سؤال حول علي بن أبي طالب رضي الله عنه
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الشيخ الفاضل فيصل نور سؤالي هو حول علي بن أبي طالب فالمتتبع للروايات التاريخية الصحيحة، يجد أن علي بن بي طالب كانت له تصرفات هي السبب الرئيسي حول الكثير من الفتن التي حدثت، بعضها فتن بسيطة قضي عليها في حينها، و بعضها فتن عظيمة أهرقت دماء المسلمين و شتت شملهم و كلا النوعين من الفتن تم إستغلالهم للمبالغة و المغالاة فيما بعد منها عدم مبايعته الفورية لأبي بكر رضي الله عنه، مسببا بذلك إنقساما – لم يدم – بين الصحابة بسبب حكمة أبي بكر رضي الله عنه و من حوله من كبار الصحابة بالرغم من أن شخصا مثله كان يجدر به أن يفكر في تبعات تصرفه هذا و ما سيجلب من إنقسام بين صفوف المسلمين، و كذلك إمتعاضه من بيعة أبي بكر رضي الله عنه و دفنه للزهراء دون أن يجمع المسلمين للصلاة عليها، و كأنه بذلك يعلن عن نفوره من كبار الصحابة رضي الله عنهم و كذلك لا ننسى تمنعه عن تأدية حق معاوية رضي الله عنه في تسليمه قتلة عثمان، و هو أمر لا يجهل حتى الجاهل أنه سبب عظيم في إثارة فتنة بين المسلمين، فكيف بمن هو في مكانة علي بن أبي طالب؟ و أحدها هو عدم قتله لرجل كفر كفرا أكبرا مخرجا من الملة عيانا بيانا و هو عبد الله بن سبأ عندما قال له أنت الله، فلم يقم الحد الشرعي عليه، و إنما إكتفى بنفيه، و كأنه ينقل الفتنة من مكان إلى مكان آخر فقط! بإختصار، لو تتبعنا الكثير من الأحداث التي كانت هي الشرارة التي استخدمها المبتدعون ليشعلوا منها نيرانا عظيمة، سنجد أن الذي افتعلها هو علي بن أبي طالب فما قولكم في هذا الرجل – بعيدا عن العواطف؟
الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب اللعالمين. لا شك في فساد هذا القول وضلال قائله. ومنشأ الخطأ هو القول (فالمتتبع للروايات التاريخية الصحيحة..ألخ ). الأمثلة المذكورة وغيرها لا تخرج عن كون بعضها ضعيفه في ذاتها وأخرى غير صريحه على بيان المقصود. ولا يتسع المجال هنا للإسهاب في توضيح ذلك. وبإيجاز شديد، فأمير المؤمنين علي قد بايع الصديق رضي الله عنهما في اليوم الأول ثم جدد البيعة بعد ستة أشهر كما هو مفصل في مظانه. أما دفن فاطمة رضي الله عنها فقد كان في الليل، وذكر البعض أن ذلك بوصية منها، زيادة في الستر، وقد صلى عليها بعض الصحابة رضي الله عنهم، وهي من فروض الكفاية. وكانت أسماء بنت عميس رضي الله عنها زوج الصديق ممن غسلنها وجهزنها للدفن، فلا يستقيم القول بخفاء موتها عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فضلاً عن ثبوت عدم صلاته. ومن أراد ربط هذه القصة بمسألة خلافها مع الصديق في شأن الميراث، فليعلم أن بعض مصادر الشيعة وكذلك السنة قد ذكرت أنها رضيت عنه قبل موتها، وقد ذكرنا شيء من هذا في جواب سابق، فدل ذلك على فساد القول بأن علة دفنها نفور علي من كبار الصحابة رضي الله عنهم كما ورد في السؤال. أما القول بتمنعه في تأدية حق معاوية، فهو قول باطل ، فأمير المؤمنين علي رضي الله عنه كان مصيباً في فعله بعيد النظر فيه، فقد كانت الأمور خارجة عن السيطرة، وقد قال رضي الله عنه كما في نهج البلاغة وقد قال له قوم من الصحابة لو عاقبت قوما ممن أجلب على عثمان ؟ فقال عليه السلام : يا إخوتاه إني لست أجهل ما تعلمون ، ولكن كيف لي بقوة والقوم المجلبون على حد شوكتهم ، يملكوننا ولا نملكهم. وأنظر أيضا نهج البلاغة (من كلامه عليه السلام قاله لما اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومة). فلم يكن من المناسب الكلام في تسليم قتلة عثمان رضي الله عنه في تلك الظروف فقد كان وراء القتلة قبائل تدافع عنهم، وكان رأي علي رضي الله عنه أن تستقر الأمور أولاً ثم البت في مسألة القصاص من قتله عثمان رضي الله عنه، وهو الأمر الذي لم يراه معاوية. أما القول في عبدالله بن سبأ والسبأية فمختصره أن أمير المؤمنين رضي الله عنه أحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنهما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه ، لاسيما و هو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام .وذكر البعض أنه حرقه وقال في ذلك الشعر المعروف:لما رأيــتُ الأمــرَ أمـراً منكـراً *أجَجْتُ ناري ودعوتُ قنبرا. ولعل هذا القول أصح ويشهد له ما جاء في صحيح البخاري: عن عكرمة قال: أُتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال: (لوكنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تعذبوا بعذاب الله. ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه هوآله وسلم : من بدل دينه فاقتلوه. والسلام.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video