرة الصواب.
وعلّقه البخاري في التاريخ الكبير (7/327) عن أبي مسهر به، بالمتن السابق، ثم أخرجه متصلا بالمتن الآخر "الله اجعله هاديا مهديا".
قال ابن عساكر إن هذا الوجه غريب، وأتبعه بتخريج الروايات عن سعيد بن عبد العزيز بمتن: "اللهم اجعله هاديا".
وأعله الذهبي في معجم الشيوخ (1/155)، وقال إن رواية الترمذي لهذا السند بمتن "اللهم اجعله هاديا" أصح، لرواية جماعة من الرواة.
لأن غالب الرواة عن أبي مُسهر (وهُم: يحيى بن معين، ومحمد بن يحيى الذهلي، وابن سعد، ومحمد بن عوف، ومحمد بن سهل بن عسكر، ومحمد بن رزق الله الكلوذاني، والترقفي، ومحمد بن المغيرة، وأبوزرعة الدمشقي في رواية، والبخاري معلقا)، ومَن تابَعه عن سعيد: يروون بهذا السند المتن الثاني "اللهم اجعله هاديا"، وهو الذي وصله البخاري.
فأما صنيع البخاري فأفهمُ منه أنه أعلَّ الروايةَ المعلقةَ بالمتصلة، يؤيدُه روايةُ الأكثرية عن أبي مُسهر، ومُتابعةُ جمعٍ له على الوجه الموصول، كما بيّن ابن عساكر والذهبي، والله أعلم.
فهذا الإسناد لمتن "اللهم علمه الكتاب" وهمٌ بلا شك، وقد ذكر البزار أن الحديث المذكور لا يُروى إلا بالإسناد المشهور عن معاوية بن صالح.
حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
رواه ابن عدي (5/1810) وأبوالقاسم عبد العزيز الأزجي في مجلس من أماليه (مع أمالي ابن بشران 2/286 رقم 1522) وابن عساكر (59/78) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/271) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الجُمَحي، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا بمثله.
قال ابن عساكر إنه وجهٌ ضعيف، وأعلّه ابن الجوزي -تبعا لابن عدي- بالجمحي.
قلت: تعقّبَ الذهبيُّ في الميزان (3/47) بأن عثمان بن عبد الرحمن هذا هو الوَقّاصي القرشي لا الجمحي، والوقاصي أشد ضعفا من الجمحي، فهو متروك.
ووقعت نسبتُه على الصواب فيما رواه ابن البَخْتَري في المنتقى من السادس عشر من حديثه (رقم 85 وهو في مجموع مصنفات ابن البختري ص467) من طريق عثمان بن عبد الرحمن القرشي، عن عطاء، عن ابن عباس به.
فهذا السند ضعيف جدا.
حديث مَسْلَمة بن مُخَلَّد رضي الله عنه:
رواه ابن بطة (تلخيص الذهبي 223) ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/272) من طريق أبي سلمة موسى التَّبُوذَكي.
ورواه الطبراني في الكبير (19/439 رقم 1065) والآجري في الشريعة (1919) وابن بطة وابن الجوزي من طريق الحسن بن موسى الأشيب.
ورواه البغوي في معجم الصحابة (5/365) والطبراني (19/438 رقم 1066) والآجري (1918) من طرق عن سليمان بن حرب.
ثلاثتهم عن أبي هِلال محمد بن سُلَيم الرَّاسِبي، نا جَبَلَة بن عَطية الفلسطيني، عن مَسْلَمة بن مُخَلَّد مرفوعا بلفظ: "اللهم علّمه الكتاب، ومكّن له في البلاد، وقه العذاب".
وعلّقه ابنُ عبد الحكم مِن حديث أهل البصرة عن أبي هلال به. (فتوح مصر ص267)
قلت: قد اضطَرَب أبوهلال في الإسناد:
فقال ابن سعد (1/108 تحقيق السلومي) -ورواه من طريقه ابن عساكر (59/78): أخبرنا سليمان بن حرب والحسن بن موسى، قالا: حدثنا أبوهلال محمد بن سليم، قال: حدثنا جبلة بن عطية، عن مسلمة بن مخلد.
قال الحسن بن موسى الأشيب: قال أبوهلال: أو عن رجل عن مسلمة بن مخلد.
وقال سليمان بن حرب: أو حدّثه مسلمةُ عن رجل، أنه رأى معاوية يأكل، فقال لعمرو بن العاص: إن ابن عمّك هذا لمِخْضَد، ثم قال: أما إني أقول هذا، وقد سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: (فذكره)
وقال الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/915) وابن قُتَيبة في الغريب (1/394): حدثنا الحسن بن موسى، ثنا أبوهلال، ثنا جبلة بن عطية، عن مسلمة بن مخلد -أو عن رجل عن مسلمة بن مخلد- به.
ورواه الخلال في السنة (2/451) من طريق سليمان بن حرب، ثنا أبوهلال، عن جبلة، عن مسلمة، أو حدثه مسلمة عن رجل.
ورواه ابن عساكر (59/78) من طريق ابن أبي خيثمة، نا أبي سلمة موسى بن إسماعيل، نا أبوهلال الراسبي، نا جبلة، عن رجل من الأنصار، عن مسلمة به.
وهذا الحديث أعلّه ابن الجوزي بضعف أبي هلال.
وقال الذهبي في التلخيص: لم يصح.
وقال في ترجمة جبلة بن عطية من الميزان (1/389): "لا يُعرف، والخبر منكر بمرة، وهو من طريق ثِقَتَين عن أبي هلال محمد بن سليم، قال حدثنا جبلة، عن رجل، عن مسلمة.." (فذكر الحديث)
وتعقبّه ابن حجر في اللسان (2/96) قائلا: "لعلّ الآفة فيه من الرجل المجهول.."، ثم نقل توثيق جبلة.
وقال قَبلَهُما ابنُ عبد الحكم: "وربما أدخلَ بعضُ المحدّثين بينَ جبلة بن عَطيّة وبين مَسلمة رجلا".
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/109) بعد أن عزاه للطبراني: "وجبلة لم يسمع من مسلمة، فهو مرسل، ورجاله وُثِّقوا، وفيهم خلاف".
