طعن الهيتمي في إبن تيمية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه أجمعين، فإن من أعظمِ الفريات أن يأتوا بشبهة فيجعلون أنفسهم أول من أتى بها، ومن هؤلاء القوم هم الرافضة فقد أتت الرافضة بشبهةٍ سبقهم بها عُكاشة فأتت الصوفية بطعن " إبن حجر الهيتمي " وطعنهِ في شيخ الإسلام ابن تيمية وفي شيخ الإسلام تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية ابن القيم، حتى بدأ التطبيل وبدأ التكبير كأن الأمر جديدٌ يذكر، بل حتى شيءٌ يعتبرُ بهِ، فقبحَ الله الصوفية وقبح الله الرافضة وكلُ من صدق بما ياتي به هؤلاء القوم من الأكاذيب فما أبرعم في الكذب على المؤمنين.
ذكر الملا الهروي القاري في كتابه (جمع الوسائل في شرح الشمائل ج1 ص 168).
(قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ تَيْمِيَةَ: أَنَّهُ ذَكَرَ شَيْئًا بَدِيعًا، وَهُوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى رَبَّهُ وَاضِعًا يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ أَكْرَمَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِالْعَذَبَةِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَمْ نَجِدْ لِذَلِكَ أَصْلًا، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بَلْ هَذَا مِنْ قَبِيحِ رَأْيِهِمَا وَضَلَالِهِمَا إِذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَهَبَا إِلَيْهِ، وَأَطَالَا فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُ، وَالْحَطِّ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فِي نَفْيِهِمْ لَهُ، وَهُوَ إِثْبَاتُ الْجِهَةِ وَالْجِسْمِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَهُمَا فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنَ الْقَبَائِحِ، وَسُوءِ الِاعْتِقَادِ مَا تُصَمُّ عَنْهُ الْآذَانُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ، قَبَّحَهُمَا اللَّهُ وَقَبَّحَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا). فكما هي العادة تكذب الرافضة لتنقذ نفسها، وتخرجَ بما لا يمكنُ قبولهُ من هؤلاء، أولاً أشتمُ رائحة سرقة للشبهات من قبل الرافضة ولا أدري لماذا، ولكن هذه شبهة صوفية قديمة جداً يعرفها الطفل الصغير.
وقال الشيخ عثمان الخميس: وإبن حجر المكي من الاشاعرة أوالصوفية إن لم تخني ذاكرتي فكيف يأخذ قولهُ، في إبن تيمية رحمه الله تعالى ونقل ما قالهُ الآلوسي وسنبينهُ بإذن الله تعالى في كلامنا.
قال العلامة عبدالرؤوف المناوي الشافعي (أشعري) - 129 هـ - في [شرحه] بعد سوقه لكلام ابن حجر ما نصه: [فقول ابن حجر غير مستقيم، أما أولاً فلأنهما قالا: إن الرؤية المذكورة كانت في المنام، وهذه كتبهما حاضرة، وأما ثانياً فلأنا نؤمن بأن له يداً لا كيد المخلوق، فلا مانع من وضعها وضعاً لا يشبه وضع الخلوق، بل وضع يليق بجلاله، وعجبت من الشيخ ابن حجر كيف أنكر هذا مع وجود خبر الترمذي: أتاني ربي في أحسن صورة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا أدري! فوضع كفه بين كتفي، فوجدت بردها بين ثندوتي -أي ثديي- وتجلى لي علم كل شيء] اهـ.
قال العلامة المسند ابراهيم الكوراني الشافعي رحمه الله - 111 هـ - في كتابه [إفاضة العلام] فقال: (أما إثبات الجهة والجسمية المنسوب إليهما فقد تبين حاله، وأنهما لم يثبتا الجسمية أصلاً، بل صرحا بنفيها في غير ما موضع من تصانيفهما، ولم يثبتا الجهة على وجه يستلزم محذوراً، وإنما أقرا قوله تعالى: "استوى على العرش" على ظاهره الذي يليق بجلال ذات الله تعالى، لا الظاهر الذي هومن نعوت المخلوقين حتى يستلزم الجسمية، وأما قول العراقي لم نجد له أصلاً، ففيه أن ما ذكره ابن القيم ليس فيه أن ما عزاه لشيخه إبداء مناسبة منه بديعة لإرخاء العذبة فهمها مما هومنقول، وهوالحديث الذي أخرجه جماعة منهم أحمد والترمذي وغيرهما وصححوه: أن الله تجلى لي في أحسن صورة، وفي رواية: أتاني الليلة ربي في أحسن صورة -إلى أن قال- فوضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي .. الحديث. وإذا كان هذا فهمه منه، واستنباطاً لا نقلاً، لم يرد عليه قول العراقي: ولم نجد له أصلاً! فالمناسبة التي أبداها ابن تيمية مناسبة صحيحة غير مستلزمة للتجسيم، ولا مبنية عليه أصلاً كما ظنه ابن حجر، بل على صحة التجلي في المظهر مع التنزيه بليس كمثله شيء، وقد دل كلام ابن تيمية -عليه الرحمة- عموماً وخصوصاً على أن الحق سبحانه وتعالى يتجلى لما يشاء على أي وجه يشاء، مع التنزيه بليس كمثله شيء في كل حال، حتى في حال تجليه في المظهر، وهذا هوالغاية في الإيمان والعلم أيضاً] اهـ نقلا عن جلاء العينين للألوسي.
