الرافضة وفرقهم القديمة والحديثة
أولاً: من هم الرافضة
رفض: الرفض تركك الشيء تقول: رفضني فرفضته، رفضت الشيء أرفضه وأرفضه رفضاً ورفضناً: تركته وفرقته.
قال الجوهري: الرفض: الترك وقد رفضه يرفضه ويرفضه والرفض: الشيء اتفرق والجمع أرفاض.
الروافض: جنود تركوا قائدهم وانصرفوا فكل طائفة منهم رافضة والنسبة إليهم رافضي. والروافض: قوم من الشيعة سموا بذلك لأنهم تركوا زيد بن علي؛ قال الأصمعى: كانوا بايعوه ثم قالوا له: إبرأ من الشيخين نقاتل معك فأبى وقال كانا وزيري جدي فلا أبرأ منهما فرفضوه وأرفضوا عنه فسموا رافضة وقالوا الروافض ولم يقولوا الرفاض لأنهم عنوا الجماعات (1).
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: سألت أبي من الرافضة؟ فقال الذين يشتمون أويسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما (2)
يقول الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي في مقدمته على كتاب الإمامة والرد على الرافضة. الرافضة: اسم يطلق على كل من تبرأ من الشيخين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وكذلك على كل من تبرأ من الصحابة.
ويقول: وعلى هذا فالرافضة: هم كل من تبرأ من الصحابة وسبهم وشتمهم ومن باب أوى حكم بكفرهم كما يقول ابن حزم (3)
ويدخل في الصحابة رضي الله عنهم أمهات المؤمنين زوجات الرسول ((صلعم)) حيث إن عقيدتهم هذه كانت في بدايتها تفضيل علي رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه ثم زين لهم الشيطان تفضيل علي على باقي الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ثم بعد تكفيرهم والبراءة منهم ومن باقي الصحابة وجرهم ذلك إلى زوجات الرسول ((صلعم)) ثم سبعهم جميعاً ثم سب الأمويين ثم العباسيين ثم الأمة جميعاً ممن هوعلى غير مذهبهم فهم يعتقدون أن كل من لم يتبرأ من ؤلاء فهومنهم وبذلك يكون عدواً لهم ولآل بيت النبي ((صلعم)).
ثانياً: فرق الرافضة:
__________
(1) ابن منظور (63. - 711هـ)، لسان العرب، بيروت، دار إحياء التراث العربي 5/ 266.
(2) ابن تيمية (661 - 728هـ) الصارم المسلول في الرد على شاتم الرسول، تحقيق محمد محيي الدين، 567 ..
(3) الأصبهاني أبونعيم (336 - 43.)، الإمامة والرد على الرافضة، تحقيق علي محمد ناصر الفقيهي، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم، 23.
ربما يقرأ الكثير من المسلمين التاريخ الإسلامي وتمر عليه أسماء فرق ودويلات ولا يعرف أن معظم هذه الفرق والدويلات هي من الرافضة وذلك لعدم إيضاح ذلك من قبل كثير من الذين كتبوا التاريخ الإسلامي، ولجهل القارئ المسلم بالفرق وأصولها ومعتقداتها. لذا كان لزاماً علينا في مثل هذا البحث أن نعطي صورة مختصرة واضحة عن فرق الرافضة ومسمياتها حتى يعرف المسلمين من هم عندما يمرون على هذه المسميات في بطون الكتب والصحف والأعلام في الماضي والحاضر.