قلت: أبوهلال فيه ضعفٌ (تهذيب الكمال 25/292)، وقد اضطربَ فيه كما تَقدم، وجبلة ثقة (تهذيب الكمال 4/500)، ولكن عدّه ابن حبان من أتباع التابعين، وذكر له المزي ثلاثة شيوخ، كلهم من التابعين، فيظهر لي أن الأقرب من الأوجه رواية أبي هلال، عن جبلة، عن رجل، عن مسلمة.
وهذا سند ضعيف، وتقدم تضعيف الحفاظ لهذه الرواية عموما، إلا أنَّ لفظة: "ومَكِّن له في البلاد" -من حيث الصنعة الحديثية- منكرةٌ لا شاهد لها.
حديث أبي هريرة:
رواه ابن بطة، ومن طريقه ابن الجوزي (1/273) من طريق محمد بن يزيد العابد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا مثله مع زيادة.
وأعله ابن الجوزي بجهالة ابن يزيد، وقال الذهبي إن خبره موضوع، وهو آفَتُه (الميزان 4/68)، وقال إن حديثه كذب. (المغني 2/644)
ولكن جاء أحد الكذابين فوضع له إسنادا نظيفا!
فرواه ابن عساكر (59/88) من طريق إسحاق بن محمد السوسي، نا محمد بن الحسن، نا ابن ديزيل، نا آدم بن أبي إياس، عن شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا، وفيه زيادات باطلة.
قال ابن حجر في ترجمة إسحاق من اللسان (1/374): "ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية، رواها عبيد الله بن محمد بن أحمد السقطي عنه، فهو المتهم بها، أو شيوخُه المجهولون".
وقال الذهبي في ترجمة شيخه في الميزان (3/516): "روى عنه محمد بن إسحاق السوسي أحاديث مختلَقة في فضل معاوية، ولعله النقاش صاحب التفسير، فإنه كذاب، أو هو آخر من الدجاجلة".
قلت: فالحديث باطل من طريقَيه عن أبي هريرة.
الطرق المرسلة:
رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/913) بسند صحيح عن شُريح بن عُبيد مرسلا.
وقال الألباني: "وهذا إسناد شامي مرسل صحيح، رجاله ثقات".
ورواه الحسن بن عرفة في جزئه (66) ومن طريقه ابن عساكر (59/79) بسند صحيح عن حَرِيز بن عثمان الرَّحَبي مرسلا.
وقال الألباني: "وهذا أيضا إسناد شامي مرسل صحيح".
ورواه ابن عساكر (59/85) بسند صحيح عن يُونُس بن مَيْسَرة بن حَلْبَس مرسلا.
ورواه ابن عساكر (59/79) من طريق الزُّهري مرسلا.
وفي سنده أبان بن عَنْبَسة القرشي: ذكره ابن أبي حاتم (2/300) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
ورواه البلاذري في أنساب الأشراف (4/145 العظم) وابن عساكر (59/79) من طريق شَبَابة بن سَوَّار، ثنا يوسُف بن زياد التَّيْمي، عن محمد بن شُعيب، عن عُروة بن رُوَيْم اللَّخْمي مرسلا.
ورجاله ثقات، إلا أن يوسف التيمي لم أتبيّنه الآن.
ورواه ابن بطة ومن طريقه الخطيب في تلخيص المتشابه (1/405) من طريق داود بن المحبر، نا الحسن بن أبي جعفر العتكي، عن ليث، عن مجاهد مرسلا محل الشاهد.
وسنده موضوع.
خلاصة الحكم على الحديث:
جاء الحديث من مُسند العِرباض بن سَارِيَة، والحارث بن زياد، وعبد الرحمن بن أبي عَمِيرة، وابن عباس، ومَسْلَمة بن مُخَلَّد، وأبي هريرة، ومن مراسيل شُريح بن عُبيد، ويونُس بن مَيسرة بن حَلْبَس، وحَريز الرَّحَبي، والزهري، وعقبة بن رويم، ومجاهد.
وتبيّن أن جميع الطرق المرفوعة إما أنها ترجع لحديث العرباض (طريق الحارث بن زياد، وابن أبي عَميرة)، أو أنها لا تدخل في الاعتبار أصلا (حديث ابن عباس، وحديث أبي هريرة، وحديث مسلمة عَلَى الأقرب).
وتبيّن أن حديث معاوية مرفوعا سندُه مُقاربٌ بذاته، وثبّته أكثرُ مَن تكلَّم على الحديثِ مِنَ الحفّاظ فيما وَقَفْت.
وتبيّن أن مراسيل شُريح، ويونُس، وحَريز صحيحةٌ إلى أصحابها، فهي تشهد للمرفوع إن شاء الله، وبذلك تطمئن النفس لتقوية الحديث.
هذا ما انتهى إليه بحثي، والله تعالى أعلم بالصواب.
[22] انظر عنه نزهة الخواطر لعبد الحي الحسني (8/49) وكتاب البريلوية لإحسان إلهي ظهير.
[23] منهم أبونعيم في معرفة الصحابة (5/2496)، إذ قال: "أسلم قُبيل الفتح، وقيل: عام القضية".
[24] من حديث مُحَرِّش الكعبي الخزاعي رضي الله عنه، رواه أبوداود (1996) والترمذي (935) وقال: حسن غريب، والنسائي (5/199-200) والشافعي في الأم (2/134) والحميدي (863) وأحمد (3/426 و427 و4/69 و5/380) والدارمي (1868) وغيرهم، وسنده حسن كما قال ابن حجر (الإصابة 9/101)، وصححه ابن عبد البر (التمهيد 24/408) والألباني (صحيح سنن الترمذي 1/479 المعارف)
[25] وكذا لم يعزُه الحافظ في الإصابة (12/81) لغير هذا المصدر، وتفرده غريب، يؤيدُه قولُ الحافظ فيما يأتي: "فإن ثبت هذا.."، ولم أقف على الخبر في كتب الصحابة وغيرها، والله أعلم.