قال الامام المحقق محمد بن احمد السفاريني الحنبلي رحمه الله - 1188 هـ - في معرض اشارته لكلام الهيتمي: قلت: ورأيت بعض من أعمى الله بصيرته , وأفسد سريرته , وتشدق وصال , ولقلق في مقالته وقال هذا على اعتقاده , وأخذ في الحط على شيخ الإسلام وتلميذه , وزعم أنه نصر الحق في انتقاده , وهومع ذلك هوى في مهاوي هواه , وله ولهما موقف بين يدي الله , وحينئذ تنكشف الستور , ويظهر المستور. وأما أنا فلا أخوض في حق من سلف , وإن كانت مقالته أقرب إلى الضلال والتلف , لأن الناقد بصير. ولله عاقبة الأمور) كتابه: غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب ص 247. فرحم الله إبن تيمية رحمةً واسعة , وقد رد أهل العلم هذا الباب فأكثروا من رد دعاوي المنكرين , ورد دعاوي من زعم أن إبن تيمية رحمه الله تعالى من المجسمة.
قال الامام العلامة المحقق نعمان الالوسي رحمه الله - ت1317 هـ - في كتابه (جلاء العينين في محاكمة الأحمدين) ص 189، في معرض رده على ابن حجر الهيتمي فيما اتهم به شيخ الإسلام ابن تيمية من تهم - ومن ضمنها ما نقلته -: " إن هذا الكلام العاطل على حلى التحقيق؛ يتلوعنده كل عقل سليم: سبحانك هذا بهتان عظيم، لأن عقيدة هذا الشيخ الجليل مشهورة لدى كل قبيل، ومسطورة في تأليفاته الشهيرة، وتصنيفاته وفتاويه الوفيرة، وهوالذي رد أصحابها من أهل الزيغ والضلال كالمجسمة وغلاة الصوفية والفلاسفة الجهال .... "ثم أخذ يرد عليه اتهاماته حتي قال في ص 379: قوله:" وإن العالم قديم بالنوع ولم يزل مع الله تعالى مخلوقا دائما. فجعله موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار "
أقول - اي العلامة الألوسي -: .... ونسبه الملا جلال الدواني للشيخ ابن تيمية في (العرش) وحاشاه من القول بذلك، بل هوقول مفترى، عامل الله تعالى من افتراه بعدله. وكيف يتخيل عاقل أويظن جاهل فضلا عن فاضل، أن الشيخ ابن تيمية يقول ذلك ويسلك أخوف المسالك: وهذه ترجمته قد سطرتها المؤرخون، وسيرته حررتها العلماء العاملون، وأعظم شاهد تآليفه وعقائده المنشورات في الأنام، وتأييده للكتاب وسنة خير الأنام عليه أفضل السلام. وله في العقائد كتب مبسوطة، وفي رد الفلاسفة والدهرية والمبتدعة تصنيفات مقبولة مغبوطة. ولعمري إن الشيخ ابن حجر حرر هذا من غير تثبت واحتياط، ولا يقدر أن يصحح ما رواه عنه حتى يلج الجمل في سم الخياط.) اهـ.
العلامة محمد بن سليمان الفقيه المالكي. رحمه الله ت 135 هـ. حيث قال: (وأما ماعوى به ابن حجر المكي في كتابه الجوهر المنظم وشرحه لمناسك النووي وكتابه الفتاوى الحديثية من التشنيع والحط على شيخ الإسلام ابن تيمية فقد راينا اولا ان نطوي الكشح ونلوي عنان القلم عما نبح به لأنه اشبه بكلام الرافضة في حق الشيخين أبي بكر وعمروأين ابن حجر من شيخ الإسلام حتى يقبل طعنه فيه فلووزن بينه وبين شيخ الإسلام وجدنا الفرق كما بين السماء والارض، وكما بين الثرى والثريا، وكما بين حب اللؤلؤ والذرة، ولما رأينا بعض الناس الجاهلين الاغبياءقد قلدوا ابن حجر في هذيانه رأينا ان نتكلم على بعض ما قاله في بعض حق هذا الإمام فنقول:
أولا: ما طعن ابن حجر على شيخ الإسلام فهومعارض بمدح الأئمة الأعلام الذين عاصروا شيخ الإسلام وغيرهم من المتقدمين قبل ابن حجر المكي وأما في زمننا وقبله فخلق لايحصون ..
ثانيا: ان ابن حجر لم يعز ماقاله إلى كتاب من كتب شيخ الإسلام والذي يظهر لي انه لم يرى منها كتابا واحدا وإلا لوراى لاستحى من الله ان يقول ماقال اللهم إلا ان يكون قد غلبه التعصب والعناد وهل يليق برجل ينتسب إلى العلم يستحل الخوض في اعراض ائمة الهدى من غير ان يعزي ما قاله على كتاب من كتبهم بل كتبهم على خلاف ما قال هذا المفتري!!.
ثالثا: ان ابن حجر وامثاله ممن طعن في شيخ الإسلام لايقبل طعنهم فيه لانهم جاهلون بشهادتهم على انفسهم انهم مقلدون مُحرمون على انفسهم وعلى الناس الاستهداء بالكتاب والسنة مقرون على انفسهم أنهم لايفهمون معاني الكتاب والسنة ولاقدرة لهم على استنباط الاحكام من الأدلة وأما شيخ الإسلام فقد شهد له بالاجتهاد المطلق وان شروط الآجتهاد قد توفرت فيه واستجمعها سبعون مجتهدا في زمانه فكيف يليق بالجاهل العاجز عن فهم النصوص ان يقع في عرض إمام مجتهد كتبه تشهد له بالفضل الذي لم يشاركه فيها الإ القليل من الناس، ومالك يابن حجر وما لهذا الإمام أشفق على نفسك وأرحها من العناء فشيخ الإسلام لايحط من قدره ماهذيت به .. (اتتهى كلامه رحمه الله) (الكشف المبدي تكملة الصارم المنكي ص19). فما للطاعنين في إبن تيمية من حجة تقام ....
كتبهُ / أهل الحديث.