تجتمع كل فرق الرافضة في الوقت الحاضر تحت قسمي الشيعة وتحاول كل فرقة أن لا تتمسك باسمها الأصلي، هذه التسمية في بداياتها الأولى، كانت يعنى بها هم الذين شايعوا علياً رضي الله عنه وقالوا بإمامته وخلافته، ولم تكن فيها عقيدة البراءة من الشيخين وزوجات النبي ((صلعم)) وباقي الصحابة. ولكن أصبح اسم الشيعة يضم تحت لوائه جميع فرق الرافضة على اختلاف معتقداتهم فهم يستترون تحت هذا الاسم بالرغم من تعدد فرقهم ويجتمعون على عدة أمور:
1 - الإيمان بأن الإمامة بعد رسول الله ((صلعم)) نص إلهي وتنحصر في وصية النبي ((صلعم)) بها لعلي بن أبي طالب وهي لا تخرج من أولاده وإن خرجت فبظلم من غيره أو
2 - اعتقاد عصمة الأئمة بعد رسول الله ((صلعم)) على اختلافهم في عددهم وأعيانهم.
3 - البراءة من الصحابة وزوجات الرسول ((صلعم)) والاعتقاد أنهم اغتصبوا الخلافة من آل بيت النبي ((صلعم)) وعدم صحة خلافة الشيخين، إلا قليلاً من قالوا بصحة خلافتهما ولكن علياً فضل منهما.
4 - العمل بالتقية مع جميع طوائف المسلمين بحيث يظهرون لهم عكس ما يبطنون.
5 - أصبحت قصة قتل الحسين رضي الله عنه مظلوماً عليها مدار فرق الشيعة فأقاموا على أساسها مشاهد وعبادات ومناسبات لم تكن عند الأوائل منهم.
يقول إحسان إلهي ظهير رحمة الله: إن سبب تشيعهم أنهم رأوا أن الدم الذي يجري في عروق علي بن الحسين وفي أولاده دم إيراني من قبل أمه شهر بانوإبنة يزدجرد ملك إيران من سلالة الساسانيين المقدسين عندهم، ففي تشيعهم لآل البيت إحياء لعقيدة المجوس، ووقوفهم مع الحسين بن علي رضي الله عنه نابع من عصبيتهم الفارسية لأولاد شهرباتوالساسانية (1)
يقول الشهرستاني في الملل والنحل: وهم خمس فرق: كيسانية وزيدية وإمامية وغلاة وإسماعيلية.
يقول الشهرستاني في الملل والنحل: وهم خمس فرق كيسانية وزيدية وإمامية وغلاة وإسماعيلية (2)
وقد وصفهم الإسفرايين كلهم بالرافضة في كتابه الفرق بين الفرق وعدتهم عشرون فرقة من فرق الإسلام منها ثلاثة زيدية، وفرقتان في الكيسانية وخمس عشرة فرقة من الإمامية.
فقال: وأما الروافض فإن السيئة منهم أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فقال بعضهم لعلي أنت الإله فأحرق علي قوماً منهم ونفي ابن سبأ إلها ساباط المدائن وهذه الفرقة ليست من فرق أمة الإسلام لتسميتهم علياً إلها. وقال ثم افترقت الرافضة بعد زمان علي رضي الله عنه إلى أربعة أصناف: زيدية وإمامية وكيسانية وغلاة. وافترقت الزيدية فرقاً والإمامية فرقاً والغلاة فرقاً؛ كل فرقة منها تكفر سائرها.
وقال: فإما الزيدية من الرافضة فمعظمها ثلاث فرق: الجارودية والسليمانية، وقد يقال الجريرية، والتبرية وهذه الفرق الثلاث يجمعها القول بإمامة علي بن الحسن رضي الله عنه في زمن هشام بن عبد الملك.
- والكيسانية منهم فرق كثيرة يرجع محصلها إلى فرقتين إحداها تزعم أن محمداً بن الحنفية حي لم يمت وهم في انتظاره ويزعمون أنه المهدي المنتظر، والفرقة الثانية منهم يقرون بإمامته في وقته وينقلون الإمامة بعد موته إلى غيره.
__________
(1) انظر إحسان إلهي ظهير، الشيعة والسنة، 49.
(2) الشهرستاني، أبوالفتح محمد عبد الكريم، الملل والنحل، بيروت، دار المعرفة 1/ 224، 2/ 1.