[26] وبذلك يُردُّ على من تمسّك أن معاوية رضي الله عنه من الطلقاء، واتكأ على ذلك -مدفوعا بالجهل والهوى- ليُشكّك في إسلام معاوية رضي الله عنه، ويَلمِزَه بالنفاق -عياذا بالله- صراحة أو كناية، مع أن معاوية ومئات الصحابة مثلَه؛ حتى لو كانوا من الطلقاء، فلا يطعن ذلك في دينهم لمجرد كونهم كذلك، ولا يؤثر في شرف صُحبتهم، إلا عند الضُلال أعداء السُنّة، انظر بحر الفوائد للكلاباذي (باب فضل قريش 1/301 رسالة جامعية) وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (4/454)
[27] قال ابن كثير: "يعني ينقُلُه، لا أنه كان يتعمدُ نقلَ ما ليس في صُحُفه". (تفسير سورة الكهف 83)، وقال ابن حجر: "وأولَه بعضُهم بأن مرادَه بالكذب عدمُ وقوع ما يُخبِرُ به أنه سيقع، لا أنه هو يكذب". (الإصابة 8/336)
[28] وأنقل شيئا من أحكام العلماء على الحديث بطوله، لأن بعض أهل الأهواء المعاصرين طعنوا في حديث الافتراق منه بجهل بالغ. فقال الحاكم: هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث. يُشير إلى هذا الإسناد وغيره، وأقره الذهبي في التلخيص، وصححه الشاطبي، وشيخ الإسلام ابن تيمية في مسائله، وقال في اقتضاء الصراط المستقيم (1/118): "هذا حديث محفوظ من حديث صفوان بن عمرو عن الأزهر بن عبد الله الحرازي عن أبي عامر عبد الله بن لحي عن معاوية، رواه عنه غير واحد"، وجوّد إسنادَه العراقي في تخريج الإحياء، وحسّن إسنادَه ابن حجر في تخريج الكشاف. انظر لذلك الصحيحة (204)
[29] وهذا الحديث يُستدرك على كتاب الرِّحلة للخطيب البغدادي؛ ومُلحَقِ مُحقِّقه.
وقد ورد الخبر في مطبوعة حلية الأولياء (8/275) مشوشا.
[30] نبه على ذلك الذهبي في التذهيب (9/33)
[31] وهذا صحيح ثابت، رواه ابن أبي شيبة في مسنده (المطالب العالية 3/707 رقم 411 الشثري) وفي مصنفه (2/327) والطبراني (19/332 رقم 764) وابن عساكر (59/165-166) من طريق سليمان بن بلال عن جعفر به مرفوعا: "إذا صَلَّى الإمامُ جالساً فصَلُّوا جُلوساً". قال القاسم: فعَجِبَ الناسُ مِنْ صِدْقِ معاوية.
وقال الهيثمي في المجمع (2/67): رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في الإتحاف (1/166/أ): رجاله ثقات. قلت: سنده جيد قوي.
وهذا الإعجاب للتصديق والموافقة، قال البيهقي (فيما رواه ابن عساكر): "فهذا جعفر بن محمد الصادق يرويه؛ ويُصَّدِّقُ القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق فيما يحكيه من تصديقِ الناسِ معاويةَ، والناسُ إذ ذاك: مَنْ بَقِيَ مِنَ الصحابة، ثم أكابر التابعين".
ومثله: رواية علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن مروان بن الحكم حديثا، وبوّب لذلك ابن أبي خيثمة في تاريخه (2/73)
[32] رواه وكيع في الزهد (231) والطيالسي (2/314 رقم 1058) وابن أبي شيبة (8/494) والإمام أحمد في المسند (4/93) وفي العلل (2/285 و3/450) والبخاري في التاريخ (7/328) وأبوداود (4129) وابن ماجة (3656) والخلال (2/440) والبيهقي (1/21) وابن عساكر (59/166) وغيرهم، من طريق أبي المعتمر يزيد بن طهمان، عن محمد بن سيرين أنه قال: وكان معاوية لا يُتّهم في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسنده صحيح.
فائدة: قال الطيالسي رحمه الله بعد نقل كلام ابن سيرين: "وكان معاوية إذا حدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُتّهم"، فأعاده الطيالسي من قوله تصديقا لابن سيرين.
وثبت مثله عن ابن عباس:
فروى الإمام أحمد في المسند (4/95 و102) وفي العلل (2/285 و3/450) -ومن طريقه الخلال في السنة (2/439)- والبغوي في معجم الصحابة (5/378) والطبراني (19/310 رقم 697) والآجري (5/2460 رقم 1943) وابن عساكر (59/56) من طريق مروان بن شجاع، ثنا خصيف، عن مجاهد وعطاء، عن ابن عباس أنه قال: ما كان معاوية على رسول الله صلى الله عليه وسلم مُتّهما.
وإسناده حسن.
[33] قال خليفة بن خياط: ثم جمع عمر الشام كلّها لمعاوية، وأَقرّه عثمان. (التاريخ 155 و178)
نقله الذهبي وعلق عليه: حسبُك بمن يُؤَمِّرُه عمر، ثم عثمان على إقليم -وهو ثغر- فيضبطُه ويقومُ به أتمّ قيام. (السير 3/132)، وقال ابن تيمية: "ولا استَعملَ عمرُ قَط؛ بل ولا أبوبكر على المسلمين مُنافقا". (مجموع الفتاوى 35/65)
[34] رواه ابن أبي شيبة (12/50) وأحمد (2/345) وابن شبة (3/1105) والحاكم (3/99 و4/433) والبيهقي في الدلائل (6/293) وابن عساكر (39/267) وأبوالخير القزويني (كما في الرياض النضرة 3/37)، وسنده لا بأس به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير: إسناده جيد حسن، ثم ساق له شواهد (البداية والنهاية 10/374)، وصححه لغيره في موضع آخر (9/173)
وأبوحَبيبة هو مولى الزبير، وجَدُّ موسى بن عُقبة لأمِّه، وثَّقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جمع من الثقات.
[35] رواه البغوي في معجم الصحابة (5/367) والطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (9/357) وفي مسند الشاميين (1/168-169) وابن بطة (كما في منهاج السنة 6/235) وأبونعيم في الحلية (8/275) من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، عن قيس بن الحارث، عن الصنابحي، عن أبي الدرداء.
وهذا سند صحيح، وقال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير قيس بن الحارث المذحجي، وهو ثقة.
[36] رواه أبوداود (4888) وأبويعلى (13/382) وابن حبان (13/72) والطبراني في الكبير (19/311 و379 رقم 702 و890) وفي مسند الشاميين (1/272) وأبونعيم في الحلية (6/118) والبيهقي في السنن (8/333) وفي شعب الإيمان (13/137 رقم 7051 و17/151 رقم 9212) وابن عبد البر في التمهيد (18/23) وغيرهم.
قال الإمام الألباني في ظِلال الجنة (2/510): "سنده صحيح"، وهو كما قال، وللمرفوع طرق أخرى.
[37] رواه معمر في الجامع (20717) -ومن طريقه ابن أبي الدنيا وابن أبي عاصم (1/378 مختصرا) والبغوي في المعجم (5/370) وابن عساكر (59/161)- عن الزهري به.
ورواه الخطيب (1/208) -ومن طريقه ابن عساكر- من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به.
ورواه ابن سعد (1/123 السلومي) من طريق صالح بن كيسان عن الزهري به.
ورواه عبد الملك بن حبيب في التاريخ (365 مدريد) من طريق عقيل بن خالد عن الزهري به.
وهذا سند صحيح، وقال الدارقطني في العلل (7/53): إنه محفوظ، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (10/149 مع الإصابة): وهذا الخبر من أصح ما يُروى من حديث ابن شهاب، رواه عنه معمر وأصحابه، وقال ابن تيمية في منهاج السنة (4/385): إن الحكاية معروفة عن المسور بن مخرمة.
قلت: وله طرق أخرى عند البلاذري في الأنساب (4/44 و56 بتحقيق العظم)
[38] وانظر الطحاوي (2/126) يخرَّج وهو في مسند الفاروق قاصر.
[39] وقال الشافعي إن معاوية رضي الله عنه له فقه وعلم. (الأم 4/87)، وعندما عدّ ابنُ حزم ترتيب المكثرين من الفتيا في الإسلام؛ جعل معاويةَ أحَدَ العشرين التالينَ للسبعة المُكثِرين من الصحابة. (تدريب الراوي 2/219 وقارن بالإحكام لابن حزم 2/86)
[40] فظهر بهذه الروايات النكارةُ البالغة للرواية المخالفة التي أوردها الطحاوي (1/289)، وقد تفرد بتلك اللفظة الموضوعة عبد الوهاب بن عطاء، وله مناكير، فلعل اللفظة أُدْخِلَتْ عليه من الرافضة، لأنها بهم أشبه، كما قال الإمام الشعبي رحمه الله.
[41] انظر حلم معاوية لابن أبي الدنيا (11) والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (1/379) والسنة للخلال (2/441-444) ومعجم البغوي (5/369) والطبقات لأبي عروبة الحراني (ص41) ومكارم الأخلاق للخرائطي (1/570) والمعجم الكبير (12/296) والأوسط للطبراني (7/31) وابن عدي (6/110) واللالكائي (8/1443) وابن عساكر (59/173) والسير (3/152) وغيرها.
قال ابن تيمية في منهاج السنة (4/444): "قولُه في مدح معاوية معروفٌ ثابتٌ عنه.." (فذَكرَه)، ونقله الذهبي في المنتقى من المنهاج (ص258)
[42] فهو من الأدلة التي تُكذِّب الحديث الموضوع: "إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه"! ويأتي كلام العلماء عليه.
[43] ونقل السخاوي عن شيخه ابن حجر قوله: "وقد كان تعظيم الصحابة -ولو كان اجتماعهم به صلى الله عليه وسلم قليلا- مُقرَّرا عند الخلفاء الراشدين وغيرهم.. [ثم ساق الخبر، وما زال الكلام لابن حجر:] فتوقف عمر عن معاتبته -فضلا عن معاقبته- لكونه عَلِمَ أنه لقيَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك أكبر شاهد على أنهم كانوا يعتقدون أن شأن الصحبة لا يعدله شيء، كما ثبت في حديث أبي سعيد الماضي".
[44] قلت: سأل الترمذيُّ شيخَه البخاري: يقولونَ لم يسمع الأعمشُ من مجاهد إلا أربعة أحاديث؟ قال: ريحٌ، ليس بشيء، لقد عددتُ له أحاديث كثيرة نحوا من ثلاثين -أو أقل أو أكثر- يقول فيها: حدثنا مجاهد. (علل الترمذي الكبير بترتيب أبي طالب القاضي ص388)
قلت: وروى العقيلي (1/165) وابن أبي خيثمة في تاريخه (2/206) عن الأعمش قال: كنا نأتي مجاهدا، فنمر بأبي صالح ولا نأخذ عنه.
واحتج برواية الأعمش عن مجاهد الشيخان، وابن الجارود، وابن حبان، والحاكم، والضياء في المختارة.
نعم، تكلم بعض الحفاظ في سماع الأعمش وروايته عن مجاهد، فيُحمل ذلك على ما أُنْكِرَ عليه، ولا شك أن الخطب في الآثار أهون من السنن، والله أعلم بالصواب.
[45] وهو شيعي، بل يعدُّه الرافضة من خواص أصحاب إمامهم جعفر بن محمد رحمه الله، ويوثقونه. (المعجم للخوئي 8/294)
[46] قلت: وابن بسطام ثقة، روى عنه تلميذه ابن حبان في صحيحه أحاديث، وأخذ عنه جماعةٌ من الحفاظ، وانظر ترجمته في الكتاب النافع "زوائد رجال صحيح ابن حبان على الكتب الستة" ليحيى بن عبد الله الشهري (2/818 رقم 183)، ويضاف لمصادره: التصحيفات للعسكري (1/268 و2/574) ومعجم الطبراني الأوسط (4/15 الحرمين) ومعجم شيوخ الإسماعيلي (2/619) والحلية لأبي نعيم (5/337) والرسالة المغنية في السكوت (10)
[47] طُبعت مؤخرا رسالة جامعية من إعداد إبراهيم بن يوسف الأقصم، بعنوان: الدولة الأموية في كتابات المسعودي، خلص فيها أن المسعودي يمثل وجهة نظر الخصم الشيعي في كتابة العهد الأموي، وأنه لم يكن حياديا ولا موضوعيا ولا منصفا، وأنه وقع في تناقضات عديدة، وأورد خرافات وموضوعات.
[48] ربما يستغرب القارئ مِن وجود ذي عقلٍ يَستشهدُ بهذا الصنف الأخير، ولكني رأيتُ بنفسي أحدَ أكذب وأوقح دُعاة الرفض -وهو المدعو محمد التِّيجاني السَّمَاوي- يَستدلُّ مِراراً وأمام الملأ بمسلسلات وتمثيليات مصرية، ويقول إنها حجة على أهل السُنَّة!! وإذا لم تستحِ فاصنعْ ما شئت.
[49] مثل ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه".