- وأما الإمامية: فإنها خمس عشرة فرقة وهي المحمدية، والباقرية، والناووسية، والشمطية والعمادية والإسماعيلية، والمباركية، والموسوية، والقطعية، والإثنا عشرية، والهشامية، الزرارية، واليونسية، والشيطانية، والكاملية.
- وأما الغلاة: منهم البيانية، والمغيرية والجناحية، والمنصورية، والخطابية، والحلولية وقال عن الغلاة فما هم من فرق الإسلام وإن كانوا منتسبين إليه (1)
وهذه معظم فرقهم التي ذكرها علماء المسلمين الذين كتبوا في الفرق وأصولها وعقائدها ولكن هذه الفرق لم تبق على مسمياتها الأصلية فبعضها تغيرت أسماؤها وبعضها انصهرت تحت مسمى الشيعة، ولما عم الجهل معظم أتباع هذه الفرق أخذت بعضها من أفكار بعض فاختلطت عقائدهم مع بعضها حتى أصبح من الصعب التمييز بينها حتى عند اتباعها واتبع أغلبهم الإمامية على اختلاف فرقها وكلهم يحاولون الابتعاد عن مسمياتهم الأصلية ويحاولون جمع كلمتهم تحت مسمى الشيعة ويتغطون بغطاء حب آل البيت وموالاتهم.
ويجد القارئ في صفحات التاريخ الإسلامي كثيراً من أسماء الدويلات والجماعات يمر عليها القارئ ولا يعلم أنها تعود إلى هذه الفرق وتحمل عقائدها ولكن تحمل أسماءً أخرى غير أسمائها. فأغلب الدويلات التي انفصلت عن الدولة العباسية ينادون بالتشيع لآل البيت. فعلى القارئ المسلم أن ينتبه عندما تمر عليه بعض الأسماء فهي صورة الرافضة وجميعها تحمل عقائدهم وإن لم تنتسب إلى فرقة من فرقها بالإضافة إلى عقائد أخرى جاءتها من الديانة اليهودية والديانات الفارسية. ومنها:
- القرامطة - البويهيون - العبيديون - الصفويون - البهائيون - البابيون - النصيريون - الحشاشون - الإسماعيليون - الباطنيون - والملاحدة - والزنادقة ومنهم في الوقت الحاضر.
- حزب الله في لبنان والعراق
__________
(1) الأسفراييني، عبد القاهر بن طاهر بن محمد (ت 429هـ)، الفرق بين الفرق، القاهرة، دار التراث، 41 - 43.
- المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بقيادة عائلة الحكيم.
- وقوات بدر التي تتبع إلى المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.
- وحزب الدعوة في العراق بقيادة إبراهيم الجعفري.
- وجيش المهدي في العراق بقيادة عائلة الصدر.
- والائتلاف العراقي الموحد الذي يضم عشرات الأحزاب الشيعية والعلمانية من الشيعة الذي أيده آية الله السيستاني أكبر علماء الرافضة في النجف.
- ومنهم الدروز في سوريا ولبنان.
- وحركة أمل في لبنان.
- والنصيريون في سوريا الذين بدلوا اسمم إلى العلويين.
- والهازارا متمثلين في حزب الوحدة في أفغانستان.
- وطائفة البهرة الذين انقسموا من الإسماعيلية ويسمون بالطيبية وهم اليوم في اليمين والهند وباكستان (1)
- وجماعة الخالصي في ديالي بالعراق.
- وجماعة جيش المهدي وجماعة الخالص هم الوحيدون الذين لم يؤيدوا الاحتلال الأمريكي للعراق. وهم يؤمنون بالمقاومة السلمية للاحتلال. وقد قاومت جماعة جيش المهدي لعدة أيام في العراق ثم سلمت سلاحها إلى القوات الأمريكية لقاء مبالغ من المال واتجهت إلى المقاومة السلمية. أما جماعة حزب الله في لبنان فهي الوحيدة التي قاومت الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان.