وهذا حديثٌ كذّبَه وأنكرَه سائرُ العلماء، منهم: أيوب السختياني (الكامل لابن عدي 5/101 وغيرُه)، والإمام أحمد (علل الخلال 138)، وأبوبكر بن أبي شيبة، ووأبوزرعة الرازي (الضعفاء 2/427)، وابن حبان في المجروحين (1/157 و250 و2/172)، وابن عدي (2/146 و209 و5/101 و200 و314 و7/83)، والذهبي في الميزان، وابن كثير في تاريخه (11/434)، وغيرهم من الحفاظ.
وقال الإمام البخاري بعد أن أعل أشهر طرقه: إن هذه الأحاديث ".. ليس لها أصول، ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرٌ على هذا النحو في أحدٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إنما يقولُه أهلُ الضَّعف". (التاريخ الأوسط 1/256)
وقال العقيلي (1/259): "ولا يصح من هذه المتون عن النبي عليه السلام شيءٌ من وجه يثبت".
وقال الجورقاني في الأباطيل (1/200): "هذا حديث موضوع باطل لا أصل له في الأحاديث، وليس هذا إلا من فعل المبتدعة الوضاعين؛ خذلهم الله في الدارَين، ومن اعتقد هذا وأمثالَه؛ أو خطر بباله أن هذا جرَى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو زنديقٌ خارجٌ من الدين".
وقال ابن تيمية في المنهاج (4/380): "وهو عند أهل المعرفة بالحديث كذبٌ موضوعٌ مُختلَقٌ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم".
وأطنب في تخريجه الحافظان ابن عساكر (59/155-158) وابن الجوزي في الموضوعات (2/24) وقالا إنه لا يصح من جميع طرقه، وقال الألباني: موضوع. (الضعيفة 4930)
مثال آخر: ذكر الخلال في العلل (رقم 134): "قال مُهنّا: سألتُ أحمد [يعني ابن حنبل] عن حديث الأعمش، عن أبي وائل، أن معاوية لعب بالأصنام! فقال: ما أغلَطَ أهلَ الكوفة على أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. ولم يُصَحِّح الحديث، وقال: تَكَلَّمَ به رجلٌ من الشيعة".
قلت: يعني وَضَعه، على أن الأعمش مدلس، ولم يصرّح بالسماع، وأهل العلم يُعِلُّون بمثل هذا، ولا سيما عند النكارة.
ونظيره -إن لم يكن أصله- ما تفرد بذكره ابن جرير في تهذيب الآثار (ص241 مسند علي) من طريق الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: كنت مع مسروق بالسلسلة، فمرت سفينة فيها أصنام ذهب وفضة، بعث بها معاوية إلى الهند تُباع!
قلت: وهذا ليس أحسن حالا من سابقه، وتفرُّدُ ابن جرير بهذا السياق بهذا السند منكر جدا، وأخشى أن يكون مدسوسا، فلم أقف عليه بتمامه في مكان آخر رغم التوسع، بل لم يورده الرافضة في كتبهم!
وقد يكون دخل عليه سياق في سياق، فروى ابن أبي شيبة (7/34) عن أبي معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، أنه مر عليه وهو بالسلسلة بتماثيل من صُفْر تُباع.
ليس فيه ذكر لمعاوية.
وروى بحشل الواسطي في تاريخه (37) من طريق حماد بن أبي أسامة، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: كنت مع مسروق بسلسلة واسط، فمرت سفن فيها هدايا إلى معاوية.
فهذا عكس السابق، وليس فيه ذكر للأصنام.
وعلى فرض ثبوته لأبي وائل؛ فلا يُدرى مَن الذي أخبر مسروقا ماذا بالسفينة، ولمن هي، وإلى أين تتجه؟ والظن أنه من بقايا المجوس والوثنيين، فلا يصدَّق على معاوية رضي الله عنه! ولا يَبعد أن
يكون المُخْبِر يقصد الافتراء على معاوية وإدخال التشنيع عليه، ومعلوم حال حديث جملة أهل الكوفة.
ولا سيما أن مسروقا كان لا يفتش أحدا على السلسلة، ويقول لمن مر به: إن كان لنا معك شيء فأعطناه. كما عند ابن أبي شيبة (3/196) وبحشل (37)
ثم.. ألم يجد معاوية سواحل يُرسل منها الأصنام إلا عبر مسافات داخل العراق؟!
والحاصل أن الخبر كذب على معاوية بلا شك.
وقال الواقدي: سبى عبد الله بن قيس بن مَخْلد الدِزَقي صقلية، فأصاب أصنام ذهب وفضة مكللة بالجواهر، فبعث بها إلى معاوية، فوجّه بها معاوية إلى البصرة لتُحمَل إلى الهند فتُباع هناك ليُثَمَّن بها. (فتوح البلدان للبلاذري ص278 وينظر الفتوح للواقدي)
الواقدي متروك، ولم يذكر له سندا، إلا أن في خبره دفعٌ للمعنى الذي يشتهيه القوم، وأن ذلك لو صح اجتهاد من معاوية لإصابة الأفضل لبيت مال المسلمين.
وانظر أمثالَه في علل الخلال بعدَه، وقد قال الحافظ ابن عساكر في تاريخه (1/365): "كان بين أهل الشام وأهل الكوفة إحن".
مثال آخر: وضع ابن المُطَهِّر الرافضي (منهاج الكرامة ص64) حديثا وهو: "يطلع عليكم رجل يموت على غير سنَّتي"، فطلع معاوية، وقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا، فأخذ معاوية بيد ابنه يزيد وخرج، ولم يسمع الخطبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله القائد والمقود، أيُّ يومٍ يكون للأمة مع معاوية ذي الإساءة"!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رده عليه (منهاج السنة 4/444): "هذا الحديث من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، ولا يوجد في شيء من دواوين الحديث التي يُرجع إليها في معرفة الحديث، ولا له إسناد معروف".
ومما يدل على أن واضِعَ الحديث رافضيٌ على غير السُنَّة والعقل: أن يَزيد وُلد سنة سبع وعشرين في خلافة عثمان! ومعاوية لم يتزوج إلا في خلافة عمر، رضي الله عن الجميع!
مثال آخر: زعم بعضهم أن معاوية أوعز للأشعث بن قيس إلى ابنته (وكانت تحت الحسن بن علي رضي الله عنهما) أن تضع السم لزوجها، وأنه مات بسبب ذلك!
وهذا باطل، فالأشعث توفي قبل الحسن بنحو عشر سنين، ثم إن بقاء الحسن كان فيه مصلحة لمعاوية، بخلاف أهل الفتنة من شيعة الكوفة، وتجد ذلك في الكلام على مسألة حُجر بن عدي، وقال ابن العربي عن الخبر إنه محال (العواصم 214)، وقال ابن تيمية: إن تسميم معاوية للحسن لم يثبت ببينةٍ شرعية، أو إقرارٍ معتبر، ولا نَقْلٍ يُجزَم به. (منهاج السنة 4/469)، وقال الذهبي: هذا شيء لم يصح، فمن الذي اطلع عليه؟ (تاريخ الإسلام حوادث سنة 41-60 ص40)، وقال ابن كثير: ليس بصحيح. (البداية والنهاية)، وجعله ابن خلدون مما وضعه الشيعة. (التاريخ 2/1139 وانظر: مواقف المعارضة في خلافة يزيد بن معاوية للأستاذ محمد بن عبد الهادي الشيباني ص120-125 وعنه الأخ الشيخ سليمان الخَراشي في كتابه: اتهامات لا تثبت ص165-174)
واعلم أنه لا يصح خبرٌ في موت الحسن بالسم، وكل ما روي في ذلك ضعيف جدا أو شديد الإعضال والانقطاع، أما ما وقع في مطبوعة معجم الطبراني الكبير (3/71 رقم 2694) من طريق يحيى بن بكير، عن شعبة، عن أبي بكر بن حفص: "أن سعدا والحسن بن علي رضي الله عنهم ماتا في زمن معاوية، فيرون أنه سَمَّه".
فزيادة "فيرون أنه سَمَّه" نبّه محقق المعجم أنها لم ترد إلا في (هامش!) نسخة واحدة، وخلت منها النسختان الأخريان، ثم قد رواه أبونعيم في معرفة الصحابة (2/658) وابن عساكر (13/299 و304 و20/370) وغيرهما من طرق عن ابن بكير بدون هذه الزيادة، فثبت أنها مقحمة لا أصل لها، وكان من الواجب عدم إثباتها في صلب الكتاب، فيتنبه لذلك.
وهذا شاهد على محاولات التحريف والدس من الرافضة في الكتب! علما بأن لبعض المتشيعة هوامش سخيفة على بعض نسخ المعجم الكبير، انظر مثلا (6/221 رقم 6063) منه.
مثال آخر: قال الطبراني في المعجم الكبير (7/289 رقم 7161) ومسند الشاميين (3/230 رقم 2147): حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا سعيد بن عفير، ثنا سعيد بن عبد الرحمن من ولد شداد بن أوس، عن أبيه، عن يعلى بن شداد بن أوس، عن أبيه، أنه دخلَ على معاويةَ وهو جالسٌ؛ وعمرو بن العاص على فراشه، فجلس شداد بينهما، وقال: هل تدريان ما يُجلسني بينكما؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأيتُموهُما جميعاً فَفَرِّقوا بينهما، فوالله ما اجتمعا إلا على غَدْرَة". فأَحْبَبْتُ أن أُفَرِّقَ بَينكُما!
قلت: هذا حديث موضوع، ورواه ابن عساكر (46/149) من طريق الطبراني، وقال: "سعيد بن عبد الرحمن وأبوه مجهولان، وسعيد بن كثير بن عفير وإن كان روى عنه البخاري فقد ضعَّفَه غيرُه". وأقره ابن حجر في اللسان (3/36)، وذكر الهيثمي في المجمع (7/248) أن فيه عبد الرحمن بن يعلى، ولم يعرفه.
ومثال أخير: حديث "اللهم أركسهما في الفتنة ركسا"، قال الحافظ محمد بن طاهر المقدسي: هو حديث رواه يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبي برزة الأسلمي، ويزيد هذا من أهل الكوفةكان الكَذّبة يلقنونه على وَفْق اعتقادهم فيتلقنها، ويحدّث بها ضعفة أئمة أهل النقل، وقد رُوي هذا الحديث عن طريق آخر نُسب فيه معاوية هذا، وأنه ابن التابوت.. ثم ختم بقوله: ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر أحدا من الصحابة إلا بخير. (كتاب السماع ص86)
[50] ولإعطاء مثال واقعي أوردُ كلام شيخي بالإجازة العلامة محمد بن الأمين بوخبزة الحَسَني الإدريسي حفظه الله، فقد أرسل إليّ ترجمتَه بخطه، وفيها صِلَتُه بشيخه الذي تتلمذ عليه وأصهر إليه: أحمد الصديق الغُماري عفا الله عنه، صاحب رسالة (فتح الملك العلي) المعتمدة عند الرافضة، وعنده تشيّع شديد فيما يتعلق ببعض الصحابة رضي الله عنهم جميعا (انظر كلام شيخنا سعد الحميّد في مختصر استدراك الذهبي على الحاكم 3/1407-1409)، ولعله لم يكن ممن فيه تشيعٌ أوسع اطلاعا منه في الحديث منذ قرون، فيقول الشيخ بوخبزة عنه: "..كما ندمتُ بالغ الندم، وتُبْتُ إلى الله منه لما طوّح بي إليه الشيخُ من التشيع المَقيت والرَّفْضِ المُرْدي، فتورَّطْتُ في الحَمْلة على كثيرٍ من الصحابة ولعْنِ بعضهم، كمعاوية، وأبيه، وعمرو بن العاص، وسَمُرة، وابن الزُّبَير، وغيرهم، متأثرا بما كنتُ أسمعُه مِرارا وأقرؤه من أحاديث؛ مما عمِلَتْ أيدي الروافض؛ كان الشيخ يُمليها علينا مبتهجا، مصرحا أنها أصح من الصحيح! فكنا نثقُ به ونطمئن إلى أحكامِه، ويحكمُ على كلِّ ما يُخالفُها من الأحاديث بأنها من وضع النَّواصِب!
ومن الطريف في هذا الباب أنه كان يُبغض الشامَ وأهلَه، ويَصِفُهم بالشؤم على الإسلام وأهلِه! ويُبطلُ ما ورد في فضله من أحاديثَ صحيحة! وظل كذلك إلى أن فرّ من المغرب إلى مِصر، ثم زار الشام، فأكرمَه أهلُها، وأقام له صُوفيَّتُها المآدب، فكتَبَ إلى أخيه السيد حسن يقول بأنه رجع عن اعتقاده في الشام وأهله، وأن ما ورد في ذلك صحيح"!!