أما باقي الجماعات والأحزاب فقد وقفت يداً بيد مع اليهود والنصارى والمحتلين ضد أبناء جلدتها، بالسلاح والقول والعمل كعملاء وجواسيس وقام رؤوسهم وأصحاب العمائم فيهم بتقبيل (برايمر) الحاكم العسكري الأمريكي في العراق أمام شاشات التلفزيون والصحافة ووصف أمريكا وحلفائها أنها جيش تحرير العراق من حكم السنة العلمانيين.
يقول طه الولي في كتابه القراطمة أول حركة اشتراكية في الإسلام:
__________
(1) حسن إبراهيم، تاريخ الإسلام، بيروت، دار إحياء التراث، 4/ 279، طه الولي، القراطمة ص 35.
وجدير بالذكر أن أصحاب نظرية الإمامة كانوا على مدى التاريخ الإسلامي يلتزمون جانب المعارضة للحكومات الإسلامية ويقصرون نشاطهم في السر أوفي العلانية وفقاً للظروف المحيطة بهم على مقاومة هذه الحكومات من أجل إسقاطها والحلول محلها ولم يفكروا في أي وقت من الأوقات بمقاومة الحكومات الأجنبية أوردها عن حياض الوطن الذي كان يتعرض لعدوان هذه الحكومات بين الحين والآخر. وتحت تأثير هاجس الوصول إلى السلطة والحكم باسم آل البيت، تسبب أصحاب هذه النظرية بانقسام العالم الإسلامي بينهم وبين أهل السنة والجماعة الذين لا يرون رأيهم مما أتاح للغرب الصليبي والشرق المغولي الوثوب على الإسلام في عقر داره واحتلال أجزاء كبيرة من أقطار المسلمين أكثر من مرة على مر العصور (1)
لهذا تم تلخيص تاريخ أصحاب نظرية الإمامة وموقفهم من الإسلام وديار المسلمين عند مداهمتها من قبل أعدائها.
__________
(1) --- الولي، القرامطة أول حركة اشتراكية في الإسلام، بيروت، دار العلم للملايين 13..
ونحن نضيف على هذا الكلام ونقول أنهم لم يلتزموا حتى جانب الحياد بين المسلمين والكفار قبل دخول الكفار إليها وبعد دخولهم بل قاموا بمكاتبة الكفار وترغيبهم بدخول ديار المسلمين والاستيلاء عليها وكتبوا لهم بأخبار المسلمين وكانوا عيوناً للكفار على المسلمين فتحوا لهم أبواب الحصون وكانوا لهم بمثابة الحمير يركبونهم فيدلونهم على الطريق ويعيثون في بلاد الإسلام فساداً بمساعدتهم ثم يقومون بعد دخولهم بوضع أيديهم بأيدي الكفار لقتل المسلمين في ديارهم لا يفرقون في ذلك بين صغير أوكبير أوشيخ أوامرأة وأول ما يقومون به قتل العلماء والدعاة إلى الله من أهل السنة واغتصاب أموالهم والاستيلاء على مساجدهم وجعلها مراكز لتدريس خرافاتهم وبدعهم وحرق المكتبات التي تحتوي على العلم الشرعي من أجل القضاء على كل أثر من آثار القرون الأولى التي شهد لها سيدنا رسول الله ((صلعم)) لخيريه. ثم بعد استقرار الأمور للكفار في بلاد المسلمين يقومون بالعمل خدماً في معسكراتهم ولا يقتصر ذلك على الرجال بل يتعداه إلى نسائهم اللاتي تعمل الكثيرات منهن خادمات عندهم. ثم يكونون عيوناً لهم على المسلمين الذين يقومون بدفعهم لمحاولة إخراجهم من بلاد المسلمين، فمنهم من يعاونهم سراً ومنهم من يعاونهم علناً، كل حسب طاقته والظروف المحيطة به. وكلما طال عليهم الأمد ازدادت معاونتهم للكفار ومذلاتهم للمسلمين فقد وصلت معاونتهم لهم أوجها عند سقوط بغداد الثاني على أيد الأمريكان.