قلت: وممن ذكر تراجع أحمد الغماري أحد أكبر تلامذته، وهو مجيزنا الشيخ عبد الله التليدي وفقه الله، كما في حاشية الأجوبة الصارفة للغماري (ص64)، وانظر مدى إعجاب الغماري بزيارته الشام في رسائله المسماة: دَرّ الغَمام الرقيق (ص190)، فتأمَّلْ هذه الأحكام على الأحاديث، وقِس على أمثالها!
[51] من مقدمته القيّمة للمجلد الرابع من التاريخ الإسلامي (ص46)، وانظر أيضا: الوثائق السياسية والإدارية العائدة للعهد الأموي، تأليف محمد ماهر حمادة (ص20)، وكتاب معاوية لمنير الغضبان (5)، ومقدمة الشيخ خالد الغيث لمرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري، وغيرها.
[52] وقد قال الإمام أحمد: يُروى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يمن على أهل دينه في رأس كل مائة سنة برجل من أهل بيتي يبين لهم أمر دينهم"، وإني نظرن في سنة مائة، فإذا رجل من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر بن عبد العزيز.. (حلية الأولياء 9/97-98)
فجعل عمر - وهو من بني أمية - من آل النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاوية أقرب منه نسبا، فضلا عن الصهر.
[53] انظر للاستزادة: ثقات ابن حبان (2/306) والمنتظم لابن الجوزي (5/71) والروضتين لأبي شامة (1/285) وبغية الطلب لابن العديم (2/829) ومجموع فتاوى ابن تيمية (4/516 و27/113 و128 و491 و493) وسير أعلام النبلاء (3/162 و4/73) والبداية والنهاية (11/459 -التركي) وطبقات الشافعية الكبرى (5/353) والنجوم الزاهرة (3/47) ومآثر الإنافة (1/122) والدارس (1/613) والإشارات إلى أماكن الزيارات لابن الحوراني (ص46) ومجلة المجمع العلمي بدمشق (15/466 و19/282 و565 و20/283 و22/282) ومشيدات دمشق ذات الأضرحة (ص209) ودار الحديث النورية لأبي الفَرَج الخطيب باعتناء وتتميم ابنه محمد مجير (203 و206 و207) ومنه استفدت الصور.
[54] انظر المقدمة الزَّهْرا للذهبي (ص98-103)
[55] قال الشافعي: "أفقهُهم وأعلمُهم في زمانه؛ وأعلمُهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابنُ شهاب الزهري". (الأم 7/321)
[56] رواه ابن أبي شيبة (15/303) عن عمر بن أيوب الموصلي، عن جعفر بن بُرقان، عن يزيد بن الأصم، عن علي، وسنده صحيح، وله طريقان آخران عن جعفر بنحوه عند الطبراني (19/307) وابن عساكر (59/139)
[57] علّق الكلاباذي قائلا: "هذا إلى كثير من الأخبار التي تدل على أن منازعتَهم الخلافة ومجاذبتَهم الولاية لم يؤدِّ بهم إلى التباغض، فدلَّ قولُه صلى الله عليه وسلم (لا تباغضوا) أي: لا تختلفوا في النِّحَل والآراء، ولا تَباينوا في المذاهب والأهواء فتَباغَضوا لها، لأن البدعة في الدين والضلالَ عن الصراط المستقيم يوجبُ البُغضَ فيه وتركَ المُوالاةِ فيه".
[58] ورواه الرافضة في كتبهم! كما في تهذيب الأحكام للطوسي (6/337) ووسائل الشيعة للعاملي (17/214) وغيرهما.
[59] ورواه ابن الفرضي في الألقاب (2/242 منتخبه) بسنده إلى أبي ميسرة.
[60] ذكره في التابعين: يحيى بن معين، والبخاري، وأبوحاتم، وخليفة بن خياط، وابن سعد في موضع، وابن حِبّان، والدارقطني، وغيرهم، وقال أبوأحمد العسكري: أكثر أهل الحديث لا يصححون له صحبة. وقال ابن الجوزي: لم يثبت له صُحبة. انظر تاريخ دمشق (12/210) والبداية والنهاية (11/228) والإصابة (2/217) والإنابة لمغلطاي (1/155)
[61] وكانت سياسة المغيرة رضي الله عنه مع أهل الكوفة العفو والمسامحة، كما قال جرير البجلي رضي الله عنه لأهل الكوفة يوم مات المغيرة: استعفوا لأميركم، فإنه كان يحب العفو. (البخاري رقم 58)، ومع ذلك فقد رسمت له روايات الشيعة والضعفاء صورة قاتمة!
[62] انظر: مسائل أحمد برواية ابنه صالح (751 الوطن) والبلاذري (4/242 و247 و261 و271) وتاريخ دمشق (12/214 و220 و224) ومرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري (403-440) وقد استفدتُ منه كثيرا.
[63] مثل حديث: "سيُقتل بعذراء أُناسُ يغضب الله لهم وأهلُ السماء"! وهذا باطل.
ومن القصص الباطلة: أن معاوية عزل المغيرةَ بن شُعبة بسبب حُجر عن الكوفة، وولى زيادا، والصحيح أن المعيرة بقي واليا حتى مات، ولم يُعزل.
وكذا أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: هل صلوا على حُجر ودفنوه في قيوده؟ قالوا: نعم. قال: حَجَّهم والله. مع أن الحسن توفي قبل الحادثة بالاتفاق!
وأن حُجرا قد عُرض عليه البراءةُ من عليٍّ ولعنُه! وهذا من رواية أبي مخنف، ولا يُحتج به.
وأن معاوية قال لما حضرته الوفاة: إن يومي بك يا حُجر بن علي يومٌ طويل! وهذا ضعيف السند.
وأن الحسن البصري كان يذم معاوية بسبب حُجر، وهو بسند شديد الضعف.
وغير ذلك، وإن التاريخ لَيَئنُّ من اختلاقات الشيعة، وتزويرهم للحقائق.
وانظر للفائدة: سلسلة الأحاديث الضعيفة (6324)
[64] وعُبيد الله ذكره ابن حبان وابن خلفون في الثقات، وروى عنه سفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية الفزاري، وعبد الواحد بن زياد، وإسماعيل بن زكريا، وعبدة بن سليمان، وأخرج له مسلم في صحيحه، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وأبوعوانة، وأبونعيم في مستخرجيهما، فمثله لا ينزل حديثه عن مرتبة الاحتجاج. (تهذيب الكمال 19/65 وإكمال مغلطاي 9/30)
[65] لم أنقل عنه احتجاجا به، ولكنه يروي بسنده من طريق كتب معروفة، ويستفيد منها الباحث.
[66] قلت: الراوي عن أبي أسامة عن مجالد ترجمتُه عزيزة، وهو أبوبكر يوسف بن محمد بن سابق، وثَّقه ابن حبان (9/282)، وروى عنه جمع، منهم الحافظان أبوحاتم الرازي والبزار، وذكر البيهقي في السنن (6/121) أنه يوسف بن محمد العصفري شيخ البخاري، والله أعلم بصحة هذا، والرجل لا بأس به إن شاء الله.
[67] يعني المُسْكِر، وهذا استطرادٌ من معاوية لا تعلق له بما قبله ولا بعده، وقال المعلق على المسند (38/26 الرسالة): "ولعله قال ذلك لِما رأى من الكَراهة والإنكار في وجه بُريدة، لظنِّه أنه شرابٌ محرم، والله أعلم".
قلت: هذا تجويزٌ من قائله، ولم يَرِدْ في شيء من مصادر الخبر نَقْلُ كراهية بريدة أو إنكاره، فضلا عن ردِّه وامتناعه عما ناوله معاوية، ولو كان بُريدة رضي الله عنه يظن ذلك لما جلس هذا المجلس، ولَنَقَلَ ابنُه استفهامَه على أقل تقدير، ثم إن مما يتبادر للذهن أن الشراب هو اللبن، بدليل أن معاوية في سنّه هذه لا يُفَضِّلُ عليه غيره؛ كما في آخر الخبر، والله تعالى أعلم.
إلا أن آخر ما يمكن أن يُفهم هو أن معاوية شَرِبَ الخمر!! كيف وهو ينص في الخبر ذاته على أنه لم يشربها قط! وأنَّه عَلِمَ النَّهْيَ عنه مِنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وروى عنه حديثَ جلد الشارب ثلاثا، ثم قتله في الرابعة، ومن شدَّته في مسألة المسكر أنه أمر بقتل السكران إذا قَتَل، مع أن بعضهم لا يوقعه.
والشاهدُ الذي أوردتُ الخبر لأجله: الجُملةُ الأخيرة من كلام معاوية، وبيانُ إكرام معاوية لإخوانه الصحابة، ووفادتهم عليه، رضي الله عنهم أجمعين، كما قصدتُ دفع الإيهام الذي قد يثيره بعضُ أهل الهوى؛ ممن تنقلب الفضائل في مخيلتهم إلى مثالب! وأطلتُ قليلا في هذا لأني رأيت بعضَ مُحْدَثي الرافضة النَّوْكى يحْرِفُ معنى الخَبَر، ويُحَمِّلُه ما لا يحتمل، مما هو ومشايخه أولى به.
[68] وقيل سنة ثمان وعشرين، وصححه ابن حجر (الفتح 11/76)، ونقل أقوالا أخرى، وانظر الأموال لأبي عبيد (406).
[69] قلت: وهذه صورة متكررة من أخلاق المسلمين، وأخلاق أعدائهم، والله غالبٌ على أمره، وانظر في وفاء معاوية عهوده مع الروم المصدر السابق (448) وهو في مصادر كثيرة.
[70] انظر التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر (4/100-109)
[71] وعبد الأعلى كنيته أبوعبد الرحمن: ذكره ابن حبان في الثقات (7/129) وفي مشاهير علماء الأمصار (1477) وروى عنه جعفر بن برقان، والأوزاعي، وعمرو بن الحارث، وعلي بن مجاهد، ومحمد بن الحسن الأسدي، وكان على خاتم مروان بن محمد، توفي قبل سنة 147 ترجمته في تاريخ دمشق (33/445)
[72] وقد كان بشر رحمه الله -وهو من سادات الزهاد والعُبّاد المتمسكين بالسُنَّة- يقول: أَوْثقُ عَملي في نفسي حُبُّ أصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
رواه أبونعيم في حلية الأولياء (8/338) بسند صحيح.
وروى الدينوري في المجالسة (5/412 رقم 2288) وابن عساكر () وابن قدامة في المتحابين في الله (9) عن بشر بن الحارث أن الفضيل بن عياض قال: بلغني أن الله تبترك وتعالى قد حجز التوبة عن كل صاحب بدعة، وشرُّ أهل البدع المُبغضون لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال بشر: ثم التفت إليَّ فقال لي: اجعل أوثق عملك عند الله حبَّك أصحابَ نبيِّه، فإنك لو قَدِمْتَ الموقف بمثل قراب الأرض ذنوبا غفرها الله لك، ولو جئت الموقف وفي قلبك مقياس ذرة بُغضاً لهم لما نفعك مع ذلك عمل.
وروى الدينوري (6/397 رقم 2816) ومن طريقه ابن عساكر (10/194) عن بشر بن الحارث قوله: نظرتُ في هذا الأمر، فوجدتُ لجميع الناس توبة إلا من تناول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله عز وجل حجز عنهم التوبة.
وروى ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل (1/69) أن سفيان بن سعيد الثوري أُصيب بأخ له يُسَمَّى عمر، وكان مُقَدَّماً، فلما سَوَّوْا عليه قبره قال: رحمك الله يا أخي، إنْ كُنْتَ لَسَليم الصَّدْرِ للسَّلَف..
وسنده صحيح أيضا.
[73] أما ما ذكره الإمام الألباني (الصحيحة 4/335) أن النسائي أخرج في الخصائص حديث الموالاة من طريق عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، عن سعد، فهذا ذهول منه رحمه الله، فإنما أخرج بهذه الطريق حديث راية خيبر.
وكذا وهم الألباني في تصحيحه إسناد ابن ماجه، وسبقه في ذلك ابن كثير، حيث قال عن إسناد الحسن بن عرفة: "إسناده حسن، ولم يخرِّجوه"، فقد أخرجه ابن ماجه، وحال الإسناد كما بيَّنتُ، ولعلهما مشيا على ظاهر ثقة رجال الإسناد.